بعد عامين على انتهاء حرب غزة.. لماذا تأخر إعادة إعمار ما دمره الاحتلال؟

بالعربي: يجلس الشقيقان إياد، وسمير أبو ليلة أمام منزلهما المدمر بشكل كامل؛ خلال الحرب الأخيرة على قطاع غزة، وخلفهما أكوام من «الحصمة»، وبعض من شكائر الإسمنت، لم تعد كافية لإعادة بناء القواعد الأساسية للبيت.

المنزل المكون من أربعة طوابق، يحوي ثماني شقق سكنية، يقطنها 70فردًا، سوته الطائرات بالأرض، في يوليو (تموز) عام 2014، لتدخل العائلة فصولًا من المعاناة المتفاقمة، جراء تأخر إعمار منزلهما حتى اللحظة.

يسرد المتضرر الخمسيني إياد أبوليلة، والذي يقطن منطقة الزيتون شرق غزة، لـ«ساسة بوست» تفاصيل ما جرى معه خلال العامين الماضيين، ورحلة البحث عن منحة تتكفل بناء منزله، قائلًا إنّه «بعد أن تم قصف البيت تشردنا في منازل متفرقة للإيجار، ودخلنا معاناة شديدة في تأمين 250 دولار لصاحب البيت، وبعد أشهر قليلة استقر الوضع وبدأت الجهات المعنية بدفع الإيجار إلى أن توقف ذلك أواخر العام الماضي».

بمجرد أن سمع المتضرر عن المنحة القطرية لإعادة إعمار غزة، والتي كانت من أوائل المنح التي باشرت بناء المنازل المدمرة، سارع إلى إرسال أوراقه لوزارة الأشغال العامة والإسكان؛ باعتبارها الجهة المخولة باختيار أسماء المتضررين وفحصها، ومن ثم إرسالها إلى الجهة المتكفلة.

«على أحر من الجمر» كان الخمسيني ينتظر فرز اسمه ضمن المنحة القطرية، لكنه فوجئ بشطبه من قائمة الكشوف، مضيفًا «حينما ذهبت إلى وزارة الأشغال، وراجعتهم، قالوا لي، إنك لم تنه أوراقك الثبوتية، والمنحة القطرية لن تنتظر المتأخرين، وتم إلغاء اسمك، وضاعت آخر أوراقه ومخططاته كاملة».

لم يتمالك نفسه وقتها، وأخذ يتهم الوزارة بوضع أسماء مسبقة من المتضررين على حساب المواطنين «هناك واسطة في المنحة القطرية، والوزارة لم تتعامل بشفافية معنا، هل يعقل أن أذهب للوزارة، وأسأل عن اسمي، وتقول لي أوراقك غير كاملة؟ وفي مرة ثانية قالت لي إن أوراقك فُقدت، ولم يعد لك اسم في كشوفنا، وانتظر منحة أخرى».

تعامل المتضرر مع الواقع المعيش في غزة، وأخذ ينتظر منحة أخرى إلى أن جاء اسمه ضمن المنحة الكويتية، لكن المعضلة الأساسية لديه تكمن في أن إعمار بيته ضمن المنحة لن يشمل أشقاءه؛ إذ وقع بعضهم على استلام الأموال خلال الأسابيع القليلة الماضية، فيما ينتظر البعض الإعلان عن منحة أخرى للانضمام إليها.

شقيقه الأربعيني سمير أبوليلة، تحدث إلى «ساسة بوست»، قائلًا «حتى الآن أنا لا أعرف أي منحة ستشملني، ولي شقيق مثلي، وكثيرًا ما ذهبت إلى وزارة الأشغال في غزة، وأسأل عن اسمي، ويقولون لي: ليس لك اسم حتى الآن، وانتظر منحة أخرى»!

ليس غريبًا في غزة، ولدى أصحاب البيوت المدمرة أن تتعدد المنح للبيت الواحد، فمنزل المتضررين الأخوين إياد وسمير أبوليلة، تتكفل المنحة الكويتية بإعادة بناء أربعة شقق سكنية لمنزلهم، فيما واحد سعودية، وآخرون غير مدرجة أسماؤهم ضمن أية منحة.

