يوميّات سوريّة عادية !

بالعربي- كتبت ثريا عاصي:

1ـ العملية الفدائية التي نفذها مناضل فلسطيني في مدينة القدس في 8 كانون الثاني 2017 ضد جنود الاحتلال في جيش المستعمرين "الإسرائيليين"، هي بالقطع عمل مقاوم بما هو تعبير عن رفض إنسان مُستعمَر للإستعمار. نقول هذا الكلام وضعاً للأمور في نصابها الصحيح!

لست هنا بصدد مناقشة مسألة المقاومة، أو حرب الشعب التحريرية أو كيفية كفاح الإستعمار الإستيطاني العنصري "الإسرائيلي". إذ من البديهي أن العمل الفدائي الذي قام به الفلسطيني فادي قنبر لا يعدو كونه دليلاً على أن جذوة المقاومة الفلسطينية لم تنطفئ وأن الشاب الفلسطيني نفخ فيها.

أعتقد أنه يحق لنا بعد ست سنوات على بدء حرب الأمبريالية على بلادنا أن نقول بصراحة أن جزءاً من الشعوب العربية قرر الخروج من العروبة، والإنضمام إلى «دولة إسلامية» نواتها الدولة التركية الحالية التي يقودها حزب بايعته جماعات الإخوان المسلمين على امتداد جميع البلدان العربية من الرباط إلى ضفاف الخليج. هذا معطى ثابت ولا جدوى بحسب إعتقادي من إشاحة الوجه عنه. ومن المرجح إستناداً على أن الدولة التركية هي بكل المعايير، حليفة  مقربة لدولة المستعمرين "الإسرائيليين"، أن يكون مشروع إنشاء دولة أو دول إسلامية متناغماً مع مشروع « الدولة اليهودية».

أضع هذه التوطئة لأقول إن الأخوان المسلمين، باسم قيادتهم الرسمية في تركيا، باسم حكومتهم التركية التي تقود حربهم ضد العروبة في سورية، اعترضوا على العملية الفدائية، معلنين أنهم ضد مقاومة المستعمر الأمر الذي يجب ألا يمثل مفاجئة لأحد كونهم، أي الأخوان المسلمين متعاونين مع الولايات المتحدة الأميركية في إطار الحملة التي تشنها الأخيرة ضد الكينونة العربية.

هذا يعيدنا إلى البدء. إلى سايكس بيكو 1916 وإلى وعد بلفور1917. المملكة العربية لشريف مكة وأبنائه مقابل وطن قومي لليهود في فلسطين. ماذا تحقق من المملكة العربية، ماذا بقي منها؟ الآن يريد الأخوان المسلمون دولة إسلامية، مقابل دولة يهودية ! إذن عود على بدء!
2 ـ يحق لنا القول دون لف أو دوران أن شيخ المقاومة ضد الإستعمار "الإسرائيلي" المطران المقاوم هيلاريون كابوجي كان على حق عندما قال ان سورية تتعرض « لحرب صهيونية دنيئة بكلام صريح وواضح، أن الذين يحاربون الدولة السوريين منذ سنة2011، كان المطران المقاوم ينظر إليهم كأعداء يشنون حرباً «صهيونية دنيئة»، يحسن التذكير بأن مطران القدس عطالله حنا أدان بدوره أيضا هذه الحرب على سورية. فلقد شرفني برسالة أرسلها لي جاء فيها «أن سقوط النظام في سورية يعني سقوط المنطقة العربية تحت سيطرة من هم ضد الحضارة والبشرية والإنسانية».

طبيعي إذن أن يكون جميع الذين يحاربون الدولة السورية تحت قيادة السلطان العثماني، سارق مدينة حلب، ضد العملية الفدائية التي نفذها مقاوم فلسطيني من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.

رحل المطران كابوجي شيخ المقاومة، عن هذه الدنيا. في1 كانون الثاني 1917 تذكرت أن حركة تحرير فلسطين، فتح، انطلقت في 01 كانون الثاني 1965 وأن إتفاقية أوسلو التي بدأ التحضير لها في سنة 1991، بعد حرب الخليج الثانية، ضرب العراق، وقعت في سنة 1993 أي أن المطران كابوجي ظل يقاوم، كمثل فادي القنبر وغيره كثيرين، 25 سنة بعد إتفاقية أوسلو ، حتى تبقى جذوة مقاومة المستعمرين "الإسرائيليين" متقدة !

تجدر الملاحظة في السياق نفسه، أن المطران كابوجي ظل أميناً طيلة حياته للعروبة، بالضد من الذين تنكروا لها من أجل «دولة إسلامية» تحت قيادة السلطان أردوغان. إتجاهان وهويتان، وموقفان من الإستعمار!

