لماذا غاب الدور الأمريكي في حل أزمة اللاجئين السوريين؟

بالعربي: عرض مئات الأمريكيين الاثنين 7 سبتمبر/ أيلول استضافة لاجئين سوريين في بيوتهم وقالوا في مناشدة على الإنترنت إن على الولايات المتحدة السماح بدخول المزيد من المهاجرين الفارين من الحرب الأهلية، معترفين بدور بلادهم الضعيف في حل الأزمة.

حيث وقع حوالي 1300 شخص المناشدة على موقع "موف أون دوت أورج" ودعوا الولايات المتحدة إلى رفع القيود على دخول اللاجئين السوريين في الوقت الذي تكافح فيه أوروبا للتعامل مع أعداد قياسية من طالبي اللجوء.

وقال أحد الموقعين على المناشدة ويدعى القس إيفرت شاتوك (59 عاما) من ميل كريك بولاية انديانا إن فتح منزله للاجئين جزء من التقاليد الأمريكية للترحيب بالمهاجرين.

وأضاف شاتوك "علاوة على ذلك نتحمل بعض المسؤولية إزاء تلك (الحرب) بسبب سياستنا لتغيير النظم في الشرق الأوسط. معظم هؤلاء اللاجئين نتيجة لذلك" مشيرا إلى الغزو الأمريكي للعراق في 2003.

وقالت ويندي ويلسون ميلر (40 عاما) وهي من ستوديو سيتي بكاليفورنيا إنها وقعت على المناشدة لأن الأزمة السورية تبدو بلا نهاية ولأن محنة اللاجئين تزداد إلحاحا.

لكن أشخاصا آخرين رغم ترحيبهم باللاجئين عبروا عن قلقهم إزاء احتمال دخول متطرفين إلى الولايات المتحدة.

وقالت باتي بيري من كرانبيري ليك بنيويورك "أصلي من أجل ألا يحاول إرهابيون متخفين في صورة لاجئين الدخول."

غياب الدور الأمريكي

وبينما تبذل أوروبا جهودا كبيرة للتعامل مع سيل اللاجئين من الحرب السورية، لا يتوفر لدى حكومة الولايات المتحدة الاستعداد السياسي لتكون الأراضي الأمريكية ملاذا آمنا لعدد أكبر من اللاجئين السوريين.

الجماعات المدافعة عن حقوق اللاجئين والمهاجرين كانت قد دعت الولايات المتحدة لاستقبال المزيد من اللاجئين السوريين قبل اندلاع الأزمة الحالية في أوروبا بفترة طويلة.

البعض منهم كانوا يأملون أن تساعد موجة الغضب الدولية بسبب صور الطفل السوري "آلان" الذي جرفته المياه إلى شاطئ تركيا الأسبوع الماضي، إلى جانب دعوة البابا فرنسيس الأحد الأبرشيات الأوروبية لاستقبال اللاجئين قبل أسبوعين فقط من زيارة يقوم بها للولايات المتحدة في تحفيز الولايات المتحدة على التحرك.

صمت البيت الأبيض

تقول ميشيل برانيه من لجنة النساء اللاجئات "تستطيع الولايات المتحدة وعليها أن تفعل المزيد"، مؤكدة أن "صمت البيت الأبيض على هذا غير مقبول."

متحدث باسم البيت الأبيض قال الاثنين إن حكومة الرئيس باراك أوباما "تدرس جديا مجموعة من المناهج لزيادة استجابتها في وجه أزمة اللاجئين العالمية بما في ذلك إعادة توطين اللاجئين."

وقال المتحدث بيتر بوجارد إن الولايات المتحدة قدمت مساعدات إنسانية بأكثر من 4 مليارات دولار منذ بدأت الأزمة السورية وأكثر من مليار دولار من المساعدات هذا العام."

لكن الواقع السياسي في واشنطن ربما يطغى على الحجج الأخلاقية.

مخاوف من ضخ الإرهابيين

بعض أعضاء الكونجرس من الجمهوريين قالوا إن السماح بدخول اللاجئين السوريين للولايات المتحدة سيكون بمثابة خط أنابيب لضخ الإرهابيين.

جيمس زغبي رئيس المعهد العربي الأمريكي أشار إلى صعوبة تنفيذ ذلك بسبب الخوف من الإسلام والخلط بين السوريين والعراقيين والإرهابيين."

وأضاف "آمل أن يتمكن البابا من تغيير هذا الفكر ويلين بعض القلوب القاسية لكن هذا لن يتضح الآن."

وتشعر الإدارة الأمريكية بالقلق من أن يتسلل جهاديون من تنظيمي "داعش" أو القاعدة الى البلاد باعتبارهم لاجئين.

وقالت وزارة الخارجية إن عملية الفحص الدقيق التي تجريها واشنطن ضرورية لكنها عامل يعقد دخول السوريين للبلاد.

1500 لاجئ سوري فقط في الولايات المتحدة

ومنذ بدء الحرب السورية عام 2011 وافقت واشنطن على لجوء 1500 سوري معظمهم هذا العام وتتوقع وزارة الخارجية وصول 300 آخرين بحلول أكتوبر/ تشرين الأول.

لكن هذا عدد ضئيل في ظل أزمة اللاجئين في أوروبا حيث تستعد ألمانيا لاستقبال 800 ألف من طالبي اللجوء هذا العام أي نحو 1% من سكانها ومقارنة بإجمالي عدد اللاجئين السوريين الذي يبلغ 4 ملايين.

