"بعد السيطرة على سفينة تابعة لإسرائيل".. إلى أي مدى تصل قدرات الحوثيين في البحر الأحمر؟

بالعربي: اعترفت دولة الاحتلال الإسرائيلي بتمكن الحوثيين من السيطرة على سفينة مستأجرة لشركة إسرائيلية في البحر الأحمر، يأتي ذلك إثر تهديد سابق لجماعة الحوثي بأنها "ستقوم باستهداف جميع أنواع السفن، سواء تلك التي تحمل علم إسرائيل، أو التي تشغلها شركات إسرائيلية، أو تعود ملكيتها لشركات إسرائيلية"، فهل يمتلك الحوثيين فعلا القدرة على استهداف مصالح إسرائيل والولايات المتحدة في البحر الأحمر؟

خلال شهري أكتوبر/ تشرين الأول ونوفمبر/ تشرين الثاني، شنَّت حركة الحوثي عدة هجمات صاروخية استهدفت إسرائيل تزامنا مع عملية "طوفان الأقصى" والحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، باستخدام صواريخ كروز والصواريخ الباليستية، وهما نوعان متمايزان من الصواريخ، الأول يتبع مسارَ طيرانٍ موجَّها على ارتفاع منخفض نسبيا، فيمكنه التنقل حول العوائق والتضاريس، والثاني يتبع مسارا مقوسا، يصعد لارتفاع كبير في البداية ثم يهبط نحو الهدف.

وصلت صواريخ الحوثيين إلى جنوبي إسرائيل، تحديدا ميناء إيلات، وهو ما أثار انتباه المخططين العسكريين والسياسيين في الولايات المتحدة ودولة الاحتلال، حيث يتطلب استهداف تلك المنطقة أن تسافر الصواريخ قرابة 1800 كيلومتر شمالا من اليمن على طول البحر الأحمر، تزيد أو تنقص بحسب جهة الضرب.

تم التصدي لمجموعة من تلك الصواريخ عبر منظومة "آرو-3" (1) التي استُخدمت لأول مرة في هذه المعركة، وتطلق المنظومة صواريخ مضادة للصواريخ الباليستية تفوق سرعتها سرعة الصوت، ويمكن أن تضرب أهدافا خارج الغلاف الجوي، بمدى يصل إلى 2400 كيلومتر، إلى جانب ذلك أسقطت المدمرة "يو إس إس كارني" الأميركية المُتمركزة في البحر الأحمر أربعة صواريخ كروز وعدة طائرات بدون طيار أُطلقت من اليمن باتجاه إسرائيل. على أثر ذلك أعلن الحوثيون عن تمكنهم من إسقاط مسيرة أميركية من النوع "إم كيو 9 ريبر" في الثامن من نوفمبر/تشرين الثاني.

لفت ذلك الانتباه إلى عرض عسكري كبير للحوثيين في 21 سبتمبر/أيلول الماضي لم يكن أحد ليعرف أنه سيكون محل اهتمام الباحثين في هذا النطاق بحلول نوفمبر/تشرين الثاني، حيث كشف الحوثيون خلاله عن قدرات جديدة في ترسانتهم من الصواريخ والمسيرات القادرة على ضرب أهداف بعيدة، وهو ما يعني أن العديد من المناطق والأهداف صارت في مرمى صواريخ الحوثي، فقط إذا قررت الجماعة استخدام ترسانتها ضد هذه الأهداف.

صاروخ طوفان
أول هذه الصواريخ، التي يُعتقد أنها شاركت في الضربة على دولة الاحتلال، هي صواريخ "طوفان" الباليستية متوسطة المدى التي يتراوح مداها بين 1350-1950 كيلومتر، التي تشبه في تصميمها صواريخ "قدر" الإيرانية، يُعتقد أن لديها مرحلة أولى تعمل بالوقود السائل، ومرحلة ثانية تعمل بالوقود الصلب، مما يسمح لها بمدى كبير، طول الصاروخ نحو 16 مترا، وعرضه نحو متر ونصف.

صُمِّم هذا الصاروخ حاليا لحمل رأس حربي تقليدي ولكنه قادر على التسلح برأس حربي كيميائي أو نووي أيضا بوزن يصل إلى نحو 800 كيلوغرام، نلاحظ أن مقدمة الصاروخ مخروطية مدببة تجعله يشبه قنينة الرضاعة، يسمح ذلك للرأس الحربي بالدخول مرة أخرى إلى الغلاف الجوي بسرعة أكبر، ويمكِّن الرأس الحربي من القدرة على الانفجار في الهواء فوق هدفه. إذا تمكن الصاروخ من الوصول إلى هدفه، فإن نسبة الخطأ في مكان الضرب المحدد تكون ضمن دائرة قطرها 80-100 متر2.

ويمتلك الحوثيون صواريخ روبيج6، وهو نظام روسي للدفاع الساحلي، يستخدم صواريخ "كي إتش – 35 يو آي" المضادة للسفن، ويصل مداها إلى 260 كيلومترا، وتعمل بتقنية القشط البحري، أي إنها تسافر بالقرب من سطح الماء لتجنب الرادار، ويحمل الواحد منها رأسا حربيا شديد الانفجار يبلغ وزنه 145 كغم صُمِّم ليخترق الحواجز والمقصورات أفقيا قبل أن ينفجر داخل السفينة.

ويطور الحوثييون من ترسانتهم العسكرية خاصة في نطاقين، وهما مدى الصواريخ، والإمكانات البحرية، ومن المؤكد أنهم يمتلكون الآن القدرة على الوصول إلى دولة الاحتلال الإسرائيلي عبر الصواريخ أو المسيرات الانتحارية، إلى جانب قدرتهم على استهداف أية سفن تمر قبالة اليمن في البحر الأحمر.

لكن رغم ذلك، فإن الصواريخ الحوثية ليست بالدقة الكافية، ورغم مداها المتسع فإنه يمكن اعتراضها بدرجة من السهولة نسبيا، لكن هذا لا يحيد خطر الحوثيين على إسرائيل أو الولايات المتحدة، لسببين رئيسيين، الأول هو أن ترسانتهم تتطور بسرعة، والثاني أنها تظل تُمثِّل خطرا كبيرا حتى مع قدراتها الحالية، ويمكن لها استنفاد الكثير من موارد الدفاع الجوي الإسرائيلي، خاصة مع الفارق الكبير في تكلفة تصنيع المسيرات مثلا مقابل الصواريخ الاعتراضية. يفتح ذلك جبهة جديدة لم تكن متوقعة جنوبي جزيرة العرب، على مسافة بعيدة من مركز الصراع في الأراضي الفلسطينية المحتلة.