استهداف السفارة الأيرانية في دمشق خارج كل قواعد الإشتباك

كتب: راسم عبيدات
يبدو بأن قرار قصف القنصلية الإيرانية أمس الإثنين1/4/2024 في دمشق  ومقر إقامة السفير الإيراني فيها،وإستهداف القائد الكبير في الحرس الثوري الإيراني في فيلق القدس محمد رضا زاهدي بالإغتيال...قد تم بقرار أمريكي مباشر،فإسرائيل" لوحدها غير قادرة على اتخاذ هذا القرار بدون مشاورة ومشاركة أمريكا ...وامريكا التي كانت تتلاعب بالعرب وبإيران وبكل المنظومة الدولية ..وتقول بأنها لا ترغب بالتصعيد وبتوسع الحرب خارج حدود قطاع غزة،ولذلك مارست ضغوط  وتهديدات كبيرة على  جبهات الإسناد في لبنان واليمن والعراق،وشاركت مباشرة في الحرب على هذه الجبهات،من أجل فك علاقتها مع غزة،وعدم فتح جبهات إسنادية،ولكن كل المحاولات الأمريكية والأوروبية الغربية فشلت في تحقيق اهدافها،وكل جبهات الإسناد في إطار ما عرف بوحدة الجبهات،قالت بأن توقف تلك الجبهات عن القتال رهن بوقف العدوان على قطاع غزة،والسماح بإدخال المساعدات الغذائية والطبية والمحروقات بشكل كاف...وأمريكا كانت تراهن بأن " اسرائيل" قادرة على تحقيق اهداف عدوانها الإستراتيجية في القضاء على المقاومة الفلسطينية وفي قلبها حركة حماس،وتدمير منظومتها القيادة ومخزونها التسلحي والقتالي،واسر وقتل قادتها، واستعادة الأسرى لدى المقاومة،وصولاً الى طرد وتهجير الشعب الفلسطيني و"هندسة" قطاع غزة  جغرافيا، لتحقيق الهدف الإستراتيجي الأكبر،اعادة رسم خرائط المنطقة واعادة صياغتها لخلق ما يعرف بالشرق الأوسط الجديد،ولكن امريكا التي ضخت السلاح بكل انواعه عبر اكثر من 300 طائرة نقل و50 سفينة الى "اسرائيل" عبر جسر جوي،وتقديم كل المساعدات لها في الجوانب الإستخبارية واللوجستية والسيبرانية، لم يمكنها من تحقيق اهداف الحرب،وبقيت طوال ستة شهور تبحث عن نصر او صورة نصر،عبر فظائع وعمليات قتل طالت المدنيين من اطفال ونساء،وحرب تجويع غير مسبوقة  ..وأمريكا التي هي صاحبة فكرة الحرب،ومن تتولى مقود قيادتها عسكرياً وأمنياً  وخاضتها تحت شعار "الأمن القومي الأمريكي"،لكي تحمي مصالحها وتعيد تموضعها الجيو استراتيجي في المنطقة من جنوب غرب اسيا وحتى الشرق الأوسط ،وبما يمكنها من محاصرة الحلف الروسي- الصيني - الإيراني وقطع الطريق على المشروع الصيني " الحزام والطريق"، بإعادة مسار هذا المشروع الى مساره القديم من الهند نحو دول الخليج فقطاع غزة ومن ثم الى ميناء حيفا،من أجل تصدير النفط والغاز عبره الى اوروبا العربية.
