نتنياهو يسعى لاتفاق خلال شهر مع شركات الغاز

بالعربي: بعد تجميد العمل في قطاع الغاز الصهيوني خلال النصف الأول من السنة، تسلّم رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو ملف الغاز، وعين مسؤولين مقربين له في دفة القيادة، وفقا لصحيفة «هآرتس»العبرية. وتوقف العمل في صناعة الغاز الصهيونية إثر قرار من رئيس هيئة مكافحة الاحتكارات دايفيد جيلو في 23 كانون الأول (ديسمبر) الماضي، بتفكيك ملكية الشركات العاملة وتغييرها، بخاصة كونسورتيوم شركة «نوبل إنرجي» الأميركية و«ديليك» الصهيونية.

وحذر من إمكان هذا الكونسورتيوم مستقبلا احتكار إمدادات الغاز الطبيعي إلى كيان الاحتلال، ومن ثم سعر الغاز والكهرباء. لذا أصر جيلو على أن يبيع الكونسورتيوم الذي اكتشف حقلي «تامار» و«ليفايثان» الضخمين، حصته لشركات عالمية أو محلية أخرى، بمعنى آخر كسر احتكاره.

وعد نتنياهو بأن تتوصّل الحكومة خلال شهر واحد (نهاية تموز/ يوليو المقبل) الى حلّ مع الشركات المعنية، يأخذ في الاعتبار اتفاقاً على معادلة سعرية توافقية، وحول هيكلية صناعة الغاز الصهيونية التي لاقت شكاوى عدة من الشركات النفطية العالمية، ما دعاها الى تجنّب الاستكشاف في كيان الاحتلال، حيث لا توجد حالياً شركات نفط دولية (باستثناء «نوبل» التي تستكشف الغاز في المياه الصهيونية )، نظراً الى عدم وضوح القوانين، بالذات عدم توافر ضمانات كافية لمنع المسؤولين الحكوميين من تغيير القوانين بعد توقيع العقود وبدء العمل.

تأخرت الحكومة الصهيونية في اتخاذ قرار حاسم طوال الأشهر الستة الماضية، لخلافات سياسية بين أعضائها في الحكومة السابقة، وللانهماك في انتخابات "الكنيست". إلا أن نتانياهو اتخذ قراره، وهو التوصل الى الاتفاق على حلول وسطى مع الشركات النفطية. وقرر أيضاً إبعاد المسؤولين الذين اتخذوا مواقف ضد الشركات. فاستقال جيلو احتجاجاً على السياسة الجديدة. وتم تعيين المستشار الاقتصادي الأول لنتانياهو، يوجين كيندل، مسؤولاً عن المفاوضات مع كونسورتيوم «نوبل» و «ديليك».

ومعروف أن كيندل يحبذ التوصل الى سعر معتدل وعدم تغيير القوانين بعد الاتفاق مع الشركات. وأضافت «هآرتس» في هذا الصدد: «يمارس مكتب رئيس الوزراء ضغوطاً للتوصل الى اتفاقات. فقد توصل نتانياهو الى قناعات واضحة».تبلغ حصة كونسورتيوم «نوبل» و «ديليك» في حقل «ليفايثان»، نحو 85 في المئة. ويبلغ احتياط هذا الحقل، وهو الأكبر المكتشف في المياه الصهيونية حتى الآن ، نحو 22 تريليون قدم مكعبة. وكان مفترضاً أن يبدأ الإنتاج من الحقل عام 2018، لكن تأخر الموعد نظراً الى وقف «نوبل» أعمالها التطويرية خلال فترة الخلاف مع جيلو.

وأعلنت أنها لن تبدأ مرحلة التطوير الأولى التي تبلغ كلفتها نحو 6.5 بليون دولار، الى أن تصل الى اتفاق واضح ودقيق مع الحكومة. كما أن تطوير المرحلة الأولى من حقل «ليفايثان» تأخر نحو سنتين. وعلى رغم الاكتشافات الغازية البحرية التي حققها كيان الاحتلال ، فإن مجمل احتياطها الغازي المكتشف حتى الآن لا يشكّل سوى 0.5 في المئة من الاحتياط العالمي المؤكد، ما يعني أن كمية الغاز المتوافرة لديها محدودة جداً، مقارنة بها في دول أخرى.

