العالم تحت الخطر.. بماذا تنبئ درجات الحرارة في قادم السنين؟

بالعربي: شهدت مناطق عدة في أرجاء المعمورة موجات حر قاتلة منذ بداية صيف 2018، بعد وصول درجات الحرارة إلى أرقام قياسية في تلك المناطق. في حين اعتبر عام 2016 الأشد حرارة على الإطلاق، فإن عام 2018 قد يحطم الأرقام، لكن عمومًا لا يمكن مقارنة السنوات الخمس الأخيرة بتلك التي سبقتها. حرارة الأرض ترتفع بشكل عام وغضب الطبيعة يزداد.

معروف أن الاحتباس الحراري المسبب الأول لارتفاع حرارة الأرض، لكن ثمة مسببات تقف خلف موجات الصيف الحالي القاتلة. وامتدت موجات الحر من الجزائر وشمال إفريقيا جنوبًا، حتى السويد وكندا شمالًا، مرورًا ببريطانيا وإيرلندا وأجزاء من الولايات المتحدة.

موجة الحر الشديد دفعت السويد، لطلب النجدة الدولية لتخطي حرائق عارمة في الغابات، بعد أن عانت البلاد من شهور من الجفاف وانقطاع الأمطار وارتفاع حاد في درجات الحرارة، فأصبحت الغابات عرضة للاشتعال في أية لحظة.

ووصلت درجات الحرارة إلى نحو 51 درجة في الجزائر، وارتفعت درجات الحرارة في اليابان إلى أكثر من 40 درجة مئوية، مخلفة قرابة 30 حالة وفاة جراء الحر.

ما سر ارتفاع الحرارة بشكل كبير؟

تعد ظاهرة التغير المناخي المسبب الرئيس لارتفاع الحرارة وجفاف الأرض، لكن الأستاذ في جامعة بريستول دان ميتشل، يقول إن عوامل أخرى ساهمت في هذا الأمر.

التيار النفاث “جت ستريم”، هو عبارة عن رياح غربية قوية على ارتفاع 8-10 كيلومترات فوق سطح الأرض تؤثر على حالة الجو حول سطح الكرة الأرضية. في بعض الأحيان، عندما تكون الرياح شديدة، تتسبب بحدوث عواصف، وفي أحيان أخرى، تكون ضعيفة، فيكون الجو هادئًا ومستقرًا، وهذا ما يحدث حاليًا.

ووفق الخبراء، فإن التغيرات الجوهرية في حرارة سطح البحر في المحيط الأطلسي، من العوامل المسببة كذلك. يقول الأستاذ أدام سيافي من مكتب الأرصاد الجوية “ميت” إن هذه الأمور جزء من ظاهرة معروفة باسم “تذبذب الجداول الزمنية للمحيط الأطلسي”، مشيرًا إلى أن هذه الحالة شبيهة بما حدث عام 1976، أي حرارة مرتفعة في المحيط وثبات في التيار النفاث أبقت على حالة الضغط الجوي مستمرة لفترات طويلة في المنطقة نفسها.

وأوضح أنه في ذلك العام من القرن العشرين، كان الصيف الأكثر جفافًا ودفئًا وحرارة، وكانت أيامه مشمسة في بريطانيا.

عواقب وخيمة!

بتتبع أرقام الحرارة في الأعوام الماضية، فإن النتيجة تشير إلى ارتفاعات متتالية وأرقام قياسية، عامًا بعد عام، خلال السنوات الأخيرة.

البيانات التي ترصد الواقع المناخي قالت إن عام 2016 سجل رقمًا قياسيًا من ناحية أشد الأعوام ارتفاعًا في درجات الحرارة. وقالت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية إن درجات الحرارة تجاوزت المستويات المسجلة في عام 2015.

في حين سجل عام 2015 مستويات قياسية من ناحية ارتفاع درجات الحرارة، بواقع 0.77 فوق متوسط درجات الحرارة المسجلة خلال الفترة من 1961 وحتى 1990.

ويقول خبراء إن ما تمر به الأرض من تغير مناخي وارتفاع مستويات ثاني أكسيد الكربون في الجو وغازات الدفيئة وغيرها، يجعل لأي ظاهرة مناخية وجوية مثل ضعف التيار النفاث، عواقب وخيمة وأكثر بكثير مما كان عليه الحال قبل 40 عامًا.

مستقبل غير مبشر

لا يبدو أن الحالة المناخية في العالم ستسير بشكل طبيعي في قادم الزمن، إنما التحول سيكون للأسوأ. في تقرير أصدرته منظمة ‹‹Climate Central›› عام 2017، جاء أنه سيرتفع متوسط درجة حرارة الأرض بمقدار 4.8 درجة مئوية، خلال العقود المقبلة.

ويفصل التقرير مدن بعينها، ستشهد زيادة مضطردة في الحرارة، من بينها مدينة ‹‹صوفيا›› عاصمة بلغاريا التي يتوقع أن تشهد أكبر زيادة في درجات الحرارة الإجمالية بمقدار 8.4 درجة مئوية تقريبًا بحلول عام 2100.

أما العاصمة المصرية القاهرة فيتوقع أن يصبح صيفها مماثلًا لحرارة دول الخليج. والأمر ذاته بالنسبة للعاصمة السودانية ‹‹الخرطوم››.

وأظهرت دراسة أن ما يزيد على بليون شخص حول العالم يعيشون من دون أجهزة تكييف الهواء، أو أجهزة التبريد التي تحفظ طعامهم ودواءهم، في ظل ارتفاع درجات الحرارة نتيجة ظاهرة الاحتباس الحراري.

الخطر يحاصر بليون شخص حول العالم

قد تتمكن مجتمعات من مواجهة ارتفاع الحرارة المضطرد، لتجنب حالات الوفاة، لكن تقريرًا لمنظمة «الطاقة المستدامة للجميع»، التي لا تستهدف الربح، أوضح بأن حوالي 1.1 بليون شخص في آسيا وإفريقيا وأميركا اللاتينية، منهم 470 مليونًا في مناطق ريفية، و630 مليونًا يعيشون في أحياء فقيرة داخل المدن، يواجهون مخاطر الحرارة بسبب عدم توفر أجهزة التبريد.

ذكر التقرير أن دراسة شملت 52 بلدًا أظهرت أن الأكثر عرضة لهذا الخطر يعيشون في بلدان منها الهند، والصين، وموزامبيق، والسودان، ونيجيريا، والبرازيل، وباكستان، وإندونيسيا، وبنغلادش.

وأعلنت منظمة الصحة العالمية أن ارتفاع درجات الحرارة نتيجة تغير المناخ، سيسبب على الأرجح 38 ألف حالة وفاة سنويًا في أنحاء العالم في الفترة بين عامي 2030 و2050.