انتظار طويل

حالة أخرى متضررة من الحرب الأخيرة على غزة، حاورتها «ساسة بوست»، بالقرب من منزلها المدمر على الحدود الشرقية لغزة، وقد بدأت إعادة إعمار البيت خلال الأشهر القليلة الماضية، لكنه توقف قبل شهرين من الآن؛ بسبب التأخر في صرف المنحة الكويتية.

«أبو محمد»، وهو اسم مستعار، أخذ يتحدث عما أسماه «واسطة إعادة الإعمار للبيوت»، قائلًا «انتظرت كثيرًا عند شبابيك أبواب الوزارة في غزة، وذهبت لجهات كثيرة؛ حتى يضعوا اسمي ضمن أية منحة سريعة تأتي بعد انتهاء القطرية، وكل الوعود كانت عبارة عن مسكنات».

واحدة من مناطق غزة المدمرة خلال الحرب الأخيرة

وأضاف «منذ انتهاء الحرب الأخيرة على غزة، وأنا أسير بشكل شبه يومي إلى الجهات المعنية، لمعرفة مصير عائلتي المشردة حتى اللحظة في بيوت للإيجار، والمثقلة أيضًا بالديون المتراكمة، بعدما توقف صرف» بدل الإيجار «منذ أشهر طويلة».

طال انتظار الرجل في البحث عن منحة، إلى أن استقر الحال مع الكويت؛ ولأن مساحة منزله تقدر بأكثر من 200 متر مربع، فإن المنحة الكويتية ترفض إعادة إعماره.

حينما ذهب إلى وزارة الأشغال العامة والإسكان في غزة، وضعته أمام اختيارين، إما أن يقبل بالمساحة التي أقرتها المنحة الكويتية، أو ينتظر إلى أن تأتي منحة أخرى، لا يعلم متى وقتها، فما كان منه، إلا أنه قبل التوقيع على 150 متر مربع، فيما ستحول الـ50 متر مربع المتبقية إلى منحة مقبلة.

وقع أبومحمد على المنحة، واستلم قبل أسابيع قليلة من الآن أول «كوبونة» من مواد الإنشاء؛ لإعادة بناء القواعد الأساسية لمنزله، إلى أن توقف البناء حتى اللحظة؛ في انتظار صرف «كوبونة» أخرى له، لا يعرف متى سيكون موعدها.

ويتهم أبومحمد وزارتي «الاقتصاد والأشغال العامة»، و«الإسكان»، بالتستر على ما أسماه احتكار تجارة الإسمنت في القطاع، واستغلال معاناة المتضررين وبيعهم بأسعار عالية، دون أي رادع لهم، مضيفًا «الوزارة ضمن المنحة تعطينا كوبونة أطنان قليلة من الاسمنت، وإذا ما احتجنا أطنانًا أخرى نجدها في السوق، ولكن بأسعار عالية جدًا، وحينما نطالب الوزارة بوضع حد للسوق السوداء في القطاع لا تلتفت إلينا».

حالة أخرى التقاها «ساسة بوست» كانت أكثر غضبًا من الوضع التي تمر فيه، لاسيما وأنها لا تعرف متى سيبنى منزلها، وما هي الدولة التي ستتكفل بالبناء، فمعظم جيرانها الذين تم تدمير منازلهم أعادوا بناءه خلال أشهر قليلة من الآن.

وتقول «أم أحمد دياب» «لم أعد أتمالك نفسي، وأنا أرى هذا يبني، وهذا تم فرز اسمه ضمن منحة، وأنا لا أعرف متى يأتي دوري! ذهبت لشخصيات عدة في غزة، ومسؤولين، لكن لا أحد يبشرني بشيء، كلها وعود فارغة وإبر تخدير».

