مسلمو الغرب بين "الإسلاموفوبيا" و"شاي الأخوّة"

بالعربي: بعد أحداث 11 أيلول بدأت الحكومة الأمريكية ومعها بعض الحكومات الأوروبية الترويج لظاهرة "الإسلاموفوبيا"، وبدأت هذه الظاهرة تتوسع في الدول الغربية بالتزامن مع الأحداث الإرهابية التي طالت العديد من الدول الإسلامية ودول الشرق الأوسط، واستغلت الحكومات المعادية للإسلام بعض الأحداث الإرهابية التي طالت عواصم أوروبية كالأحداث التي جرت مؤخرًا في باريس لتعزيز سياستها الهادفة إلى محاربة الإسلام الذي بات ينتشر أكثر في أوروبا.

مساعي بعض الحكومات ووسائل الإعلام كصحيفة "تشاري إيبدو" إلى تشويه صورة الإسلام آتت ثمارها المرجوة، فالعديد من المواطنين المسيحيين في الغرب انجروا وراء دعوات محاربة الإسلام، إذ شهدت العديد من المدن الغربية مظاهرات ضد المسلمين، وتم الاعتداء على بعض المساجد كما حصل في جزيرة كورسيكا الفرنسية، كما تم تعليق رؤوس خنازير على أبواب مساجد وصولاً إلى إلقاء زجاجات حارقة أو إطلاق النار.

تكثيف الحكومات الغربية من مساعي إلصاق الإرهاب بالإسلام قابله وعي من الشباب المسلمين في الغرب، وكلنا نذكر ذلك الشاب المسلم الذي وقف في فرنسا معصب العينين حاملا لافتة مكتوبٌ عليها "أنا مسلم إذا كنت تثق بي عانقني"، كما بدأت أنشطة المسلمين تتكاثف لإبراز الصورة الحقيقية للإسلام الذي يدعو إلى التسامح والعفو، ومن هذا المنطلق فتحت المساجد الفرنسية أبوابها العام الفائت أمام الجميع داعيةً إلى "شاي الأخوة"، ليتمكن المواطنون الغربيون من طرح أي تساؤلٍ يتعلق بالإسلام، "حتى الأسئلة المتعلقة بأكبر المحرمات" حسب ما أكد رئيس المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية، وسيتم تقديم كوبًا من الشاي مع الحلويات للضيوف.

وفي هذا السياق فتحت المساجد البريطانية أبوابها خلال العام المنصرم، وتم دعوة كبار الأديان الأخرى إظهارًا للوحدة والتضامن، وتم تقديم الشاي والحلويات للضيوف وإطلاعهم على الأنشطة التي تجري في المساجد يوميًا، وفي هذا العام تم توسيع النشاط إذ أعلن مجلس مسلمي بريطانيا عن إقامته نشاطًا أطلق عليه "يوم زيارة مسجدي"، ومن المقرر أن يتم تنفيذ هذا النشاط خلال الفترة المقبلة، ومن المقرر أن يشارك فيه أكثر من 80 مسجدًا في بريطانيا، وذلك دعمًا للتقريب بين الأديان وإزالة التوترات تجاه الإسلام والمسلمين.

هذه المساعي الكثيرة تشير إلى أن المسلمين في الغرب يدركون حجم الحملة على الإسلام ودورهم في تثبيطها وإبراز حقيقة الدين الإسلامي الذي يتعرض لمحاولات تشويه عديدة، وهناك العديد من الأعمال التي يجب على الشباب المسلمين في الغرب القيام بها لوأد ظاهرة "الإسلاموفوبيا" ومنها:

1- إيجاد قنوات للحوار مع القيادات الفكرية في الدول الغربية وقادة الرأي والقيادات الإعلامية والسياسية بالإضافة إلى مفكري ورموز الأديان الأخرى، وذلك للتقليل من آثار ظاهرة الإسلاموفوبيا والحد من نتائجها السلبية على المسلمين في المجتمعات الغربية.

2- العمل على تصحيح صورة الإسلام والمسلمين من خلال الانخراط في المجتمع وتعزيز علاقات التعاون مع الأديان الأخرى، وتقوية الروابط معهم وذلك بإيجاد أنشطة مشتركة تجمع كافة الأديان وتكون منصة للتعريف بفكر ومنهج الإسلام.

3- العمل على المستوى الإعلامي وتكثيف الجهود في هذا المجال لأهميته في نشر صورة الإسلام الصحيحة من خلال التعريف بالتعاليم الإسلامية التي يجهلها الكثيرون والتي تأمر بالمودة والرحمة.

4- الطلب من البعثات الدبلوماسية الإسلامية في الدول الغربية إحداث ملحقات دينية تقوم بالتعريف بالإسلام، وإقامة ندوات دينية وثقافية، إضافة إلى استضافة شخصيات إسلامية بارزة تقوم بتعزيز ثقة الشعوب الغربية بالإسلام والمسلمين.

5- اعتماد السلوك الحسن والخلق العالي في الأماكن العامة، فهذا يؤثر على سمعة الإسلام والمسلمين جميعًا، فكما أن بعض مدعي الإسلام استطاعوا نشر الخوف من الإسلام، فإنه من المؤكد أن الشعوب المسلمة قادرة على تبديد مخاوف الشعوب الغربية من الإسلام.

6- دعم كافة النشاطات التي تتبنى أي مظهر يهدف إلى إبراز الصورة الحقيقية للإسلام، فكم من كوب شايٍ قد أثمر.

رغم أهمية وخطورة المهمة الملقاة على عاتق المسلمين في الدول الغربية، إلا أن الجزء الأهم من هذه المهمة ملقى على عاتق الشعوب المسلمة في الدول المسلمة، وعلى حكومات هذه الدول التي تنفق المليارات على وسائل إعلام تشجع على الفتنة والحروب الطائفية في البلاد الإسلامية بدل تأسيس جمعيات ووسائل إعلام في الدول الغربية يكون هدفها إبراز الإسلام الصحيح للقضاء على ظاهرة الإسلاموفوبيا.

يجب أن لا يتوقف العمل للقضاء على ظاهرة روجها أعداء الإسلام مستغلين الانقسام بين الشعوب المسلمة والحروب التي فرضها الغرب نفسه على الشعوب الإسلامية، فالإرهاب صنيعة الغرب الذي يحاول إضعاف الدول الإسلامية واستعمارها من خلال العنف والقتل وبث الفتن وزرع الأزمات، كما ويستغل الغرب كل هذه الأوضاع ليشوه صورة الإسلام ويظهر المسلمين على أنهم قتلة ومتخلفون وغير حضاريين، وهنا تكمن ضرورة التصدي لهذه الظاهرة قبل تفشيها وانعكاسها سلبًا على المسلمين.

(الوقت)