بالصور .. مراهق أيزيدي يفر من معقل "داعش" ويروي أسراره

بالعربي:  روى مراهق أيزيدي كيف أجبر على الظهور في الفيديو الدعائي لـ"داعش"، في أحد معسكراتهم، حيث يُدرب الأولاد الأبرياء الذين لا تتجاوز أعمارهم خمسة أعوام فحسب، ليصبحوا قتلة.

وكشف راغب أحمد، 14 عاماً، لصحيفة "دايلي ميل" البريطانية، كيف أجبره عناصر "داعش" على الصلاة تحت تهديد "الكلاشنكوف"، وعلموه كيفية قطع رأس "الكفار"، قائلين له: "تمسك الرأس، وتسحبه إلى الوراء ثم تقطعه من الرقبة".

في الفيديو الذي صور في مدينة الرقة في سورية، ظهر راغب وأطفال آخرون ممن يطلق عليهم اسم "أشبال الخلافة"، وهم يؤدون التمارين العسكرية ببنادق هجومية محشوة.

وقد تمكنت العائلة من الفرار بمساعدة أحد المهربين، أما الصور التي يظهر فيها راغب برفقة الجهاديين، فقد تمكن من تهريبها معه من سورية، على شريحة ذاكرة إلكترونية، سرقها من أحد المقاتلين.

اختطف عناصر "داعش" الصبيَّ، ووالديه وشقيقه الأصغر وشقيقته عندما اقتحموا شمال العراق في أغسطس/آب من العام الماضي. وحتى اليوم لا تعرف الأسرة إن كان الوالد قد نجا من ذلك الهجوم أم لا.

قال راغب "علمنا عناصر "داعش" كيفية استخدام السلاح، وكيفية قتل الناس". وكان راغب قد ظهر في الفيديو جالساً إلى جانب قائد في التنظيم، المواطن السعودي الملقب بأبي وليد، والمتورط في تجارة رقيق الجنس البشعة. ويصفه راغب "كان تاجراً كبيراً. وكان يبيع ويشتري الناس ... كان شخصاً شريراً ينعت الأيزيديين بالكفار".

                                                             راغب إلى يسار أبو وليد (اليوتيوب)

من مخيم روانجا للاجئين، خارج دهوك، شمال العراق، حيث يقيم راغب اليوم، يتذكر مع شعور نسبي بالأمان، تفاصيل اليوم الذي اختطف فيه وأسرته: "جمع تنظيم داعش الناس داخل مدرسة واحدة في قرية كوجو. ثم قسمونا إلى ثلاث مجموعات. أولاً أخذوا الرجال، ثم أخذوا النساء والإناث، ومن ثم أخذوا الأطفال". يقول راغب إنهم قتلوا الرجال، مضيفاً: "لم أرهم يقتلونهم، لكنني سمعت إطلاق النار والصراخ".

في واحدة من أعنف غزوات داعش، ذبح المتطرفون أكثر من 5000 رجل أيزيدي، واستولوا على 500 من النساء والأطفال، عندما اكتسحوا منطقة سنجار.

وتنظر الجماعة الإرهابية إلى الأيزيديين، كـ"عبدة الشيطان"، وتخيرهم بين اعتناق الإسلام أو القتل، ضمن إصداراتهم الملتوية للشريعة الدينية. شهدت أم راغب، كاملة حسين، المجزرة، وقالت لـ "MailOnline": "جعلوهم يقفون صفاً واحداً ثم بدأوا بإطلاق النار".

نقل راغب بعيداً عن أمه وأخته وشقيقه الأصغر، واقتيد إلى سجن بادوش في الموصل: "في السجن، أمرونا بفتح أيدينا وضربونا بعصا سوداء". وبعد 15 يوماً من إساءة المعاملة، اقتيد إلى عائلته في قرية قرب تلعفر شمال غرب العراق، حيث مكث هناك مدة ثلاثة أشهر مع والدته.

خلال ذلك الوقت اضطرت والدته للعمل تحت أمرة عديد من مقاتلي داعش. وقالت: "كان رجال داعش يأتون ويأخذون النساء، حتى أنا نلت حصتي من الضرب، بينما تمكن بعض أصدقائي من الفرار".

بعد إقامة قصيرة في "مزرعة" خارج المدينة، سيقت الأسرة إلى منزل في الرقة حيث كانت يُنفذ هناك كثير من عمليات الإعدام العلنية. تقول أم الأطفال الثلاثة مرتعشة: "جاء رجل من داعش إلى البيت، وأخبرني أنه سيأخذ أبنائي للتدريب الأساسي".

جلس شقيق راغب الأصغر (11 عاماً) صامتاً قرب والدته وهي تروي القصة، كان محظوظاً إذ نجا من الذهاب إلى معسكر الإرهاب: "خبأت ابني الأصغر تحت البطانيات.. وعندما عادوا ورأوه حاولوا أن يأخذوه"، وأضافت: "قلت لهم إنه مريض، وقد أخذتم ابني الآخر". ورغم ذلك باءت محاولاتها بالفشل، إذ ظلوا مصرين على اقتياده معهم. إلا أنها تمكنت من إقناعهم بالعدول عن فكرتهم عندما قالت لهم: "إنه يعلمنا القرآن الكريم"، فسمحوا له بالبقاء.