المنزل الذي قصفته الطائرات في الأيام الأخيرة من الحرب، تقدر مساحته بـ120 متر مربع، وهذه المساحة لم تشملها المنحة الكويتية، التي تشمل المنازل ما بين 150 و200. وقد وعدوا كثيرًا بأن تتضمنهم منح أُخرى، إلا أنهم، وإلى الآن، لا يزالون على وضهم.

الحالات الثلاث السابقة توحي بطبيعة واقع إعادة إعمار قطاع غزة جراء الحرب الأخيرة، ومدى المعاناة المتفاقمة لعشرات الآلاف ممن ينتظرون طابور البناء، في المقابل فإن هناك بضعًا من الآلاف قطنوا مساكنهم، وأعادوا بناءها ضمن المنحة القطرية، وآخرين بدأوا ببناء الطوابق السفلى من خلال المنحة الكويتية التي بدأت خلال الأشهر القليلة الماضية.

منح لم تصل بعد

الحرب التي استمرت لـ51 يومًا، دكت فيها المقاتلات الحربية، معظم مناطق قطاع غزة صيف 2014، وألحقت دمارًا وخرابًا في البنية التحتية، وسقوط عشرات الآلاف من الشهداء والجرحى؛ لا زالت آثارها تؤرق آلاف الغزيين.

مؤتمر القاهرة الدولي الأخير لإعادة إعمار غزة

إعادة إعمار ما دمرته الحرب، هو أكثر الملفات حساسية في قطاع غزة؛ فعلى الرغم من رصد ملاين الدولارات من قبل الدول المانحة في مؤتمر القاهرة الأخيرفي الثاني عشر من أكتوبر (تشرين الأول)، إلا أن القليل منها وصل.

وحتى تتضح الصورة أكثر، فإن ملف إعادة إعمار قطاع غزة تتبناه أربع مؤسسات عاملة في القطاع، الأولى حكومة التوافق الوطني الفلسطينية، ممثلة في وزارة الأشغال العامة والإسكان، والثانية «وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين» (الأونروا)، إلى جانب «برنامج الأمم المتحدة الإنمائي» «undp» و«اللجنة القطرية لإعادة إعمار غزة».

تتشارك هذه الجهات في التنسيق ـ فيما بينها ـ ووضع الكشوف والأسماء لأصحاب البيوت المتضررة، والتي تصادق عليها وزارة الأشغال العامة، فيما يصل لكل واحدة منها الأموال عبر قنواتها الرسمية.

«ساسة بوست» قابل الجهات المعنية بملف الإعمار، ووقف على آخر المستجدات بعد عامين من انتهاء الحرب، فعند مدخل وزارة الأشغال العامة والإسكان في غزة يتزايد المراجعون وأصحاب البيوت المدمرة؛ لمعرفة مصيرهم ضمن منح إعادة الإعمار، فتارة يسمعون وعودًا بصرف الأموال، وتارة أخرى لا يلقون جوابًا؛ بسبب شح أموال الإعمار التي وصلت للقطاع.

الوكيل المساعد لوزارة الأشغال العامة والإسكان، «ناجي سرحان» فصّل بالأرقام إحصاءات ما وصلت إليه الحرب الأخيرة، وإنجاز الحكومة الحالي، وسط معوقات عديدة تحيط بملف الإعمار، أبرزها عدم التزام العديد من الدول المانحة حتى اللحظة بالإيفاء بوعودها خلال مؤتمر القاهرة الأخير.

لفت سرحان إلى أن المبلغ المقدر لبرنامج إعادة إعمار غزة حوالي 584 مليون دولار، منها 495 لإعادة الوحدات السكنية المهدمة جراء الحرب، مضيفًا «يتوفر تعهدات بحوالي 265 مليون دولار من دول قطر والكويت والسعودية والإمارات والبنك الإسلامي للتنمية، إلى جانب الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية وغيرها من الدول».

ومن ضمن الأموال المخصصة للإعمار مبلغ 87.3 تم رصده من «الأونروا»، ومخصص فقط للاجئين الفلسطينيين، إلا أن البرنامج ـ بشكل عام ـ سيستفيد منه ما يقرب من 7100وحدة سكنية والمقدرة بحوالي 11000.

