فيديو ...من الجنون أن تدمر امة على قضية عمرها 14 قرنا

بالعربي:  من اجتماع السقيفة (سقيفة بني ساعدة) وغداة وفاة النبي محمد (ص)، بدأ الصراع على الخلافة، لم يكن مجرد صراع بين علي وغيره، فقد كان هذا أحد اوجه الصراع، فعلي استند الى وعد النبي لعلي عند غدير خم بقوله " من كنت مولاه فعلي مولاه" وحديث آخر يقول لعلي: "انت مني كمنزلة هارون من موسى الا انه لا نبي بعدي".

كان هذا وجه من اوجه الصراع القائم على قاعدة ان "الامامة من قريش" لكن صراعا آخر دار بين المهاجرين والانصار فقد تزعم سعد بن عبادة الانصار وحاول ان يفرض خلافة لهم، لكن الامر استقر على حل استثنى الأنصار من الخلافة  بتنازلهم حيث قالوا منكم الخلفاء ومنا الوزراء.

ورغم ذلك كان الحل الوسط في هذا الامر تولية شيخ طاعن في السن لم تدم خلافته اكثر من عامين هو ابو بكر الذي اوصى قبل وفاته بالخلافة لعمر الذي طلب وهو على فراش الموت من اهل الحل والعقد ان يختاروا واحدا من بين ستة بينهم علي لكن الاختيار وحسب موازين القوى وقع على طاعن في السن هو عثمان بن عفان، الذي عزز من معسكر بني امية في فترة حكمه حيث قال ابو سفيان وكان هرما ايضا حين بلغ بخلافة عثمان " تلقفوها تلقف الكرة، فانها اذا وصلت اليكم اصبحت بينكم وراثة".

هنا انتصر معسكر بني أمية على باقي قريش من بني مخزوم وبني هاشم، وبات معاوية يحضر نفسه للملك العضوض حيث جرد جيشا الى المدينة كي يخلع عثمان لكن مقتل عثمان قد سبق وصول الجيش لتبدأ حكاية قميص عثمان الملطخ بالدم والذي دار به اصحاب معاوية متهمين عليا في دم عثمان لتبدأ الفتنة الكبرى، فرغم ان عليا بويع كأمير للمؤمنين الا انه قضى فترة خلافته في حروب داخلية بين صفين والجمل حتى قتل على يد الخارجي عبد الرحمن بن ملجم.

وظل الامر سجالا بين احقية علي بالخلافة وسطو معاوية عليها، لتنتقل الى احقية ذرية علي فيها، ليصبح التشيع سياسة رسمية وحزبا سياسيا قوامه الاحقية في الخلافة، ولتنبني على ذلك ايدولوجيا وفقها مغاير لما حكم به الامويون  وليلاحق اسباط علي من حكام بني امية حتى قتل الحسين في معركة الطف في كربلاء، ولتصبح مأساة الحسين يوتوبيا شيعية استمرت الى يومنا هذا.

هذا الصراع على احقية الحكم والخلافة هو صراع سياسي مغلف بيوتوبيا وايدولوجيا لها بعد ديني قسم المسلمين الى فرق مختلفة فيما انقسم السنة فرقا أخرى، ولم تعد المسألة مسألة احقية بقدر ما تشكلت هنا وهناك جماعات اما مغلقة كالدروز والاباضية والبهائية والعلوية، وانقسم السنة بين سلفية وصوفية وغيرها ولم يعد الامر مجرد صراع على احقية الخلافة بقدر ما تشكلت مصالح للطرفين في تبرير معتقدهم، ليتورط المسلمون خلال اربعة عشر قرنا في سجال وحروب لا طائل لها سوى تدمير الامة وحجز تطورها.

يوضح الفيديو المرفق حكمة الامام الغزالي في حقن الدم بين المسلمين، كما يوضح ايضا كيف كان الخليفة واضعا نفسه فوق الصراع بين الفرقتين، وهو ما يشير الى ان مسألة الحكم لم تعد ترتبط بمذهب ما. ان ما يجري الان من نبش لاحقاد عمرها اربعة عشر قرنا ليس سوى حرف لوعي وجهود الامة عن قضايا اخرى جوهرية كالتحرر من الاحتلال والتبعية وكسر حلقة التخلف وبناء مجتمع عصري قائم على قيم الانجاز والعدل والمساواة واعلاء شأن المواطنة.


(وطن للأنباء)