                                        راغب متوسطاً والدته وشقيقه الأصغر في مخيم روانجا للاجئين/الديلي مايل

في ذلك الوقت، كان راغب ابنها البكر، قد اقتيد إلى معهد الفاروق للأشبال (مخيم داعش الإرهابي) لتنشئته كطفل جهادي. المخيم المقام في مدينة الرقة كان مجمعاً تحت الأرض، يضم 65 طالباً: "حوالي 50 أيزيدياً و15 مسلماً.. المسلمون كانوا متطوعين، ومن سورية" أوضح راغب، وأضاف: "لم أكن أحبهم لأنهم تطوعوا في داعش، لم يجبرهم أحد على الانضمام، انضموا إليهم بملء إرادتهم".

كان الروتين في معسكر الإرهاب "الصعب" على الأولاد، يبدأ باضطرارهم إلى الاستيقاظ في 4:00 فجراً للصلاة، ثم في الفترة من الساعة 9 حتى 12 كانوا يتلقون محاضرات في أساليب الجهاد العنيف، يليها التدريب العسكري حتى 05:00 مساءً.

"علمونا كيفية استخدام السلاح، تحميله، والتسديد ... لم أكن أحب إطلاق النار من السلاح، ولكنهم طلبوا مني أن أفعل ذلك"، أوضح راغب. وعرض على الأطفال أيضاً كيفية القتل: "جعلونا نشاهد فيديو لعملية قطع رأس. لم أكن أحب رؤية ذلك، لكنهم أجبروني على مشاهدته، كان الضحية مقاتلاً كردياً من البشمركة".

                                                 الحياة القاسية للأطفال داخل المعهد (يوتيوب)

متحدثاً بهدوء متدرب سابق في تنظيم داعش، روى راغب كيف كانوا يعلّمونهم كراهية آبائهم: "الأيزيديون كفار. إذا رأيت والدك أو والدتك عليك أن تقطع رأسيهما"، قال لهم أحد مدربي داعش.

تاجَر تنظيم داعش بالنساء والفتيات، وأجبر بعضهن على العبودية الجنسية: "قالوا لي لا بد أن أتزوج من فتاة مسلمة، وفتياتكم يجب هدايتهن إلى الإسلام"، أضاف راغب: "كثيراً ما كانوا يتفاخرون بالقول: إننا ذاهبون للزواج من نسائكم، أو أننا سنبيعهن في السوق".

كان التدريب في المعسكر وحشياً للغاية وعنيفاً: "كانوا يضربونني في البطن. ويسيرون علي مرددين أن هذا سيجعلني أقوى". خلال ذلك الوقت أجبر راغب والأولاد الآخرون على المشاركة في واحد من فيديوهات داعش، حيث ظهروا بزيهم المموه إلى جانب معلمهم المتشدد ذي الشعر الطويل.

                                                 كان التدريب في المعسكر وحشياً وعنيفاً (اليوتيوب)


"لم يكن أبو وليد معنا في المخيم دوماً، ولكنه في بعض الأحيان كان يأتي إلينا مع أولاد جدد"، أوضح راغب: "أخبرني ذات مرة أنه قد تزوج فتاة أيزيدية". ظهر في الفيديو مدرب آخر: "اسمه أبو عمر، إنه يدربنا على الأسلحة وكيفية قطع الرؤوس"، قال راغب.

بعد أسبوع واحد من إقامتهم، عرض عليهم فيديو للنسخة النهائية المنقحة، في واحد من فصولهم الدراسية، قبل نشره على الإنترنت. صوّر الفيديو في معهد الفاروق للأشبال في الرقة، يظهر فيه الأولاد الصغار ضمن مجموعات وهم يؤدون تدريبات عسكرية بتوجيه من قادة داعش.

في الوقت نفسه، وبينما كان راغب في المخيم، كانت أمه وأخته وأخوه الأصغر قد نقلوا إلى محافظة حلب، حيث أقاموا مع أمير في داعش اسمه أبو عزيز.

"كان متزوجاً من امرأة أيزيدية ولم يسئ لنا أبداً"، حسبما قالت الأم البالغة من العمر 51 عاماً. ومع ذلك، أخذ ابنها الأصغر بانتظام إلى مكتب لداعش يقع على بعد بضعة كيلومترات من منزل أبو عزيز. "كنت أتعلم في هذا المكتب عن الإدارة في"داعش". وأوضح الابن الأصغر: هناك أصدر المقاتلون "تصاريح" للناس تسمح لهم بالسفر في جميع أنحاء سورية والعراق "أرض داعش".

كانت الأم في تلك الفترة تعامل معاملة عبدة في منزل الأمير، "كنت أبكي دائماً على ابني البكر وأسأل عنه"، وربما لتهدئتها وافق أمير داعش على إحضاره إلى المنزل. مكثوا في بيته ثلاثة أشهر، ثم سمهم إلى أسرة مقاتل آخر في داعش، وكان الأخير سورياً بحسب ما ذكرته الأم التي ختمت قصتها قائلة: "دفعنا حوالي 1650 يورو لمهرب، وتمكنا من الفرار إلى بلدة عفرين السورية بالقرب من الحدود التركية، قبل لجوئنا إلى كردستان العراق...


أقاربنا المتبقون يساعدوننا هنا.. لكننا سعداء بالتحرر من داعش".

(العربي الجديد)