يوضح وكيل الوزارة أنه حاليًا جرى البدء في تنفيذ أعمال إعادة إعمار حوالي 3000 وحدة سكنية، من أصل 7500، أي ما يمثل إنجاز حوالي 23.7 من الوحدات السكنية المهدمة خلال الحرب، مردفًا «يبلغ التمويل المتبقي والمطلوب توفيره خلال العام الحالي والمقبل حوالي 287.5 مليون دولار».

ويرى أنه بالرغم من الانفراجة النسبية البسيطة في إدخال مواد البناء لمشاريع إعادة الإعمار، إلا أن دفع عجلته إلى الأمام يتطلب توفير التمويل اللازم للإعمار بموازاة إدخال مواد البناء، وهو ما لم تلتزم به بعض الدول المانحة.

وفي معرض رده على استفسارات من حاورهم «ساسة بوست» من أصحاب البيوت المدمرة، نفى الوكيل أية واسطة في أسماء الكشوفات المقدمة للدول والجهات المانحة، فضلًا عن عدم تسييسها لصالح أية جهة في غزة.

وقال إن «بعض أسماء أصحاب البيوت المدمرة تم استثناؤها من المنحة؛ لعدم جهوزية أوراقهم الثبوتية، فليس من المنطق انتظارهم، والمنحة ستباشر بالتنفيذ، لذلك وضعنا أسماء أخرى جاهزة أوراقها، بدلًا منهم».

وأوضح سرحان أن تأخر المنحة الكويتية يرجع إلى دقة المعايير التي وضعها القائمون عليها؛ فالمراجعة والتدقيق تتم من داخل دولة الكويت والجهات المشرفة عليها، فضلًا عن الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية، بيد أن المنحة القطرية يشرف عليها من داخل القطاع لجنة إعادة الإعمار.

لكنه بين أنه، إذا التزمت الدول المانحة بصرف أموال إعادة الإعمار، فإن إعمار قطاع غزة يحتاج إلى ثلاث سنوات قادمة لطي صفحة معاناة أصحاب البيوت المدمرة، فكل ما تم إنجازه حتى اللحظة من خلال الخطة الموضوعة لإعادة الإعمار هو 50%.

وأشار الوكيل المساعد المشرف على برنامج الإعمار إلى أن السلطة الفلسطينية وفصائل المقاومة مقصرة صوب معاناة أصحاب البيوت المدمرة، لعدم مطالبتها الحثيثة الدول المانحة والجهات المعنية بضرورة النظر إلى الوضع الراهن في القطاع بعد انتهاء الحرب.

خطة سيري

وبعد أشهر قليلة من انتهاء الحرب الأخيرة، تم طرح خطة لإعادة إعمار غزة يمسك بزمامها الممثل الخاص للأمم المتحدة لعملية السلام «روبرتسيري»، بعد اتفاق بين حكومة الاحتلال والسلطة الفلسطينية لإدخال مواد البناء إلى القطاع.

وتشمل آلية لمراقبة ضمان عدم استخدام مواد البناء التي سيتم توريدها إلى القطاع لأغراض أخرى بخلاف عملية الإعمار، في إشارة لاستخدامها من قبل فصائل فلسطينية في تشييد الأنفاق، كما تنص الخطة على أنه في حال غياب بدائل صالحة، فإن الأمم المتحدة ترى أن الآلية المؤقتة لإعادة البناء خطوة هامة برفع الإغلاقات عن غزة وفق قرار مجلس الأمن الدولي 1860 الصادرعام 2009.

بيوت«الكرفان» لإيواء العائلات المشردة بعد الحرب الأخيرة

إلى جانب مراقبة مواد البناء وإعادة الإعمار في غزة بوجود كاميرات مراقبة في المحلات التجارية تكون مرتبطة بمقرات الوكالة أو الاحتلال ، حيث يقوم الاتفاق على ضمانات أمنية مشددة من خلال آلية رقابة من قبل الأمم المتحدة وفق نظام يشرف على إدخال واستخدام جميع المواد اللازمة لإعادة إعمار غزة لضمان عدم تحويلها عن أهدافها المدنية الخالصة.

