ماهي حظوظ مرور ملف الاستيطان في مجلس الامن؟

بالعربي: مرة اخرى تعود السلطة الفلسطينية الى اروقة مجلس الامن الدولي وفي يديها ملف الاستيطان "الاسرائيلي" ستطرحه على المجتمع الدولي بغية الحصول على قرارٍ بشأن وقف قرارات الاستيطان "الاسرائيلية"، التي كان اخرها مصادرة نحو 1500 دونمٍ من الأراضي في منطقة أريحا كأراضي دولة، بقرارٍ من رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو .

رئيس دائرة شؤون المفوضات صائب عريقات اعلن يوم امس ان القيادة الفلسطينية " تتواصل مع المجتمع الدولي وتتشاور معه، وأعتقد انه علينا التوجه الى مجلس الأمن بقرار يتعلق فقط بالمؤسسة الاستيطانية".

وأضاف ان "الاسرائيليين"لم يستجيبوا لأحد ولم يوقفوا الاستيطان، ولم يسمعوا لا للرئيس الأميركي ولا لوزير خارجيته، داعياً إياهم إلى عدم منع الفلسطينيين من الذهاب إلى مجلس الأمن"، مشدداً على أننا "نحن الضحايا هنا".

ولطالما تشاءم الفلسطينيون من مجلس الامن الذي شكل حاضنة حامية للسياسة "الاسرائيلية" بفعل "الفيتو" الامريكي الذي احبط كل توجه فلسطيني او عربي لإدانة "اسرائيل" خاصة الاستيطان، والذي كان ابرزه في شباط 2011 حين استخدمت واشنطن "الفيتو" ضد قرار يتعلق بالاستيطان، تلاه احباط ثلاث محاولات اخرى لدفع قرارات في مجلس الأمن، في الموضوع الفلسطيني، فما هي حظوظ مرور هذا التوجه الجديد؟ وما المغزى في توقيته؟.

أمين سر المجلس الثوري لحركة فتح امين مقبول قال لـ"وطن للأنباء" ان التوجه الجديد لمجلس الامن يأتي في سياق الخطوات التي قررتها  القيادة الفلسطينية استنادا الى قرارات المجلس المركزي لمنظمة التحرير في اذار الماضي، بهدف وضع حد عملي لوقف الاستيطان من قبل مجلس الامن الدولي.

وحول حظوظ مرور هذا القرار في مجلس الامن وما الهدف من التوجه اليه في ظل التجربة السابقة التي اصطدمت بالفيتو الامريكي قال مقبول " لطالما ادانت الولايات المتحدة الامريكية الاستيطان "الاسرائيلي" واعتبرته عائقا امام تحقيق السلام وحل الدولتين لكنها تمنع ادانة "اسرائيل" في مجلس الامن من خلال "الفيتو".

التوجه الجديد سيجعل الولايات المتحدة تقف امام العالم الذين يدين الاستيطان "الاسرائيلي" ويعتبره غير شرعي وسيكشف تناقضها اذا ما استخدمت الفيتو".

ويعوّل الفلسطينيون على التطورات السياسية المتعلقة بملف الاستيطان، والتي كان اخرها موقف المجلس الوزاري في الاتحاد الأوروبي، بشأن التزام دول الاتحاد بضمان أن تشير كل الاتفاقيات المبرمة بينه وبين "إسرائيل" بشكل صريح إلى عدم انطباقها على الأراضي التي احتلتها الأخيرة عام 1967.

ويأتي هذا الموقف بالتزامن مع تقرير نشرته منظمة "هيومن رايتس ووتش" قالت فيه "إن على الشركات أن تكف عن العمل في المستوطنات "الاسرائيلية" ، وعن تمويلها وخدمتها والتجارة معها، من أجل الالتزام بما عليها من مسؤوليات في مجال حقوق الإنسان، كونها تستفيد من نظام غير قانوني ومسيء من حيث التعريف، ينتهك حقوق الفلسطينيين".

وأضاف التقرير أن "هذه الشركات تعتمد على وتسهم في مصادرة السلطات "الاسرائيلية"غير القانونية للأراضي الفلسطينية والموارد الفلسطينية الأخرى، كما تستفيد من هذه الانتهاكات ومن سياسات "إسرائيل" التمييزية التي تقدم امتيازات للمستوطنات على حساب الفلسطينيين، كإتاحة الأراضي والمياه والمساعدات الحكومية وتصاريح استصلاح الأراضي".