يجمع كيان الاحتلال والشركات البترولية مصالح مشتركة عدة، بخاصة الأرباح المالية الممكن تحقيقها من إنتاج الغاز. فالريع الغازي يساعد الحكومة في تقليص العجز السنوي للموازنة، من خلال تحصيلها الضرائب والرسوم على حقوق الملكية للحقول. ويتوقع أن تحصل الحكومة على نحو 60 في المئة من العائدات المتوقعة من حقلي «تامار» و «ليفايثان». وطبعاً ستحصل الشركات على بقية الأرباح.

هناك أيضاً إنجازات جيوسياسية تتوقع الحكومة الصهيونية الحصول عليها بعد إنهاء الخلافات. وربما تشكّل هذه الأسباب الحافز الأساس الذي دفع نتانياهو الى تسلّم مسؤولية الملف الغازي شخصياً، وتبنّي سياسة واضحة عما يستهدفه.

فهناك أولاً، بدء مرحلة إنتاج الغاز بسرعة لتزويد السوق المحلية، حيث يتم تحويل كل محطات الكهرباء، باستثناء محطة كبيرة تبقى معتمدة على الفحم (السبب جيوستراتيجي) تحسباً لتوقف شبكة أنابيب الغاز لسبب عسكري أو صناعي.

وثانياً، محاولة الحفاظ على عقود تصدير الغاز الصهيوني لتزويد شركات الطاقة في كل من مصر والأردن وفلسطين، وهو هدف أميركي - صهيوني الغرض منه ربط مصادر الطاقة لهذه الدول بالغاز الصهيوني لعقود من الزمن، ومن ثم التحكّم بأسعار الغاز والكهرباء في هذه الدول، ما يوثّق العلاقات مع كيان الاحتلال، التي ستكون في الموقف الأقوى لأنها هي المزودة بإمدادات الغاز.

ثالثاً، عدم تفويت الفرصة لولوج كيان الاحتلال في قطاع الطاقة العربي، أهم قطاع اقتصادي في الشرق الأوسط ذي أبعاد محلية وإقليمية ودولية. رابعاً، يشكّل تزويد إسرائيل بالغاز الدول العربية المعنية، صعوبات لتزويد هذه الدول بالغاز العربي. إذ إن بعض الدول سيضطر الى الامتناع عن التصدير لها لأنها ستضطر الى التعامل في القطاع ذاته، مباشرة أو غير مباشرة، مع الشركات الصهيونية ، ما يعني إمكان مخالفة قوانين المقاطعة العربية.

ويذكر أن الدول الثلاث واجهت معارضة في مجالسها التشريعية ووسائل الإعلام المحلية لاستيراد الغاز الصهيوني، ما دفعها الى إلغاء معظم عقود الاستيراد التي تم التوقيع عليها مع كيان الاحتلال سابقاً، واستبدلت الإمدادات بفتح باب المفاوضات من دول مُصدرة أخرى. إلا أن كيان الاحتلال لم يوقف محاولاتها لتجديد الاتفاقات، ويتوقع أن يضغط نتانياهو لإعادة الكرة لتحقيق هذا الهدف الاستراتيجي في الأشهر المقبلة، نظراً الى أهميته لكيان الاحتلال.

من المرجح أن تحدث سياسة نتانياهو ضجة كبيرة في كيان الاحتلال. فهناك خلافات مهمة بين البيروقراطيين في جهاز الدولة الذين يعتقدون أن سياستهم هي الأصح، لأنها تدافع عن حقوق المستهلك ومصلحة الدولة.

وهناك السياسيون الذين لديهم حسابات وعلاقات دولية، ويعتقدون أن من المهم ترغيب شركات النفط في الاستكشاف في كيان الاحتلال، وهو أمر لا يزال كيان الاحتلال مخفقة في تحقيقه.

ويتوقع أن يصل الخلاف بين الطرفين الى فضح بعض الرشاوى التي تلقاها نواب في الكنيست من شركات النفط.