الجبير يُهدّد بالرّد على الإرهاب الإيراني في المَكان والزّمان المُلائِمين.. هل باتَ هذا الرّد وشيكًا بعد صاروخ الرّياض؟

بالعربي: شدّدت المملكة العربيّة السعوديّة فَجر اليوم الحِصار على اليمن، وقرّرت إغلاق جميع منافذه الحُدوديّة البريّة والبحريّة والجويّة، كردٍّ على الصّاروخ الباليستي (البركان إتش 2) الذي أطلقه تيّار "أنصار الله" الحوثي على مطار الملك خالد في الرّياض، وجَرى اعتراضه بمَنظومة صواريخ “باتريوت” الدفاعيّة.

الحُجّة التي استخدمتها المملكة في تبرير هذا الإغلاق الذي سيتضرّر من جرّائه أكثر من 20 مليون يمني، هو مَنع تهريب صواريخ إيرانيّة الصّنع إلى الحوثيين، واستخدامها بالتّالي لقَصف أهداف في العُمق السّعودي.

هذا النّوع من الصّواريخ الذي يَزيد طُوله عن ثلاثةِ أمتارٍ من الصّعب تهريبه جوًّا لأن جميع الطائرات التي يَسمح لها بالطيران إلى اليمن تَخضع لتفتيش قوّات التّحالف السعودي، والشيء نفسه يُقال عن الموانِئ البحريّة تقريبًا، والمنافد البريّة اليمنيّة الرسميّة.

الحوثيون يقولون أنّهم يَملكون الخُبرات التقنيّة التي تُؤهّلهم لتصنيع هذه الصواريخ مَحليًّا، على غِرار ما تَفعله حركة “حماس″ في قِطاع غزّة، ولكنّهم لا يًنفون تلقّي تدريباتٍ إيرانيّة في هذا المِضمار.

الحُدود البريّة اليمنيّة السعوديّة يزيد طُولها عن 1400 كيلومتر، ومُضافًا إلى حدود يمنيّة بحريّة مُماثلة، على بحر العرب والبحر الأحمر، ممّا يَجعل مُراقبتها من الأُمور الصّعبة، بل والمُستحيلة أيضًا.

الصّاروخ الذي أطلقه الحوثيون يوم السبت الماضي ووصل إلى مطار الرياض، يُشكّل نُقطةَ تحوّلٍ رئيسيّةٍ في الحرب اليمنيّة، صحيح أنّه لم يُعطّل المِلاحة الجويّة إلا لبِضعة ساعات، ولكنّه أحدث حالةً من الهَلع في أوساط سُكّان العاصمة، وأثار العديد من التساؤلات حول كيفيّة قَطعه ألف كيلومتر في الأجواء السعوديّة ووصوله إلى هدفه دون أن يتم اعتراضه مُبكرًا.

السيد عادل الجبير، وزير الخارجيّة السعودي، قال في تغريداتٍ له على شبكة “التويتر” “أن الإرهاب الإيراني يَستمر في ترويع الآمنين وقتل الأطفال وانتهاك القانون الدّولي، وكُل يوم يتّضح أن ميليشيات الحوثي أداة إرهابيّة لتدمير اليمن”، وأضاف “أن المملكة تحتفظ بحَق الرّد على إيران في المَكان والزّمان المُناسبين”.

تشديد الحِصار البرّي والبَحري والجوّي على اليمن قد لا يَمنع تهريب الصواريخ إلى الحوثيين وحَليفهم الرئيس علي عبد الله صالح، ولكنّه سيُلحق أضرارًا كبيرةً بالمُواطنين اليَمنيين الذين يزيد تعدادهم عن عشرين مليون نسمة يُعاني 17 مليون منهم من الجوع، أو سوء التغذية، وتناول وجبة واحدة في اليوم، وتنتشر في أوساطهم الأوبئة مثل الكوليرا، كما أن رصد 400 مليون دولار مُكافآت لكل من يُقدّم معلوماتٍ تُؤدّي إلى اعتقال عبد الملك الحوثي وصالح الصماد، وباقي أفراد قيادة الحوثيين ربّما لن يُفيد ويُعطي نتائجه، لأن هؤلاء يتواجدون في صعدة وعُنوانهم مَعروف، وليس مثل الشيخ أسامة بن لادن، أو نائبه الدكتور الظواهري يَعيشون في أماكن مجهولة.

الحوثيون يقولون أن من حقّهم إطلاق هذهِ الصّواريخ كردٍّ على غارات طائرات “عاصفة الحزم” التي تَقصف المُدن اليمنيّة مُنذ ثلاثة أعوام تقريبًا دون توقّف، وأدّت إلى مًقتل أكثر من عشرة آلاف يمني، مُعظمهم من المَدنيين، ونسبة عالية منهم من الأطفال والنساء، وأن الطّريق الوحيد لوَقفها، أي الصّواريخ، هو وَقف الحَرب وغارات التّحالف.

اليمن تحوّل إلى ساحةِ حربٍ بالإنابة بين السعوديّة وحُلفائها من ناحية، وإيران وحُلفائها من ناحيةٍ أُخرى، ولا نَستبعد أن تَنقلب هذهِ الحَرب غير المُباشرة إلى حربٍ مُباشرة، ولا نَعرف متى، وكيف، سَترد السعوديّة على إيران، وليس على اليمن، مِثلما هَدّد السيد الجبير، ومتى سَيكون الوقت مُلائمًا، وهل سَتستهدف الصّواريخ والطائرات السعوديّة العاصمة الإيرانيّة؟

الأمر المُؤكّد أن صاروخ “البركان إتش 2″ الذي وصل إلى الرياض لن يكون الأخير، والسيد محمد عبد السلام، المُتحدّث باسم تيّار “أنصار الله”، توعّد ومن على شاشة قناة “الجزيرة” بقَصف مدينة أبو ظبي عاصمة الإمارات، ولن يَكون مُفاجئًا بالنّسبة إلينا إذا ما أدّى الصّاروخ الحوثي المُقبل باتجاه أي من العاصمتين الرياض أو أبو ظبي، إلى إشعال فَتيل المُواجهات المُباشرة بين إيران والسعوديّة وحُلفائها.

منذ صواريخ الرئيس العراقي صدام حسين عام 1991، التي وصلت إلى الرياض، وأصابت وزارة الداخليّة، لم تتعرّض العاصمة السعوديّة إلى خطر، وعاشت حالةً من الأمان والاستقرار استمرّت 26 عامًا، فهل سَتؤدّي صواريخ الحوثي، سواء كانت مُصنّعة مَحليًّا، أو مُهرّبة من إيران، إلى تحويل الرّياض ومُدن سعوديّة أُخرى إلى ساحةِ حربٍ، وحتى متى، خاصّةً أنها أثبتت دقّةً مُتناهية، وغَير مَسبوقة، في الوصول إلى أهدافها؟

نَترك الإجابة للأسابيع والأشهر المُقبلة، وما يُمكن أن تَشهده من تطوّراتٍ ومُواجهات.

(رأي اليوم)