بدوره، قال الكاتب والمحلل السياسي احمد رفيق عوض"، ان التوجه الفلسطيني الى مجلس الامن يرتبط بقرار الاتحاد الاوروبي الأخير، وتقرير "هيومن رايتس ووتش"، والتصريحات الامريكية ضد الاستيطان في محاولة للضغط على "اسرائيل" للدخول في عملية تسوية جديدة في ظل بروز تحديات كبيرة كانهيار السلطة الفلسطينية وتفجير الاوضاع الميدانية، وتحالفات الولايات المتحدة في المنطقة.

ويرى عوض ان التوجه الفلسطيني الى مجلس الامن قد يمر دون "فيتو" امريكي في ظل المعطيات السابقة، وتحرر الرئيس باراك اوباما من ضغوطات اللوبي الصهيوني مع بقاء عام واحد على رئاسته، وادراك الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة ان "اسرائيل" تجاوزت الحدود وستؤدي سياستها الى اسقاط السلطة وادخال المنطقة في فوضى لا يمكن التنبؤ بها والسيطرة عليها.

واوضح عوض ان قرار الاتحاد الاوروبي الاخير يستند الى رؤية سياسية في منظور حل الدولتين والحل السياسي المستقبلي القائم على حدود 1967 .

وعن الاثر الذي سيخلّفه القرار في حال مروره في مجلس الامن، قال عوض: ""اسرائيل" سترفض القرار وتدينه في حال مروره لكنها ستواجه مزيدا من العزلة الدولية، وستكون شرعيتها على المحك وتتحول الى دولة ضد القانون والارادة الدولية، وهذا امر مهم ان يتحقق لانه يعني ان الاحتلال هو الخيار الاسوأ في العالم وسيكون له تداعيات على "اسرائيل"".

لكن من جهة اخرى يعتبر البعض ان هذا التوجه ربما يكون الباب المفضي الى الدخول في مفاوضات جديدة مع "اسرائيل" والعودة الى المربع الاول.

وقال الكاتب والمحلل السياسي راسم عبيدات لـ "وطن للأنباء"، "إن هذا التوجه يبرهن على ان السلطة لا تزال تراهن على خيار المفاوضات مع "اسرائيل"، ويبدو ان هذا التوجه لن يتم التخلي عنه".

واضاف ان السلطة لجأت الى هذا الخيار في محاولة لفتح مسار قد يفضي للمفاوضات بعد ان وجدت نفسها بين المطرقة والسندان، حيث الهبة الشعبية تتواصل على الارض وتدفع السلطة الى رفع سقف توقعها، والاحتلال يمارس سياساته على الارض بمصادرة الارض والاستيطان والضغط على السلطة دون ان تقدم لها شيء".

يذكر ان الادارة الامريكية اطلقت مبادرة لاستئناف المفاوضات لمدة 9 شهور لكنها منيت بفشل في نيسان 2014.

وكانت الاذاعة العبرية قد اشارت الى وجود مخاوف لدى مسؤولين "اسرائيليين" من امتناع الرئيس الامريكي خلال سنته الأخيرة في البيت الابيض، عن استخدام "الفيتو" في مجلس الأمن ضد مشاريع قرارات تتعلق بالموضوع، خاصة في ضوء الانتقاد الامريكي المتزايد لسياسة الاستيطان، وبينما تستعد السلطة الفلسطينية للعودة مرة اخرى الى مجلس الامن، فإن "اسرائيل" قطعت شوطا كبيرا في تنفيذ سياستها الاستيطانية، حيث كانت قد رفعت في ايلول 2014 ميزانية دائرة الاستيطان بنسبة 600% لتبلغ اكثر من 400 مليون شيقل لمستوطنات الضفة.

وبلغ عدد المستوطنين في الضفة الغربية نحو 600 الف مستوطن، 260 الف يستوطنون في القدس والبقية في الضفة الغربية. وتتركز المستوطنات في مناطق "ج" التي تمثل 61 % من اراضي الضفة الغربية ويقطنها 60 الف مواطن مقابل 350 الف مستوطن، وتخضع لسيطرة "إسرائيلية" كاملة.

"وطن للأنباء"