هذه قصة القاعدة البحرية... بين "سوليدير" والجيش اللبناني

بالعربي: تعود قضية الاملاك العامة في الحوض الأول لمرفأ بيروت، المعروف ايضا بالحوض الخامس او القاعدة البحرية التابعة للجيش اللبناني،وسعي شركة "سوليدير " الى الاستيلاء عليها الى مطلع التسعينيات من القرن الماضي ، بحسب صحيفة "الاخبار".

وقد لفتت الصحيفة في هذا الشأن الى ان المسألة بدأت عندما اقرّ مجلس النواب، برئاسة الرئيس السابق للمجلس حسين الحسيني قانون الشركة العقارية المحال من حكومة الرئيس الراحل عمر كرامي، بمادة وحيدة واعطى "سوليدير"  حقوقاً واسعة تنطوي على مصادرة املاك خاصة وعامة "ببلاش"، من ضمنها العقارات الناتجة من ردم البحر والعقارات الموضوعة في تصرف مرفأ بيروت في الحوض الاول.

واشارت الصحيفة في تحقيق لها بعنوان "سوليدير في مواجهة الجيش: القاعدة البحرية ملكية خاصة" الى ان حلم الشركة بضم الحوض الاول من مرفأ بيروت بقي منذ عام 1992، اذ اشار ت الى انه في عام 1992، تحديداً قبل الإنتخابات التشريعية في تشرين الأول كان العمل على المخطط التوجيهي لإعادة إعمار بيروت قد انتهى باشراف المهندس هنري إده، الذي وضع الدراسات الأولى لإعادة إعمار وسط بيروت.

وقد لفت اده في مذكراته الى انه قبل إحالة المشروع على مجلس الوزراء،"وبعدما أُعدت جميع الوثائق الضرورية، طلب مني رفيق الحريري بعض الإيضاحات حول الحصة العائدة للدولة في أراضي المرفأ"،  أراد الحريري "معرفة وجهة نظري (ادّه) في التعويض الذي يجب أن تدفعه الشركة العقارية للدولة في مقابل التنازل لها عن هذه الأراضي".

وقد قدّر ادّه قيمة العقارات في هذه المساحة، مُضافة إليها المساحات القابلة للبناء والأسعار المتداولة بالنسبة إلى أوضاع مشابهة، "بما يقرب من 400 مليون دولار"، ولفت في مذكراته الى ان الصدمة كانت في ردّ الفعل الاول للحريري، الذي "رفع ذراعيه إلى السماء"، وقال له "إنه لا مجال لديه لا لدفع مثل هذا المبلغ الهائل، ولا للتخلي عن هذه الأراضي"، طالباً في الوقت نفسه من إده إيجاد "الوسائل الكفيلة بتقليص المبلغ الذي أعلنته".

وتابعت الصحيفة ان الايام مرت ولم تتخلى سوليدير عن الحلم بضم الحوض الأول إلى لائحة الانجازات ، على اعتبار أنّ كل الواجهة البحرية لبيروت ملك لها. عقبة أساسيّة واجهتها هي إشغال الجيش اللبناني للقاعدة البحرية.

وقد كانت أولى "المواجهات" بين قيادة الجيش و"سوليدير" تعود إلى عام 1996، يوم طلبت حكومة الحريري إخلاء "القاعدة" واصطدمت بمعارضة قائد الجيش وقتها إميل لحود. فالشركة العقارية تدّعي ملكية مساحات تشغلها "القاعدة"، علماً أنّ القرار رقم 144/S الصادر في 1925/6/10 يُعرّف الأملاك العمومية بأنها تشمل جميع الأشياء المعدّة لاستعمال مصلحة عمومية، لا تباع ولا تكتسب ملكيتها بمرور الزمن. ومن هذه الأملاك: إنشاءات التحصين والمراكز الحربية والعسكرية... فضلا عن ان الشاطىء والبحر هما من املاك الدولة العمومية.

واشار مصدر متابع للقضية الى ان "سوليدير" لا تعترف بأي نص قانوني، وهي "عملت طيلة سنوات على ضّم أمتار من المساحات التي يتمركز فيها الجيش بحجج متعددة".

وقال المصدر  إنّ الملّف فُتح من جديد "بعدما عاين وزير الدفاع سمير مقبل، منذ سنة تقريباً، المرفأ وبحث الأمر مع الجهات العسكرية المعنية".

و لا يؤكد المصدر حصول مفاوضات من أجل أن يخلي الجيش «القاعدة»، وخاصة بوجود موقف سياسي غير معارض لذلك، "الأكيد أنّه إذا كان هناك حديث مشابه، فقد توقف الآن"، مؤكداً توقيع مُقبل منذ أسبوع، تقريباً، طلب تنظيف الحوض الأول وبكلفة مليون دولار تقريباً. ووفق أحد الخبراء المطلعين "الحوض نظيف ولكنّه قد يكون إجراء تمهيدي للسيطرة على المكان".
واشار المصدر المتابع للملّف الى أنه في ما خصّ المعدات والآليات العسكرية فان "قاعدة جونية تُعدّ أهم من قاعدة بيروت، إلا أن الأخيرة هي أساسية استراتيجيا. لذلك من غير الممكن أن يخلي الجيش المكان حتى لو أتت الموافقة السياسية".

يُسلّط الضوء من جديد على المرفأ بعدما طلبت إدارة واستثمار مرفأ بيروت، في تشرين الثاني الماضي، من محافظ بيروت زياد شبيب استبدال الباب الغربي للمرفأ، المعروف بـ"الشامية"، بمدخل جديد قرب مبنى الجمارك.

وقد وافق شبيب على اعتبار أنّ "هذا الاقتراح سيسهّل الحركة المرورية ويُخفف من الازدحام"، خلافاً لما يؤكده عدد من الوكلاء البحريين أنّ ذلك "سيُعرقل الحركة وخاصة للمركبات الآتية من الجنوب".

وبحسب هؤلاء فان استبدال المدخل ما هو الا الخطوة الأولى في مشوار الاستيلاء على المرفأ "وهو تمهيد لإعادة ردم الحوضين الثالث والرابع". هذه المرّة يبدو أنّ الشركة ماضية في مشروعها "وهي بدأت بيع مواقف لليخوت في الحوض الأول. يريدون تضييق الخناق علينا وعلى عملنا".

كما يسعى الوكلاء البحريون إلى وضع الملّف على جدول أعمال البطريركية المارونية والأحزاب السياسية ولكن حتى الساعة لم تُثمر جهودهم: "حتى ولو أقفلنا الطريق وحدنا، المغامرة جديرة بأن تُخاض. هذا البحر لي. لنا جميعاً. وهذه المساحات هي حقّنا الذي نسعى إلى الحفاظ عليه في وجه حيتان المال".