بيع “الذرة”.. نسمات “الرزق” على شواطئ غزة

بالعربي: يتناول زكريا ريان، (36 عاما)، عرنوس (كوز) ذرة طازج، ويقلبه داخل وعاء معدني فوق موقد مشتعل،  لتجهيزه وعرضه للمصطافين الذين يرتادون “كورنيش” بحر غزة بكثافة مع دخول فصل الصيف.

ويترقب ريان، بلهفة نضوج الذرة، ليبيعها للمتنزهين  مقابل نصف دولار للثمرة الواحدة؛ كي يتمكن من توفير قوت يوم عائلته المكونة من 6 أفراد.
ويقول الشاب الفلسطيني “الوضع الاقتصادي الصعب، وانتشار البطالة في القطاع، دفعني لبيع الذرة المسلوقة، للحصول على القليل من المال أعيل به أسرتي”.
ويضيف “لم يعد هناك ملجأ سوى هذا المكان، الذي بالكاد يوفر المصروف اليومي لأسرتي، بعد أن تسبب القصف الصهيوني خلال الحرب الأخيرة في تدمير سيارتي، التي كنت أعمل عليها كسائق أجرة”.
“أجني من بيع الذرة المسلوقة نحو 25 شيقل "اسرائيلي" ( ما يعادل 7 دولارات) يوميا، وهذا لا يكفي إلا لسد جزء قليل من احتياجات أسرتي”، يوضح ريان.
وتم تسريح أكثر من 30 ألف عامل من وظائفهم بسبب الحرب الصهيونية  الأخيرة على  قطاع غزة، في الـ 7 يوليو/تموز الماضي، مما رفع نسبة البطالة لأكثر من 55%، بحسب بيان الاتحاد العام للصناعات الفلسطينية، كما أودت الحرب التي استمرت 51 يوماً بحياة أكثر من 2160 فلسطينيًا، وإصابة ما يزيد عن 11 ألف آخرين.
ومع بدء فصل الصيف، يعمل العديد من الفلسطينيين العاطلين عن العمل، وبينهم جامعيون، في بيع الذرة المسلوقة والمشوية في الشوارع والمنتزهات والأماكن العامة؛ لتوفير قوت يومهم، كما يؤكد  الشاب الفلسطيني أحمد أبو عاصي (24 عاما).
ويحكي أبو عاصي “تخرجت من الجامعة قبل عامين، ولم أجد فرصة عمل في مجال دراستي، فاتجهت إلى بيع الذرة على شارع البحر(الكورنيش)، لتلبية حاجياتي ومساعدة والدي العاطل عن العمل في توفير مستلزمات أسرتي”.
ويضيف، وهو يقلب ثمار الذرة الصفراءعلى موقد حديدي أشعل فيه جمرات من الفحم “انتشار البطالة دفعني للتفكير في العمل كبائع للذرة المشوية، حيث أن رأس مالها بسيط، ويمكنني شرائها وبيعها والحصول على ربح، وإن كان قليل، لكنه يفي ببعض المستلزمات الرئيسية لوالدي وإخوتي الخمسة”.
ومع بزوغ شمس كل يوم جديد، وحتى ساعة متأخرة من الليل، يعلو صوت الفلسطيني ضياء لبد (23 عاما)،  مناديا على المارة لشراء الذرة المسلوقة، التي يبيعها في أحد الشوارع الرئيسية لمدينة غزة .
و يقول لبد “إغلاق المعابر واستمرار الحصار الإسرائيلي على القطاع يزيد من معاناتنا، فنتجه لبيع الذرة لتوفير القليل من المال”، لافتاً إلى أن “بيع الذرة في الأماكن العامة بات مصدرا للزرق أمام العاطلين عن العمل، خاصة بعد الحرب الصهيونية الأخيرة”.
وفي 22 مايو/أيار الماضي، أصدر البنك الدولي، بيانا قال فيه إنّ نسبة البطالة في قطاع غزة وصلت إلى 43 %، وهي الأعلى في العالم، في حين ارتفعت البطالة في صفوف الشباب إلى ما يزيد عن 60% بحلول نهاية العام 2014، وهو أمر “يدعو للقلق”، وفق البنك الدولي.
ويحاصر كيان الإحتلال قطاع غزة، حيث يعيش نحو 1.9 مليون نسمة، منذ أن فازت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بالانتخابات التشريعية في يناير/ كانون الثاني 2006، ثم شددت الحصار إثر سيطرة الحركة على القطاع منتصف العام التالي.
وما زال الحصار متواصلا رغم تخلي “حماس″ عن حكم القطاع، مع الإعلان عن حكومة الوفاق الفلسطينية في 2 يونيو/حزيران الماضي.

نقلا عن الأناضول