كاتب صهيوني :"إسرائيل" تساعد "داعش" خلافًا للمصلحة الأمريكية

بالعربي: من متابعة ومواكبة التحليلات الصهيونية فإنهم يختلفون عن الروس في النظرة إلى المستقبل السياسيّ لسوريّة. فثمة اقتناع في كيان الاحتلال بأنّه لا مجال لعودة "سوريّة القديمة" وأنّ أيّ محاولة روسية- إيرانية في هذا الاتجاه ستكون عقيمة، ويرى المُراقبون الصهاينة أيضًا أنّ الفرصة الوحيدة لإعادة الهدوء هي إقامة كيانات إتنية-ديموغرافية ذات طابع كونفيدرالي، وأيّ شيء آخر هو استمرار للحرب إلى ما لا نهاية، بحسب تأكيداتهم.

وفي هذا السياق، رأى رئيس مركز الأمن القوميّ "الإسرائيليّ"، التابع لجامعة" تل أبيب"، الجنرال عاموس يدلين، في دراسةٍ جديدةٍ أصدرها، رأى أنّ التدّخل الروسيّ في الميدان السوري يُشكّل تحولاً في الديناميكية المعقدة في سورية خاصة، وفي منطقة الشرق الأوسط عموماً. وهذا التحول، تابع يدلين، ليس متمحوراً بالضرورة حول محاربة تنظيم "داعش"، مع أنّ روسيا تدّخلت في الأزمة تحت هذه الذريعة، وإنما حول التداعيات المحتملة للتحرك الروسي على المنطقة وعلى" إسرائيل".

ومن وجهة نظر حكومة الاحتلال، شدّدّ الجنرال يدلين، الذي شغل في السابق، قائد شعبة الاستخبارات العسكريّة في جيش الاحتلال، شدّدّ على أنّ التحديات الأمنية الأخطر من ناحية الساحة السوريّة مصدرها حزب الله وإيران، في حين أنّ التحديات التي يُمثلها نظام الأسد وتنظيم "داعش" أقل حدة.

ومع ذلك، لفت يدلين، ينبغي تفحص نظام الأسد من خلال نظرة تذهب إلى ما هو أبعد من التهديد المباشر الذي يمثله بالنسبة "لإسرائيل"، فالأسد هو الذي يجعل تعاظم وجود إيران وحزب الله في سورية ممكنًا، ويشكل إسقاطه مفتاحًا لإضعاف "المحور الراديكالي" في هذه الدولة. وتابع قائلاً إنّ الأساس المنطقي للخطوة الروسية وغايتها الإستراتيجية ونطاقها وأمدها، غير واضحين بما فيه الكفاية، لكن من الجلي أنّ هذه الخطوة تضع الكيان الصهيوني أمام واقع يُحتّم عليه إعادة النظر في طريقة تصديه لهذه التحديات، وفي الفرصة الكامنة فيه.

وأشار الجنرال يدلين إلى أنّ إن الطاقات الجديدة التي تضخها روسيا في الأزمة توفر للكيان فرصتين: الأولى، تعزيز الشراكة مع الدول السنية في المنطقة، وعلى رأسها العربية السعودية وتركيا، وذلك بشراكة وقيادة أمريكيّة. مُوضحًا أنّ شعور الغضب والإحباط الذي يعم هذه الدول حيال التحرك وحيد الجانب الذي أقدم عليه الروس، من شأنه أنْ يبرز "إسرائيل" كرصيد استراتيجي وشريك في نظام القوى الذي يمكنه أنْ يُضعف بشكلٍ حاسمٍ تهديد "المعسكر الراديكالي"، المتمركز في ما وراء حدودها الشمالية، الثانية، وفي حال عدم نجاح دفع الائتلاف الغربي للعمل بشكلٍ متزامنٍ ضد الرئيس السوريّ الأسد وتنظيم "داعش".

وفي كل الأحوال، أوضح الجنرال يدلين، على الاحتلال أنْ ينخرط في جهود فاعلة لإسقاط نظام الأسد، على أساس الإدراك أنّه بمعزل عن الاعتبار الأخلاقي، فإنّ إطاحة الأسد ستؤدي إلى إلحاق هزيمةٍ إستراتيجيّةٍ بإيران وحزب الله على أرض الدولة السورية الدامية، حسبما قال.

في سياق مُتصّل، وتحت عنوان "الحلف الخفيّ الذي لا يتحدث عنه أحد: "إسرائيل" و"داعش"، كتب القاضي الصهيوني المتقاعد يعكوف تسالئيل أنّ" إسرائيل" ناشطة في المنطقة الرمادية وتُساعد، خلافًا للمصالح الأمريكيّة، داعش التي يستهدفها التحالف الدوليّ"، على حدّ تعبيره.

وتابع القاضي المتقاعد قائلاً إنّ مقتل عدد من قادة حزب الله والضباط الإيرانيين في الهجوم على منطقة القنيطرة، سواءً نُفذّ من قبل" إسرائيل" أم لا، فهو يتناسب مع الإستراتيجيّة الصهيونية التي تهدف إلى إبقاء الأزمة محتدمة في سورية، وإطالة أمدها قدر الإمكان ومنع وصولها إلى "إسرائيل"، مضيفًا أن ذلك يخدم الأهداف الإستراتيجية التي تراها حكومة نتنياهو الحالية.

وبرأيه، فإنّه في هذا "المجال الرمادي" ينشط الاحتلال، ويساعد، خلافًا للمصلحة الأمريكية، تنظيم "داعش"، الذي تعتبر منشآته وعناصره هدفًا لغارات طائرات سلاح الجو الروسيّ وللطائرات التابعة للتحالف الدوليّ. ويضيف أنه بالرغم من تطرف داعش فإنّ  العداء "لإسرائيل" ليست العنصر المميز لإعلامه.

وتابع قائلاً إنّ داعش يخدم، بنيامين نتنياهو، في ساحة الإعلام المحلي والدولي. وأنّه عندما تصل الأمور إلى الجانب العملي فإنّ نتانياهو على استعداد لمساعدة داعش، وذلك في حال تبينّ أن قوات "إسرائيلية" هي التي نفذت أيّ هجوم داخل الأراضي السوريّة. ونقل الكاتب عن ضابط صهيوني كبير في قيادة الشمال في جيش الاحتلال قوله إنّه نشأ وضع غريب تقف فيه الولايات المتحدة وكندا وفرنسا في نفس الجانب الذي يقف فيه حزب الله وإيران والأسد، وهذا أمر غير منطقيّ.