المتعلم غير المثقف

بالعربي-كتبت- عيدة صلاح الدين: 

إن الضخ المعلوماتي المتواصل يخرج حملة شهادات فقط , المجتمع لا يزال ينظر الى الصفة " الجامعية " بنوع من البريق الخداع, فإذا ما قالوا إن فلان "طالب جامعي" يتصور مستوى تعليمي وثقافي معين, وهو في الواقع أدنى مما يرسمه أفراد المجتمع .

التعليم مكون من مكونات الثقافة, لذا ليس كل متعلم مثقف, ومن الملفت أن العملية التعليمية هي تلقين وحفظ, تتجه بالمعلومة من الاستاذ الى الطالب من دون فهم أو ادراك حقيقي لقيمة العلم والرغبة في التعلم والاستزادة, فتنحصر الرغبة في اكتساب المعلومات لتقديم الامتحان والنجاح فقط.

قدوم الطلبة الى الجامعة لحضور المحاضرات فقط ثم الانصراف عن عجل من دون الاستفادة من الكتب والمصادر التي توفرها الجامعة ومشاركة الطلبة الاخرين وإجراء البحوث العلمية, يذهب بنا الى الضحالة والسطحية, اذ لا نهضة ولا رقي بدون منهج علمي متين, ولغة قوية, فاللغة وعاء الفكر, وأي فكر يكون لشعب عربي يجهل لغته ويجافيها .
إنّ فترة الدراسة الجامعية أكثر الفترات خصوبة للقراءة والتداول الثقافي، وهي بذلك من الفرص المتاحة ليبني الطالب لغته, بمطالعة كتب الأدب واللغة والتراث والروايات بشكل عام، مما يزيد من ارتباطه بها. وهل يعقل أن تكون حاملا للقب "الماجستير" مثلا في علم القانون، ثم لا تستطيع كتابة رسالة عادية بلغة عربية سليمة خالية من الأخطاء !
عندما أراد أصحاب الفكر الصهيوني بناء شعب متخيل كانت أول خطواتهم إعادة إحياء اللغة العبرية، والتي كانت لغة مكتوبة ومتلوة في المعابد دون أن تكون متداولة, وقد نجحوا في هذه المهمة مع لغة انقطعت عن الوجود الواقعي لقرون متطاولة! فما بالنا نحن والعربية بيننا وننفر عنها.

أن خمسين في المئة من الطلاب مثقفون, لكنهم لا يعملون بثقافتهم، وهذه الثقافة تتفاوت من شخصٍ إلى آخر, فمنهم من يمتلك ثقافة عالية المستوى تؤهله لأن يكون شخصاً فعالاً في المستقبل, وتجعله ذا مكانةٍ بين أقرانه, ومنهم من يمتلك ثقافة الهدم لا البناء.

على الانسان ان يكون مثقفاً وحضارياً يتميز بموقف مشارك، كلِّي وشامل، بالأمور والقضايا التي تحيط به، وبسلوك إنساني أصيل إزاء جميع الناس، باختلاف أنواعهم وأعمالهم، وبتفهُّم واعٍ للمعنى المتضمن والمغزى الكامن في ثقافة علمه وعمله، وبإدراك يشير إلى تجرد علمه من ذاته الفردية.