هل دخلت داعش الى اليرموك لكي تخرج؟

بالعربي_كتب حمدي فراج : عندما دخلت "النصرة" مخيم اليرموك مطلع ليلة الصفر في إعلان الحرب القذرة على سوريا، كانت عينها على دمشق عبر هذا المخيم بما يمثل من خصوصية البؤس والفقر واللجوء، ويحظى بقدسية القضية التي يمثلها، وبمسؤولية أممية تتعدى أنه أرض سورية تخضع لإمرة النظام.

قلة قليلة من فصائل المخيم تنبهت لخطر هذه الغريبة التي دخلت المخيم مدججة بالسلاح والمال الساسي، ورجال لهم أجسام العلوج بعيون زرقاء وسحن شقراء، ويرطنون بعدة لغات أجنبية ملفعة ببعض الآيات الكريمة ولوازم ثابتة من على شاكلة "الرسول قائدنا" و"القرآن دستورنا "، بل إن بعض الفصائل الدينية التي كان النظام قد منحها حرية العمل السياسي والعسكري، تقاطعت معها عند هذا المنعطف، فدعمتها من باب الأخوة الإسلامية في مواجهة نظام الكفر، ونخص بالذكر أكناف بيت المقدس المتماثلة مع الاخوان بشكل عام وحماس بشكل خاص.

لم تكن "النصرة" آنذاك، قد كبرت ونضجت وحملت بالحلال أو بالحرام أو بالسفاح أو بجهاد النكاح، لتنجب فيما بعد طفلتها "داعش"، التي سرعان ما شبت على الطوق وخرجت عن الطوع، ووصل الأمر بعقوقها أن رفعت السلاح في وجه أمها.

وعندما جد الجد، وأحست النصرة أن ساعة الخلاص لهذا المخيم قد أزفت عبر الاتفاق الوشيك بين الفصائل والنظام، لجأت إلى ابنتها، فأمنت لها المداخل عبر جحورها لكي تجتاح المخيم، وتفسد مشروع الاتفاق وسرعان ما أفسدته بالفعل عبر عمليات القتل والسفك بحق الأبرياء ممن تبقوا في المخيم، لقلة الحيلة وكبر السن.

ظل النظام السوري خلال سنتي الحصار ينظر إلى المخيم وفق الاعتبارات المرعية وخصوصية رمزيته المقدسة، ولهذا توالت اللقاءات شبه الدورية مع وفود منظمة التحرير، التي يتواجد اليوم ممثلا عنها في دمشق. وخلص إلى ما كان النظام يحاول تجنبه طوال الأزمة الحسم العسكري، صحيح أن المنظمة من رام الله دخلت على خط المجدلاوي الممثل الرسمي للوفد، لتعلن رفضها لتصريحاته ولحالة الاجماع الفصائلي الوقوف إلى جانب النظام في مواجهة داعش عسكريا، لكنا هنا لم نسمع عن اجتماع للمنظمة يقر بالأغلبية أو بغيرها ما يفسخ هذا الموقف.

وصحيح أن ليس لأحد من فصائل المنظمة أطماع في السيطرة على المخيم كطريق إلى دمشق وقصرها الرئاسي، ولكن أيضا ليست داعش الوحيدة التي تسعى لذلك عبر المخيم، بل أيضا أكناف بيت المقدس والنصرة والجيش الحر وكثير ممن ينتظرون ذلك في تركيا وعدد كبير من الأنظمة العربية حتى لو كان ذلك على حساب المخيم.

إن القضاء على داعش اليوم سيكون أسهل بكثير من غد أو بعد غد، مقدمة للقضاء على كل من يسيء للبندقية الفلسطينية التي لم تظل مشرعة إلا  في سوريا.