ثقة اللاجئين بوكالة الغوث تتراجع مع استمرار تقليص خدماتها

بالعربي: لم يعد معظم اللاجئين الفلسطينيين، لاسيما من سكان قطاع غزة المحاصر والفقير، يثقون بوكالة الغوث الدولية "أنروا"، كما السابق، نظراً لعجزها الواضح في تلبية معظم احتياجاتهم.

فالمؤسسة الدولية والتي شكلت بقرار أممي في العام 1949، لإغاثة اللاجئين الفلسطينيين، لجأت خلال السنوات القليلة الماضية لسلسلة من الخطوات غير المسبوقة، قلصت من خلالها خدماتها التي تقدمها للاجئين.

وأسهم العجز المالي الذي تحدثت عنه وكالة الغوث مراراً وتكراراً، في بطء وعرقلة إغاثة متضرري العدوان، وتعذر منح معظمهم التعويضات المالية اللازمة لإصلاح أضرار منازلهم، ما تسبب في تراجع الثقة بشكل واضح بتلك المؤسسة، وتوجيه انتقادات لاذعة لها.

مؤسسة عاجزة
اللاجئ محمود الملاحي، أكد أن أضرار كبيرة لحقت بمنزله جراء سقوط قذائف بجواره خلال فترى العدوان، وكغيره انتظر قدوم الفرق الهندسية المتخصصة بحصر الأضرار، وبعد طول انتظار وصلت تلك الفرق، واستدعي بعدها بثلاثة أسابيع ليوقع على تعهد يلزمه باستخدام الأموال التي سيتسلمها لإصلاح الأضرار، لكنه ومنذ ذلك الوقت ينتظر تسلم المبلغ الموعود دون حدوث ذلك.

وأوضح الملاحي، أنه يداوم على مراجعة مكتب الطوارئ التابع لـ"أنروا"، ليستفسر عن تأخر صرف الأموال، وفي كل مرة يبلغه الموظف المختص بأن هناك عجز مالي لدى وكالة الغوث، وفور توفر الأموال سيتم الصرف، مبيناً أن هذا التأخير حرمه من إصلاح وترميم أضرار منزله، ما فاقم من معاناته.

وبين أن مرور كل هذه الفترة دون أن يتمكن من إصلاح أضرار منزله، رغم استكماله لكل الإجراءات اللازمة، يجعله يفقد الثقة بوكالة الغوث، التي بدت عاجزة تماماً عن إغاثة المتضررين من العدوان.

وكان متحدث باسم وكالة الغوث، أكد في أكثر من مناسبة، أن مؤسسته طلبت من المانحين في مؤتمر شرم الشيخ لإعادة الإعمار مبلغ 724 مليون دولار، للبدء بالإعمار، وما وصل منها فقط 216 مليون دولار، وهذا يظهر مدى عجز "أنروا"، عن دفع التعويضات للمتضررين، أو البدء بإعادة الإعمار.

وقف التوظيف
أما المواطن محمد الزاملي، فأكد أنه وكغيره من الخريجين، يحلم بوظيفة لدى وكالة الغوث، ومن أجل تحقيق حلمه تقدم بطلب توظيف في قطاع التعليم في المؤسسة الدولية، ودرس واجتهد ليتقدم للامتحان، وتقدم بالفعل، لكنه فوجئ بقرار أصدرته "أنروا"، بوقف التوظيف، نظرا للأزمة المالية التي تمر بها.

وأوضح أن هذا أسهم في فقدانه الثقة في وكالة الغوث بشكل كبير، فالوظائف الحكومية لقطاع غزة متوقفة منذ سنوات، وكانت "أنروا"، هي الباب الوحيد الذي يتأمل الخريجون فتحه في وجوههم، وقد أوصد هو الآخر، ولم يعد لديهم أية آمال.

وأكد الزاملي، أن المطلوب من المؤسسة التي أقيمت من أجل خدمة اللاجئين الفلسطينيين، توسيع خدماتها، خاصة في هذه الفترة العصيبة، بدلاً من تقليصها.

وقف معونات
أما الشاب وائل عواد، فأكد أنه كان يتسلم حصة غذائية منتظمة من "أنروا"، تعينه على مواجهة أعباء الحياة الثقيلة، لكن وكالة الغوث قامت بقطع تلك المعونة عنه بشكل مفاجئ، وتوجه إلى مكاتبها وتقدم بشكوى واثنتين، وانتظر إعادة المعونة دون فائدة.

وبين عواد أنه بات يشعر بأن وكالة الغوث تقلص خدماتها تدريجياً تمهيداً لإنهائها، ولم تعد تولي اللاجئين ومشاكلهم اهتمام كما السابق، وهذا يزيد من فقدان الثقة فيها.

خطة سياسية ممنهجة
من جانبه أكد نافذ غنيم، عضو المكتب التنفيذي للجان الشعبية للاجئين، أن ثقة اللاجئين بوكالة الغوث في العادة تتناسب طردياً مع مستوى الخدمات والمساعدات التي تقدمها المؤسسة الدولية، وبما أن الأخيرة قلصت بشكل واضح من مساعداتها، ولم تف بالتزاماتها، فمن الطبيعي أن تتراجع الثقة فيها.

وأوضح غنيم أن أكثر ما يقلق اللاجئين هو قناعتهم بأن التقليصات التي تقوم بها وكالة الغوث، تأتي في ساق سياسي ممنهج، لإضعاف دور المؤسسة، التي كانت ولازالت منذ عقود طويلة عنواناً لقضية اللاجئين، وهذا يتزامن مع هجمة على المخيمات وعلى اللاجئين الفلسطينيين في كل مكان، لتصفية المخيمات وطمس معالمها، وللأسف يبدو أن "أنروا" شريكة في كل ذلك.

وشدد غنيم على أن اللاجئين وممثليهم يدركون بأن موازنات وكالة الغوث هي عبارة عن تبرعات من دول عربية وأجنبية، وهناك تلكك وتأخر في دفع التبرعات، لكنهم يعتبروا أن "أنروا"، هل عنوانهم، لذا فالمطلوب منها أن تضغط وتعمل ما بوسعها لحث المانحين على الإيفاء بتعهداتهم المالية.

وبين أن الفترة الماضية كانت شهدت فعاليات وتظاهرات واعتصامات رافضة لأي تقليص تنفذه وكالة الغوث على مساعداتها أو برامجها الأساسية، وهذه الفعاليات ستتواصل، حتى تتوقف هذه السياسة، وتتراجع وكالة الغوث عنها، وتوسع برامجها وأنشطتها، لاسيما في هذه الظروف العصيبة، التي يحياها اللاجئون خاصة في قطاع غزة المحاصر.

نقلا عن الحدث الفلسطينية