بعد فشل عملية مستشفى "الشفاء" وتحت ضربات المقاومة.. أي مسارات بريّة للاحتلال؟

بالعربي: قرر الاحتلال الشروع في ما أسماه "المرحلة الثانية من العملية العسكرية"، وهو ما يفترض أن يعني أنه أنهى المرحلة الأولى منها، ولكنّ هذه "المراحل" بقيت حبراً على ورق بسبب غياب أي إنجاز عسكري حقيقي حتى الآن برغم تضييق حجم الحرب البرية على غزة والاكتفاء بمهاجمة منطقة الشمال، والقصف التدميري الذي سوّى مناطق بكاملها بالأرض في جباليا وبيت حانون والشاطئ وأحياء الشيخ رضوان والكرامة وأبراج القطاع الرئيسية.

مراحل من غير أهداف
وحتى الآن، فشل الاحتلال في تحقيق الأهداف الأساسية التي أعلنها لعدوانه على غزة، وهي إبطال قدرة المقاومة على المواجهة، وتدمير قدراتها الصاروخية والبشرية، واستهداف قيادييها أو أسرهم، وإخراجها في صورة المهزومة لمحو آثار نصر 7 أكتوبر، وتهجير الفلسطينيين من شمالي قطاع غزة.

ولكنّ المقاومة تستمرّ في توجيه الضربات المؤلمة للاحتلال وقواته المتوغلة، مستفيدة من تضييق التماس معها في المناطق العمرانية، وهو ما يعطي أفضلية مهمة للمقاومين ويحيّد قدرات سلاح الجو الإسرائيلي على التأمين الناري للجنود والمدرعات.

فقد أفيد اليوم عن وقوع اشتباكات ضارية بين رجال المقاومة وقوات الاحتلال، لا سيما في بيت حانون، التي أصبحت ساحة مواجهة مباشرة من مسافة صفر خلال الأيام الأخيرة مع اشتداد المعارك، لا سيما في المحور الشمالي الغربي، حيث تمكن المقاومون من اصطياد الكثير من جنود الاحتلال بالقذائف الصاروخية وأسلحة القنص والاشتباك.

وبات واضحاً أنّ التقدم الجغرافي للاحتلال لا يعني إنجازاً عسكرياً حقيقياً على أرض المعركة، فالمقاومة لم تعد تقاتل فقط في قلب المدن، بل على خطوط خلفية وتحديداً على حدود القطاع وفي قلب تحشداته العسكرية الخلفية.

فشل المرحلة الأولى
وقد روّج الاحتلال لكون السيطرة على معقل القسام الرئيسي ومركز قيادتها في الشمال، كهدف للمرحلة الأولى للحرب البرية، وهو ما سيشكل إنجازاً يمكن تصريفه على عدة مستويات بالنسبة للداخل الإسرائيلي ولصورة جيشه واستخباراته أمام الخارج.

إذ شكّلت النتيجة المخيبة للآمال بالنسبة لجيش الاحتلال وقيادته العسكرية في مستشفى الشفاء ضربة إضافية لصورة المؤسستين الأمنية والعسكرية الإسرائيليتين، في وقت كانت تحاول فيه قيادة الاحتلال استعادة هيبتها وصورتها "النموذجية"، التي تلقت ضربة قاصمة في 7 أكتوبر، بعدما حاولت الترويج لها على مدى عقود مضت وعلى مستويات عالمية.

فخلال أسابيع خلت، بدا الاحتلال وقيادته، بالإضافة إلى داعميه الدوليين، مصممين على إنجاح تنفيذ اختراق طولي لقوات الاحتلال لمناطق غربي غزة من الجهتين الشمالية والجنوبية، للوصول بأسرع طريقة ممكنة إلى مستشفى الشفاء في وسط منطقة شمال غزة.

وقد أكّد هؤلاء أكثر من مرة أنّهم يعتقدون أنّ غرفة قيادة كتائب القسام والمقاومة الفلسطينية في الشمال موجودة أسفل المستشفى، عبر شبكة أنفاق معقدة تتخذ من المجمع الاستشفائي ساتراً ودرعاً، وحتى آخر الساعات قبيل اقتحام المجمع خرج وزير الخارجية الأميركي بلينكن ليؤكد أنّ تقدير الإدارة الأميركية منسجم مع التقدير الإستخباري الإسرائيلي بأنّ المستشفى تحوي غرف قيادة المقاومة في شبكة تحت الأرض.

ولكنّ الصدمة التي تلقتها قيادة الاحتلال كانت مدوية، وظهرت نتائجها في ميدان المعركة سريعاً.

المصدر: الميادين