في إطار حرب الأدمغة كيف يجند حزب الله العملاء داخل كيان الاحتلال؟

بالعربي: من المُسلّمات في كيان الاحتلال أنّ إيران وحزب الله يتصدّران قائمة الأعداء، كما جاء في التقدير الاستخباريّ الصهيوني الأخير. وبناءً على ذلك، لا تألوا مراكز الأبحاث جُهدًا في محاولاتها لسبر غور منظمة حزب الله، ولا تبخل حكومة الاحتلال برصد الأموال لإجراء الأبحاث والدراسات وخوض الحملات المُكثفّة ضدّ حزب الله بهدف شيطنته، وبما أنّ الإعلام العبريّ هو إعلام مُتطوّع لصالح الأجندة الصهيونيّة، فإنّه يقوم تباعًا بنشر الدراسات والتحليلات، التي تبدو لأوّل مرّة موضوعيّة، ولكنّها في نهاية المطاف، تُنشر على نحوٍ واسعٍ لطمأنة المستوطنين من ناحية، ومن الجهة الأخرى لتؤكّد على أنّ الكيان كان وما زال وسيبقى الرقم الصعب في منطقة الشرق الأوسط من الناحية العسكريّة، كمًّا ونوعًا.

مُحلل الشؤون العسكريّة والأمنيّة في موقع (WALLA) الإخباريّ-العبريّ، أمير بوحبوط، تناول في تقرير مُطوّلٍ نشره الحرب الخفيّة، حرب الأدمغة كما سمّاها، بين ما يسمى جهاز الأمن العام (الشاباك) وبين حزب الله، مُشدّدًا على أنّ حزب الله لا يتورّع عن القيام بعمليات خلف خطوط العدو، وفي مقدّمة ذلك، تشغيل عملاء له في الداخل، كما أنّ الوحدة 1800، التابعة للحزب، تُواصل وبوتيرةٍ عاليةٍ مساعيها لتجنيد عملاء أجانب وإرسالهم إلى الاحتلال عن طريق مطار بن غوريون الدوليّ، وهذا الأمر يضع "الشاباك" أمام التحدّي الأكبر، على حدّ قول المُحلل، صاحب الباع الطويل في المؤسسة الأمنيّة في تل أبيب.

وأشار أيضًا إلى أنّ الوحدة السريّة جدًا في حزب الله تعمل على تجنيد عملاء في كلٍّ من المملكة الأردنيّة الهاشميّة وفي مصر. واستعرض التقرير عددًا من قصص العملاء الذين أرسلهم حزب الله إلى الكيان مُتخّفين بجنسيات أجنبيّة، ومنهم فوزي أيوب، الذي دخل الكيان كسائح تحت اسم مستعار، وتمكّن من العمل في الجاسوسيّة هنا لمدّة سنتين، حتى قامت أجهزة الأمن التابعة للسلطة الفلسطينيّة باعتقاله في الخليل وتسليمه إلى "الشاباك" .

وأقّر المُحلل أنّ "الشاباك" لم يعرف ماذا فعل خلال تنقلاته من القدس إلى الخليل خلال عامين، مُشدّدًا على أنّ أعماله لم تكُن لتخرج إلى حيّز التنفيذ دون المُساعدة من عملاء فلسطينيين محليين. وفي العام 2004 تمّ إطلاق سراحه ضمن صفقة تبادل بين تل أبيب وحزب الله، وتمّ وضع اسمه على لائحة أكبر الإرهابيين المطلوبين للـFBI الأمريكيّ.

أيوب استشهد في الـ30 من شهر أيّار (مايو) 2014 على الأرضي السوريّة خلال الحرب ضدّ التنظيمات الجهاديّة، وفي جنازته شارك كبار قادة حزب الله، وأيضًا المسؤولين الكبار عن الوحدة 1800 التي تختّص بتجنيد العملاء في كيان الاحتلال .