وعلى الرغم من أن هذه الخطة تم رفضها فلسطينيًا، واعتبارها نوعًا جديدًا من تشديد الحصار المطبق على قطاع غزة منذ عشر سنوات متتالية، إلا أن الاحتلال لا زال يحظى بالمراقبة على كل مواد الإنشاء التي تدخل القطاع حتى وقتنا الحالي.

وصول 30% من الأموال فقط

الجهة الأخرى التي حاورها «ساسة بوست» هي الأونروا، ممثلة في مستشارها الإعلامي بالقطاع، «عدنان أبو حسنة»، والذي ذكر أنه من المفترض أن تبدأ عملية الإعمار مباشرة بعد مؤتمر القاهرة عقب التعهدات الضحمة للأموال التي تم رصدها.

ولفت إلى أن الوكالة طالبت بـ724 مليون دولار، لإعادة إعمار بيوت اللاجئين المهدمة، لكن لم يصل حتى اللحظة سوى 247، حيث طالبنا كثيرًا بضرورة الالتزام، ودفع الأموال للتعجيل في عملية الإعمار، لكن حتى اللحظة لم يصل سوى 30% من الأموال.

وبالتالي، فإن عدد البيوت المهدمة كليًا، والتي تكلفت الوكالة بإعادة إعمارها 9500، يتواجد تمويل لـ2500، بدء تنفيذ البناء بشكل كامل لـ1100 خلال الأشهر القليلة الماضية، فيما بقى سبعة آلاف آخرين لا مأوى لهم حتى اللحظة، ويتواجدون في عمارات للإيجار، أو «كرافانات» تبرعت بها دول عدة لإيوائهم.

أما بالنسبة لأصحاب المنازل المتضررة بشكل جزئي فعددها لدى الوكالة 70 ألفًا، تبقى منهم بحاجة للتعويض 54 ألفًا، حيث لدى الوكالة مشكلة في الوقت الحالي، وهي دفع «بدل الإيجا»، لأصحاب البيوت المدمرة، والتي توقفت منذ شهر مارس (آذار) الماضي، بسبب عجز في وصول الأموال إلى القطاع، وتمويل الإعمار من قبل الدول المانحة.

ينظر حسنة إلى أن تأخر إعمار القطاع لم يعد في التمويل فقط، وإنما بجملة المشاكل السياسية التي تحيط بالمنطقة، لافتًا إلى الأمم المتحدة لم تعد القضية الفلسطينية ومشاكلها على أجندتها، فهناك العديد من الأزمات في سوريا ولبنان واليمن وغيرها، ساهمت في تراجع آليات إعادة الإعمار.

بينما اللجنة القطرية لإعادة إعمار غزة، والتي يرأسها السفير القطري لدى السلطة الفلسطينية «محمد العمادي» فقد أنهت بناء ألف وحدة سكنية تم تدميرها كليًا خلال الحرب الأخيرة موزعة على معظم مناطق القطاع، بعدما تم رصد مبلغ خمسين مليون دولار لبنائها.

ولفت مستشار رئيس اللجنة في غزة «يوسف الغريز» إلى أن قطر هي أو دولة عربية مانحة بدأت خطواتها في إعادة إعمار بعض من المنازل المدمرة كليًا فقط، فقط عن منحها إغاثة مالية عاجلة لجميع المتضررين من القطاع قدرت بحوالي «30مليون دولار».

حيث بدأت المرحلة الفعلية لإعادة الإعمار ضمن المنحة القطرية بعد عام من انتهاء الحرب، وفقًا لدفعات مالية تم رصدها لأصحاب البيوت المدمرة كليًا تشرف عليها اللجنة العاملة في القطاع.


