حمدي فرّاج: مروان البرغوثي قاسم مشترك أعظم

ما زال الوقت مبكرا لبحث مستقبل غزة السياسي ، على اعتبار أن الأولوية السياسية و الإنسانية و الأخلاقية تتركز على و قف العدوان الهمجي من ناحية و بلسمة جراح مئات الاف الناس من ناحية أخرى . صحيح ان البوادر بدأت تظهر لصالح المقاومة ، لكن ينتظرنا بعض الوقت لنرى علمها يرفرف مكان العلم الإسرائيلي الذي ظل ماثلا دون رفرفة لأكثر من خمس عشرة سنة في حصار مشدد على شعب بين بوابتين الأولى إسرائيلية و الثانية إسرائيلية عربية . لكن السياسيين بقيادة أمريكا ، بدأوا ينفخون و يطبخون ، و يبدو ان التوصل الى مقترح واحد يجمعون عليه شيئا بعيد المنال ، فقد أرادت "إسرائيل" في البداية ان تبيد الشعب الغزي على اعتبار انهم مجرد حيوانات او وحوش بشرية ، و أنهم كلهم بدون استثناء ، بمن فيهم أطفالهم ، حمساويون ، و من هنا جاء اقتراح القنبلة الذرية ، وعندما اكتشفوا ان هذا ضرب من المستحيل ، عمدوا و عملوا على تهجيرهم الى مصر ، ثم الى الجنوب "الآمن" ، ثم الى ما نحن فيه اليوم ؛ لا إبادة و لا تهجير ، بل إعادة من نزحوا تحت ضغط القصف و القتل الى منازلهم .

ترفض "إسرائيل" عودة السلطة برئاسة أبو مازن لأنه لم يستنكر الطوفان ، و رفضت الدول العربية ان تحكم غزة كما رفضت فكرة قوات دولية ، المقاومة التي تستعد لرفع علمها ، رفضت كل هذه السيناريوهات ، لكنها لن ترفض ان يتسلم مروان البرغوثي هذه المهمة المعقدة . على الأقل اسم مروان طرح في مفاوضات التبادل مقابل الجنرال الإسرائيلي الأسير لدى القسام ، بالإضافة لسعادات و السيد و البرغوثي الحمساوي عبد الله  و حامد و سلامة بالإضافة الى نحو أربعين اسيرا من أصحاب المؤبدات المؤبدة ، و الأهم ستة ابطال نفق جلبوع ، مع هدنة لمدة شهر ، يبدو ذلك امرا صعبا ، و لكن "كل هدنة ستكون صعبة" وفق الكاتب الإسرائيلي المخضرم ناحوم بارنيع ، و انا اضيف الى ما لم يستطع بارنيع قوله : كل هدنة صعبة على المهزومين ، ووفق نابليون بونابرت : الويل للمغلوب اذا حضر الغائب . لن يكون صعبا تحرير مروان البرغوثي ، سواء في صفقة الجنرال او أي صفقة أخرى كصفقة "الكل مقابل الكل" التي اصبحنا نراها شعارا في مظاهرات الإسرائيليين من ذوي الاسرى ، فلماذا لا يقفز الى ذهن السياسيين اسم مروان  كقاسم مشترك أعظم يقود الدفة في هذا اللج المتلاطم لمدة سنة او سنتين بحيث تجري انتخابات عامة في كل الأراضي الفلسطينية المحتلة مقدمة للدولة الفلسطينية المستقلة . سيبدو هذا حلما اكثر منه حقيقة ، رغم ان الدول العربية الوازنة تؤيد هذا المخرج ، السلطة ربما لا توافق على ذلك ، لكن حركة فتح التي ينتمي لها مروان كأحد ابرز قادتها التاريخيين مرصعا بأكثر من عشرين سنة اعتقال من اصل خمسة مؤبدات ، سيكون لها رأي مؤثر ، ناهيك انه سيعيد الى الحركة لحمتها ، مع ناصر القدوة و محمد دحلان و كتائب شهداء الأقصى ، قد لا توافق الجهاد و الشعبية على حل الدولتين ، لكن اعتراضهما سيكون تحريريا على الورق .