ونقل بوحبوط عن مصادر أمنيّة رفيعة في تل أبيب قولها إنّه مع موته فقد أخذ معه إلى القبر الأسرار الكثيرة والمُهمّة، التي يعرفها القلائل في حزب الله. بالإضافة إلى ذلك، شدّدّ التقرير على الأعمال التي نفذّها رجل حزب الله، حسين مقداد، الذي وصل إلى القدس الشرقيّة وباشر أعماله هناك، ولكن تفجيرًا في غرفته، أدّى لإصابته بجراح بالغة تمّ على إثرها نقله إلى المستشفى، وبعد التحقيق تبينّ للشاباك أنّ حزب الله أرسل مقداد إلى البلاد لتجنيد العملاء وتنفيذ اعمال المقاومة في عمق الكيان، مُشيرًا إلى أنّه تمّ إطلاق سراحه بعد مرور سنتين بالسجن ضمن صفقة بين الكيان والحزب، لافتًا إلى أنّه في الفترة التي نشط فيها مقداد في البلاد كشف الشاباك عن خلية خطيرة تابعة لحزب الله، خططت لتنفيذ عمليات داخل الأراضي المحتلة عام 48 .

المًختّص في شؤون الجماعات الإرهابيّة، د. يورام شفايتسر، من مركز أبحاث الأمن القوميّ، التابع لجامعة تل أبيب قال للموقع: حتى في عصر الإنترنيت والتقدّم التكنولوجيّ في مجال المخابرات، لا يُمكن بأيّ حالٍ من الأحوال التنازل عن العنصر الإنسانيّ، فالعميل قادرُ على تجنيد العملاء، فيما لا يتمكّن الإنترنت من فعل ذلك، على حدّ تعبيره.

وتابع الباحث قائلاً: إنّ عمليات اعتقال نشطاء في حزب الله داخل الكيان، هي جزءٌ صغيرٌ من عمليات حزب الله في جميع أرجاء البسيطة. ولفت المُحلل إلى أنّ رئيس وزراء حكومة الاحتلال الأسبق، أريئيل شارون، كان قد صرحّ في جلسةٍ مغلقةٍ بأنّ حزب الله يقوم بعمليات إرهابيّة ضدّ أهداف صهيونية من اللأراضي الفلسطينيّة المُحتلّة، بحسب تعبيره.

بالإضافة إلى ذلك، استعرض التقرير بإسهابٍ كبيرٍ الإنجازات التي حققها الشاباك في حرب الأدمغة مع حزب الله، وأورد أسماء عددًا من المُواطنين الأجانب والمحليين، الذين تمّ اعتقالهم من قبل مخابرات الاحتلال بسبب تخابرهم مع حزب الله.

د. بوعاز غانور، المدير العّام ومؤسس مركز أبحاث السياسة ضدّ الإرهاب (ICT) في المركز المتعدد المجالات في هرتسليا، شمال تل أبيب، قال للموقع: الكيان كان وما زال العدو المركزيّ لحزب الله، على الرغم من أنّ الحزب يُحارب تنظيم "داعش" في سوريّة.

وأضاف قائلاً إنّ حزب الله يُخصص الميزانيات الهائلة لهذا الغرض، كما أنّه يقوم باختيار الأشخاص بعنايةٍ فائقةٍ، لافتًا إلى أنّه بدون أدنى شكٍّ، فإنّ هذه الأعمال تجري وستستمر بإيعاز وبتنسيق مع إيران، وذلك في إطار “الحرب المفتوحة” ضدّ الكيان، حسبما ذكر د. غانور.

ولفت إلى أنّ حزب الله في قضايا الجاسوسيّة يعمل كما تعمل دولة عظمى في هذا المجال، بما في ذلك تجنيد عملاء في كلّ مكانٍ بالعالم، لأنّه يحمل طموحات عالميّة، وما زال ينتظر ساعة الصفر للانتقام لمقتل قادته الكبار، وهي العمليات المنسوبة للاحتلال.

 د. غانور حذّر في سياق حديثه للموقع من أنّ حزب الله يعمل على تطويق الكيان من جميع الجهات، وقال: أولئك الذين يتّم اعتقالهم من قبل "الشاباك"، هم القلّة القليلة من الذين يعملون في البلاد لصالح حزب الله، ومساعيهم الحثيثة لتنفيذ عمليات ضدّ أهداف صهيونية  في الداخل والخارج لا تتوقّف للحظةٍ لأنّ حسابهم مع كيان الاحتلال ما زال مفتوحًا.

وخلُص إلى القول إنّ حزب الله لا ينتظر فقط تنفيذ الأعمال الانتقاميّة أوْ بناء ميزان الرعب، إنّما ينتظر بفارغ الصبر، أنْ تصل ساعة الصفر لتفعيل الخلايا النائمة في داخل الراضي المحتلة لتنفيذ أعمال مقاومة الكبيرة ضدّ كيان الاحتلال.

المصدر: رأي اليوم