عائلات مشردة في مدارس الأونروا في الحرب الأخيرة
في الموضوع نفسه، أكد الغريز أن اللجنة ليس لها علاقة باختيار الأسماء المستفيدة من المنحة، بل إن وزارة الأشغال العامة والإسكان تعد الجهة الرسمية لاختيار الأسماء ووضعها ضمن كشوفات ترسل للجنة للمصادقة عليها.

سياسة حكومية

وبعد يومين من التواصل مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ((undp لمساعدة الشعب الفلسطيني وافق مدير البرنامج في قطاع غزة «باسل ناصر» على الحديث مع «ساسة بوست»، للوقوف على أبرز ما تم التوصل إليه بالنسبة للعائلات المتضررة جراء الحرب الأخيرة.

المعروف عن البرنامج أنه يقدم مساعدات مالية لأصحاب البيوت المتضررة من المواطنين، وليس اللاجئين بشكل جزئي بليغ، ومتوسط فقط، وفقًا لمنح تقدمها غالبًا المملكة العربية والسعودية، ودولة السويد، وبعض من الدول الأخرى.

فضلًا عن أن السلطة الفلسطينية في الضفة المحتلة، ممثلة برئيس حكومة التوافق الوطني «رامي الحمد الله»، هي التي أوعزت لبرنامج الأمم المتحدة مباشرة أعمالها لحصر وتقييم الأضرار الإسكانية والاقتصادية والصحية وغيرها في القطاع عبر تشغيل 350 موظفًا لمدة ست أشهر متواصلة للقيام بذلك.

نوه مدير البرنامج إلى أن 13ألفًا و581 أسرة متضررة بشكل جزئي تم تعويضها وصرف أموال مخصصة لإعادة ترميم الأجزاء المتضررة من منازلها، فضلًا عن صرف مبلغ «بدل الإيجار» لـ3795 من أصحاب البيوت المدمرة بشكل كلي وجزئي بليغ في العامين الماضيين.

وأوضح أن البرنامج حصر عدد البيوت المتضررة بشكل جزئي فقط «27855 منزلا»، حيث تم تعويض «13581» وإعادة ترميم الأجزاء المتضررة من المنزل، فيما بقى «8000منزل» بحاجة إلى مبلغ مالي لا يتعدى الـ«500$»، بينما الـ «3482» منزل تم توزيعها على المنح القطرية والكويتية والسويدية.

وبالنسبة لـ«8000» أسرة متضررة أجزاء بسيطة من منازلها جراء الحرب، فإن البرنامج رفع مراسلات خطية إلى عدد من الدول المانحة لصرف أموال لها، لكنه وبحسب «ناصر» فإنه لا يوجد أية جهة مانحة تبنتهم حتى اللحظة، نظرًا لوجود أولويات بالنسبة للمانحين صوب أصحاب البيوت المدرة بشكل كامل وجزئي بليغ.


وعند سؤال «ساسة بوست» مدير البرنامج عن سبب توقف دفع «بدل الإيجار» لأصحاب البيوت المدمرة بشكل كامل خلال الأشهر القليلة الماضية، قال «إن هذه سياسة تم اتخاذها بالتشارك والتنسيق مع وزارة الأشغال العامة والإسكان نظرًا لشح التمويل، وعدم التزام معظم الدول المانحة بصرف أموالها لقطاع غزة».

وأضاف «وقف دفع الإيجار كان من وقت توقيع أصحاب البيوت المدمرة على منح تتكفل خلال الأشهر القادمة بناء بيوتهم، وبالتالي هذه سياسة حكومية ناتجة من شح التمويل، وتحويل جزء من الأموال لأصحاب البيوت غير المدرجين ضمن أي منحة حتى الآن».

وبالتالي، فإن البرنامج يتعاطف من خلال هذه السياسة مع أية عائلة فلسطينية من قطاع غزة غير مدرجة حتى اللحظة ضمن أية منحة، حيث إن العديد من المراسلات ترسل للدول المانحة لدفع أموالها، لكنها تقابل معظمها بعدم الرد، أو تلقي وعود.

"ساسة بوست"