3 ـ ما مصير إتفاق إطلاق النار في سورية؟ هل يشمل هذا الإتفاق، قوات الجيش التركي التي توغلت في الأراضي السورية ؟ هل يشمل هذا الإتفاق «الثوار» الذين يقطعون الماء عن دمشق؟ من يبيع صهاريج الماء في دمشق ؟ هل ستذهب الفصائل « الثورية السورية « ال 91 إلى كازاخستان للمشاركة في المحادثات المزمع تدشينها في عاصمة هذه البلاد آستانة ؟ ما هو جدول الأعمال المطروح على طاولة البحث؟
لماذا يذهب السوريون إلى آستانة بحثاً عن حلول لخلافاتهم، تحت رعاية أجنبية؟ وهل توجد حلول لخلافات تسببت بحرب طاحنة مستمرة منذ ست سنوات فاسفرت عن مئات الآلاف من القتلى وعن دمار واسع ضرب المدن السورية الرئيسية، فضلاً عن المشردين واللاجئيين والغرقى في مياه البحر ؟ من المسؤول عن الموت المبكر، نتيجة لتخريب المشافي وانقطاع الدواء الذي راح ضحيته مرضى السكري والفشل الكلوي والأورام الخبيثة وجميع المرضى التي كانت حالتهم تتطلب جراحات عاجلة؟

أية حلول سترضى بها الولايات المتحدة الأميركية وحلفاؤها الأوروبيون، وآل سعود ومشايخ قطر والسلطان أردوغان ؟ ألا يجب أن نعرف لماذا أعلنوا الحرب على سورية؟ هل تحققت أهدافهم، هل تراجعوا عنها، أم وافقوا على أن يؤجلوها ولماذا وافقوا؟؟؟ #0236
ونحن ممثلون بالحكومة السورية وبالجيش العربي السوري وبالمقاومين الوطنيين العروبيين في سورية ولبنان وفلسطين وفي بلدان أخرى، ماذا لدينا للمقايضة ؟ كيف يعبر السوريون عن رأيهم وعن خياراتهم من خلال هذه المناورات السياسة والديبلوماسية، علماً أن كثيرين منهم صاروا بلا مأوى أو بلا عمل أو لا تصله الكهرباء ومياه الشفة، والمحروقات...

لماذا لا تطرح الحكومة السورية العتيدة على السوريين برنامجها للحكم؟ لماذ لا تبادر الفصائل « الثورية» المائة إلى اطلاع السوريين على خططها للحكم؟ ولماذا لا يُعطى السوريون فرصة دراسة هذا كله قبل أن يُسمح لهم بقول كلمتهم ! وليأخذوا زمام أمورهم بأيديهم، بدل أن يستمر الإقتتال. 

4ـ حكاية حرب : قدمت للقارئ السوري بوجه خاص والعربي عموماً، كتابي حكاية حرب، الذي وضعت فيه المعلومات التي جمعتها عن الحرب في سورية وفي البلدان العربية التي حل فيها الربيع العربي بشكل من الأشكال، إنتقاماً منها لأنها ساهمت وشاركت في إعادة بناء الجيشين العربيين المصري والسوري وفي حرب تشرين الأول أوكتوبر1973، ثم درست هذه المعلومات بعناية كبيرة ضمن الحدود التي تسمح بها معرفتي وقدراتي الفكرية المتواضعة، فاوصلني ذلك بصراحة إلى ما كنت أعيه وأدركه ولا شك في أن لا أحداً يجهله. إن الولايات المتحدة الأميركية وحلفاءها الأوروبيين لا يحبون السوريين. فلو كان السوريون يريدون إصلاح دولتهم وانتزاع حريتهم وتقوية استقلالهم وتحرير أراضيهم المحتلة لما وقفوا معهم.

ثم أن زمان الثورات ولى ولن يعود، فهذا زمان تفكيك الدول تمهيداً لأخذ المواقع الإستراتيجية فيه وهذا أيضاً زمان تفرقة الناس وبعثرتها تسهيلاً لإنتقاء التخب وتوظيفها ورمي الباقيين إلى البحر أو تجميعهم في مخيمات البؤس على أطراف المدن والبلدان  «المتحضرة»، خلف جدران الفصل العنصري.

هل يعقل أن تسمح الولايات المتحدة الأميركية بقيام ثورة شعبية، تقدمية، وهي التي غزت العراق دون موافقة مجلس الأمن الدولي وخربت ليبيا، وفرضت العقوبات الإقتصادية على سورية وأصدرت قانوناً لمحاسبتها منذ سنة 2003.

خلاصة القول أني تابعت « التطورات» التي رافقت «الربيع العربي»، على الورقة، نظرياً، فاستنتجت أن سورية تتعرض لحرب الغاية منها محوها. هذا ما أردت قوله إلى كل سوري وعربي !