العاصفة الرملية تفاقم معاناة سكان “الكرفانات” في غزة

بالعربي: عبثاً يحاول الفلسطيني وصفي النجار (58 عاما) منع تسلل الغبار إلى “بيته المتنقل” المصنوع من الصفيح (كرفان)، بإغلاق نوافذه المتهالكة، في محاولة يائسة للحفاظ على صحة أفراد عائلته، ولكن كميات الأتربة الكبيرة الموجودة في الهواء بفعل العاصفة الرملية التي تضرب منطقة الشرق الأوسط، أفشلت كافة محاولاته تلك.

ويسكن النجار في كرفان حديدي في منطقة خزاعة، شرق مدينة خانيونس، جنوبي قطاع غزة، إذ يصف مسكنه في ظل استمرار هبوب العاصفة الرملية بالتزامن مع ارتفاع درجتي الحرارة والرطوبة بـ” كومة من الصفيح الساخن”.
وقبل يومين، ضربت عاصفة رملية محملّة بالغبار والرمال مناطق واسعة من بلاد الشام، شملت بشكل أساسي “سوريا وأجزاء من الأردن ولبنان وفلسطين”، فيما يرى راصدون للأجواء أن العاصفة ستستمر حتى الأحد المقبل في غزة.
وفاقمت العاصفة الرملية من معاناة الغزيين الذين يعيشون داخل كرفانات حديدية، بديلة عن منازلهم التي دمرتها الحرب الإسرائلية الأخيرة في 7يوليو/ تموز 2014.
ويقول النجار، “جراء ارتفاع درجات الحرارة والرطوبة، وهبوب رياح محملّة بغبار حربي سوريا والعراق، أصيبت عيناي بحساسية شديدة، حولت لونهما إلى الأحمر وصاحب ذلك حكة مؤلمة”.
ويوضح المسن الفلسطيني أن سكان “البيوت الصفيحية المتنقلة” تأثروا بشكل كبير بالعاصفة الرملية وارتفاع درجات الحرارة والرطوبة، متابعاً “درجة حرارة الكرفانات بالأصل مرتفعة، فكيف يكون جوها في ظل وجود عاصفة كهذه ؟!”.
ويشكو النجار من إصابة الأطفال الذين يعيشون في الكرفانات بأمراض جلدية مختلفة، نتيجة ارتفاع الرطوبة وكميات الغبار الهائلة، وانتشار أنواع غير مألوفة من الحشرات.
ويذكر أن “سكان الكرفانات، خاصة في منطقة خزاعة يجهلون طرق التعامل مع الأمراض التي تصيب الأطفال”، مرجعا ذلك لقلة الوعي الصحي عند الأهالي.
واستكمل قائلاً “لا خيار لدينا سوى القبول بكل الأوضاع غير الإنسانية التي نعيشها، فحتى إننا لم نخضع لتوعية صحية للتعامل مع الأمراض التي تسببها موجات الحر والعواصف الرملية”.
وبحسب وزارة الأشغال الفلسطينية، فإن نحو 100 منزل متنقل “كرفانات” موجود في بلدة خزاعة لإيواء أصحاب المنازل المدمرة، بعد أن تعرض ما يزيد على 1300 بيت للتدمير والأضرار.
وأما المسنة فضّة حمدان (65 عاما)، التي تسكن في تلك الكرفانات الموجودة في بلدة خزاعة، فقد حوّلت وعاء بلاستيكية مسطحا إلى وسيلة لتهوية حفيدتها، التي أصيب جسدها بحساسية شديدة جراء ارتفاع درجات الحرارة.
وتقول حمدان “غبار العاصفة الرملية محملة بالجراثيم والميكروبات والمواد الكيماوية بفعل الحروب في سوريا وغيرها”، معربة عن تخوفاتها من الإصابة بأمراض نتيجة نقل العاصفة لغبار حربي سوريا والعراق إلى غزة.
وتضيف “لا بديل لدينا لوقاية الأطفال من غبار العاصفة الملوثة إلا أن نضعهم في أوعية بلاستيكية مليئة بالمياه”.
وتشير حمدان أنها أصيبت بارتفاع في ضغط الدم بسبب درجة الحرارة العالية، واصفة الجو داخل الكرفان بـ”الخالي من الأوكسجين”، إذ يعيش داخله 5 أشخاص.
وفي محيط منطقة “الكرفانات” جنوبي القطاع، كانت الفلسطينية رندة محمد (51 عاما) تبحث عن مكان مفتوح بالقرب من الكرفان الذي تعيش فيه مع 8 آخرين من أفراد أسرتها، بعد أن أصابها جو الكرفان بـ”ضيق حاد في الَنفَس″، إذ تصف رندة، الحياة داخل “الكرفانات” في ظل ارتفاع درجات الحرارة والرطوبة بأنها “قاسية ولا تصلح للعيش الآدمي”.
وتضيف “رغم ارتفاع درجات الحرارة وكثرة الغبار، إلا أننا لا زلنا نشكو من نقص في المياه، بشكل يفاقم من معاناتنا، إذ يتعذر علينا تغسيل الأطفال لإزالة الأتربة والغبار عنهم”.
وتقول رندة، إن الصناعة غير المحكمة للكرفانات تمكّن ذرات الغبار والأتربة من التسلل إلى الداخل بسهولة فتلوث الطعام والفراش.
وشنّ الكيان الصهيوني صيف العام الماضي، حربا على قطاع غزة استمرت 51 يوما، أسفرت عن إستشهاد نحو ألفين و 200 فلسطيني، وإصابة 11 ألفًا آخرين، وفق وزارة الصحة الفلسطينية، فيما أعلنت وزارة الأشغال العامة والإسكان الفلسطينية أن إجمالي الوحدات السكنية المتضررة جراء الحرب بلغ 28 ألفًا و366 وحدة.
ووزّعت وزارة الأشغال الفلسطينية ومؤسسات خيرية عربية ودولية “منازل متنقلة” للمتضررين بفعل العدوان الصهيوني  الأخير.

نقلا عن الأناضول