وتعهد رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون الاثنين بأن تستقبل بلاده ما يصل الى 20 ألف لاجئ من مخيمات في سوريا في السنوات الـ5 القادمة استجابة لضغوط شعبية لمد يد العون.


أوباما مشغول بالاتفاق النووي

وفي حين أن الرئيس باراك أوباما الذي ينتمي للحزب الديمقراطي لا يحتاج لموافقة الكونجرس للسماح باستقبال المزيد من اللاجئين، فإن زغبي يقول إن أوباما قد يكون قلقا من المجازفة برد فعل سلبي في وقت يحرص فيه على حشد تأييد المشرعين للاتفاق النووي بين إيران والقوى العالمية بما فيها الولايات المتحدة.

رافضون لاستقبال السوريين!

الجهود السابقة لزيادة أعداد اللاجئين السوريين بالولايات المتحدة قوبلت برفض قوي من عدة أطراف.

في مايو/ أيار كتب 14 عضوا ديمقراطيا بمجلس الشيوخ الأمريكي رسالة دعوا فيها إدارة أوباما للسماح لما لا يقل عن 65 ألف لاجئ سوري بالاستقرار في الولايات المتحدة.

الشهر التالي اعترض العضو الجمهوري بمجلس النواب مايكل مككول على خطط الإدارة للسماح بدخول نحو 2000 لاجئ هذا العام.

وكتب مككول الذي يرأس لجنة الأمن الداخلي بالمجلس وقد أجرت عدة جلسات استماع عن القضية في خطاب إلى أوباما "في حين أن لنا تاريخا من الترحيب باللاجئين نفخر به فإن الصراع السوري حالة متفردة تتطلب حذرا وتدقيقا شديدين."

وأضاف "هذا يمثل أكبر تجمع للجهاديين الإسلاميين في التاريخ" بما في ذلك تنظيمي "داعش"، والقاعدة، مشيرا الى أن مسؤولي الأمن الأمريكيين ليست لديهم المعلومات اللازمة من أجل إجراء تحريات فعالة.

كيف يتم اختيار اللاجئين؟

مفوض الأمم المتحدة السامي لشؤون اللاجئين هو المسؤول عن اختيار اللاجئين الذين يعتبر أن لهم الحق في إعادة التوطين وقالت المتحدثة باسم المفوضية ميليسا فليمنج إنها قدمت طلبات لإعادة توطين أكثر من 16300 لاجئ سوري بالولايات المتحدة.

يقوم بعد ذلك المسؤولون القنصليون والأمنيون الأمريكيون بما في ذلك وزارة الأمن الداخلي بالتحري عن مقدمي الطلبات في الخارج قبل السماح لهم بركوب الطائرة المتجهة إلى الولايات المتحدة.

كيفين إبلبي مدير قسم سياسات الهجرة بالمؤتمر الأمريكي قال للأساقفة الكاثوليك في مقابلة إن المخاوف الأمنية بشأن السوريين ليست في محلها في ظل التحريات المكثفة التي تجرى عن اللاجئين.

وقال إن الولايات المتحدة على سبيل المثال لا تفحص أوراق اللاجئين السوريين من أوروبا وإنما من الأردن وغيره من دول الشرق الأوسط حيث يوجد معظم اللاجئين.

وقال إبلبي إن من المرجح أن يدعو البابا فرنسيس الولايات المتحدة الى أن تلتزم بقيمها كدولة توفر الملاذ الآمن خلال زيارته لها هذا الشهر.

ويدعو مؤتمر الأساقفة الكاثوليك منذ فترة طويلة إلى السماح بدخول المزيد من السوريين وهو يعتقد أن من الممكن أن تستوعب الولايات المتحدة 100 ألف منهم.

روسيف: البرازيل "تبسط ذراعيها" لاستضافة السوريين

وفي المقابل أعلنت رئيسة البرازيل ديلما روسيف الاثنين أن بلادها "تبسط ذراعيها" لاستضافة اللاجئين السوريين، وذلك في الوقت الذي يسعى فيه العالم إلى بذل المزيد من الجهود للمساعدة في حل أزمة السوريين الفارين من الحرب الدائرة في بلدهم.

وقالت روسيف في خطاب بمناسبة العيد الوطني ان حكومتها مستعدة "لاستضافة اولئك الذين طردوا من وطنهم ويرغبون في المجيء للعيش والعمل والمساهمة في الاستقرار والسلام في البرازيل".

وتستضيف البرازيل أكثر من 2000 لاجئ سوري مما يجعل منها المضيف الأول في أميركا اللاتينية للاجئين السوريين منذ اندلاع الأزمة في بلدهم في مطلع 2011.
واضافت روسيف أن "صورة الصغير آلان الكردي، البالغ بالكاد 3 أعوام، صدمتنا جميعا وهي تشكل تحديا كبيرا للعالم اجمع

وأصبحت صورة هذا الطفل الغريق التي لفت العالم أجمع رمزا لمأساة اللاجئين السوريين.


رئيس فنزويلا يقرر استقبال 20 ألف لاجئ سوري

ومن جانبه أعلن رئيس فنزويلا نيكولاس مادورو الاثنين أنه أمر وزارة الخارجية باتخاذ تدابير لاستقبال 20 ألف لاجئ سوري بين الجالية السورية في فنزويلا.

وشرد نحو 11 مليون سوري من ديارهم بسبب النزاع الذي بدأ في مارس/آذار 2011، وأصبح 4 ملايين سوري لاجئين خارج بلادهم في حين أن البقية نازحون في الداخل.

المصدر: (هافينغتون بوست عربي )