بالعربي- كتب- محمود حسنين:
من منا لا يعرف باسل الاعرج ذاك المثقف المشتبك الذي قض مضاجع الاحتلال في مدن الضفة المحتلة، والذي استشهد في مدينة البيرة بعد ان خاض اشتباكا مسلحا مع قوات "النخبة"، أظهرت التفاصيل ان باسل كان بحوزته سلاحان استخدم واحدا اثناء الاشتباك وترك الأخر ملقماً ينتظر الكتف الذي سيرفعه في وجه قوات "النخبة" من جيش الاحتلال مرة اخرى.
لم تمض سنة على اغتيال باسل الأعرج حتى ظهر باسلا اخرا يحمل همّ العباد والبلاد، كان احمد نصر جرار ابن الـ 22 ربيعا يتدرب على امتطاء الحصان الذي كان يمتطيه والده نصر في معاركه مع الاحتلال.
فكر وخطط وحدد الهدف ثم قنص
أعلن الاحتلال ان احمد جرار هو المسؤول عن عميلة نابلس، والذي قتل فيها الحاخام المستوطن، والآن بعد شهر من العملية البطولية يترجل احمد عن حصان الثورة ليمتطيه آخر يقدر قيمة السلاح الشرعي في فلسطين، فمَن ستحمل الأيام القادمة؟.
تقول مصادر الاحتلال ان هذا الفدائي عند محاصرته داخل المنزل الذي تحصن فيه عندما شعر بأن قوات "النخبة" تحاصره، خرج مقبلاً غير مدبر لمواجهة أعتى جيوش العالم ببندقية واحدة وعدد قليل من القنابل اليدوية، ويروي ابناء بلدة اليامون انهم كانوا يسمعون رشقات من الرصاص بين الحين والآخر، وهذا دليل على عدم انسحاب الفدائي الجرار من مكان العملية، بل وضع إصبعه تحت الزناد وأعلن ساعة الصفر من عرينه.
بدأ الاشتباك وبدأت المعركة ترتفع وتيرتها، رشقات منه وصليات منهم، لم تنفذ ذخيرته بعد وربما هذا من جمال القدر ان يترك الشهداء بعضاً من أمتعتهم ليخبروا العالم انه لا يزال هناك املاً للمقاومة.
"اسرائيل" تقف على أصابعها
فعندما استشهد باسل الأعرج خرجت مظاهرات في انحاء الوطن، وكانت تصدح بهتافات ثورية أشدها "قولوا لكلاب الشاباك.. جاي جاي الاشتباك"، وعندما كان احمد جرار لا يزال مطارداً خرجت مسيرات مشابه ولكن هذه المرة دعماً ومؤازرة لبطولته التي تحولت الى أسطورة بعد ان جعل الاحتلال بكل أجهزته الأمنية يقف على اصابعه، هتف الشبان مرددين "طلقة بطلقة ونار بنار.. بنحيّ أحمد جرار"، أحمد هو الآخر قرر الاشتباك وعدم الاستسلام، فأمثال هؤلاء مكانهم في القلوب لا في السجون.
أرعبهم حياً وأفزعهم ميتاً
ان خروج قادة الاحتلال على الاعلام وهم يتبادلون التهاني باغتيال احمد هو دليل على الرعب الذي خلقه لهم، فخرج وزير الجيش الاسرائيلي ليبرمان قائلاً "اليوم تم اغلاق الحساب مع جرار"، ليضيف رئيس حكومة الاحتلال نتنياهو "سنقتل كل من يمسنا بضرر"، ويخرج باقي وزراء الاحتلال ليعلنوا نجاح العملية، وهم مدركين تماما ان هناك جيلا جديدا يصعب على أجهزتهم ان تقضي عليه، وان القادم أعظم.
تسقط الاجساد لا الفكرة
عندما كتب غسان كنفاني جملته الشهيرة "تسقط الاجساد لا الفكرة" كان يعلم بأن هناك جيلا من الثوار سيخوض المعارك وحده الى ان يتبعه الجميع في النهاية، وكأن هؤلاء الشهداء هم انبياء القضية يخوضون المعارك وحدهم فينفذون عملياتهم ثم يُطاردون ثم يستشهدون، ويقع على عاتقهم حمل الرسالة من نبي إلى اخر حتى تحرير كامل التراب المقدس، فباسل ترك سلاحا ليعزف به احمد، واحمد ترك سلاحا وذخيرة ليفجر الطاقات الكامنة في نفوس الفدائيين من جديد، سقطت اجساد هؤلاء الأنبياء ولكن فكرتهم لا تزال تسمو وتسمو.