أمريكا باتت تدرك بعد خسارتها للحرب الأوكرانية، بأن اي خسارة أو هزيمة ل"اسرائيل" ستكون هزيمة لها ،وبما يقلص من حضورها ونفوذها في المنطقة والإقليم ،وبما يحفر عميقاً في هيبتها ويحدث تأكل عميق في قوة ردعها...وبايدن بات على قناعة بأنه لن يصل الى كرسي الرئاسة في ولاية ثانية دون توسيع الحرب ،في ظل إنكشاف حقيقة الموقف الأمريكي المراوغ والمضلل والخادع،والمسافة الواسعة بين  الأقوال ما بين التباكي والذرف لدموع التماسيح على أطفال غزة وحجم الدمار الذي حل بالقطاع،وما بين شحن مئات أطنان السلاح الى " اسرائيل"،وبقاء مظلة الحماية القانونية والسياسية لها ..وأصبح المجتمع الدولي وحتى جزء لا يستهان به من الرأي العام الأمريكي على قناعة انها شريكة ل" اسرائيل" في عدوانها وجرائمها بحق الشعب الفلسطيني...بايدن بات على قناعة،بأنه غير قادر على لجم نتنياهو،بفعل شبكة الأمان التي يوفرها له اللوبي الصهيوني في البيت الأبيض والدولة العميقة ....وبأن نتنياهو مستمر في تقطيع الوقت،ليس فقط خدمة لمصالحه الشخصية وحماية تحالفه من التفكك الداخلي،بل بإنتظار قدوم صديقه الحميم الرئيس الأمريكي السابق ترمب...ولذلك وجدنا بأن قرار التصعيد الذي بدأ في الجبهة الشمالية بإستهداف حواضن المقاومة الشعبية في جنوب لبنان وحتى في الضاحية وصيدا ،واغتيال العديد من قادة حزب الله الميدانيين،وما لحقه من إستهداف لريف حلب بقصف جوي " اسرائيلي"  نتج عنه عشرات الشهداء والجرحى بما فيهم عناصر من حزب الله ...والرسائل كانت تقول بأن أمريكا و" اسرائيل" تفاوضان تحت النار وتوسيع مدى الحرب واستهدافاتها  ،ومحاولة تثبيت قواعد اشتباك ومعادلات ردع جديدة ...والكل بات على قناعة،بان لعبة المفاوضات التي تجري في القاهرة والدوحة،حول ما يسمى بصفقة تبادل الأسٍرى،ليست أكثر من ملهاة،تتيح لأمريكا و"اسرائيل" ترتيب اوراقهما السياسية  والأمنية والعسكرية....
واليوم عندما يجري اغتيال القائد في الحرس الثوري الإيراني والقيادي في فيلق القدس محمد رضا زاهدي،واستهداف القنصلية الإيرانية في دمشق ومكان إقامة السفير الإيراني ، فهذا يعني بأن هذه رسالة موجهة مباشرة لرأس محور المقاومة،ورداً على اجتماعات طهران بين القيادة الإيرانية وقيادات المقاومة الفلسطينية حماس والجهاد وجماعة " أنصار الله"،وعلى العملية التي استهدفت قاعدة للبحرية "الإسرائيلية في ايلات،وهي تأتي خارج أي قواعد اشتباك ،وبما يضع ايران كرأس قيادي للمحور أمام تحديات كبرى،بما في ذلك مصداقيتها وهيبتها ،فعدم الرد ومهما كانت مبرراته وتنظيراته،بأن " اسر ائيل" تريد جر ايران للمواجهة لكي تجلب تدخل أمريكي، فهذه السياسية المسماة ب" الصبر الإستراتيجي" تفقد مصداقيتها،وتمس بهيبة ايران امام حلفائها والمراهنين عليها،مع ادراكنا العميق بأن العقلية الإيرانية ليست عقلية فزعة كالعقل العربي ،ولذلك هذه العملية  تضع ايران أمام خيار، أن يكون الرد مواز لحجم الفعل وليس رد في إطار رفع العتب،او لتنفيس حالة الغضب والإحتقان الشعبي ...تماماً كما هي سياسة " الرد في الزمان والمكان المناسبين" والتي أضحت اسطوانة مشروخة، تشبه اسطوانة السلطة الفلسطينية في المنطقة الخضراء "احمونا" ووهم حل الدولتين وسلمية والشرعية الدولية،في ظل حالة "تغول" و"توحش" إحتلالي غير مسبوقة...وسياسات انحاءات سياسية متواصلة، لا تجلب سوى ضياع المزيد من الحقوق والأرض وتفكك القضية.