مصدر صهيوني: العلاقات بين "تل أبيب" والرياض تتجاوز مرحلة السريّة

بالعربي: في الوقت الذي تتنامى فيه حملة المُقاطعة العالميّة لكيان الإحتلال بسبب سياستها العدوانيّة ضدّ الشعب العربيّ الفلسطينيّ، وفي الوقت الذي تزداد فيع عدد الدول التي تعترف برلماناتها بدولة فلسطين، يبدو أنّ طوق النجاة لها يصل تحديدًا من المملكة العربيّة السعوديّة، وذلك بالرغم من أنّ كيان الإحتلال رفضت وما زالت ترفض المُبادرة العربيّة للسلام، والتي كان أطلقها العاهل السعوديّ الراحل، الملك عبد الله، عندما كان وليًا للعهد. وبحسب المصادر السياسيّة، التي وُصفت بأنّها رفيعة المستوى في كيان الإحتلال، فإنّ العدو المشترك لكيان الإحتلال والسعودية، وسياسة الرئيس الأمريكيّ، باراك أوباما حيالّ هذا العدو، يدفعهما إلى الانتقال بعلاقاتهما إلى العلن وربمّا إلى التحالف ضدّ إيران.

وقال موقع (المصدر) الصهيوني إنّ الكاتب في صحيفة “بلومبرغ” الأمريكيّة، إيلي لايك، اعتبر اللقاء الصهيوني- السعوديّ، يوم الخميس في مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي في واشنطن، على أنّه مؤشر على أنّ الدولتين اللتين حافظتا حتى اليوم على سرية فيما يتعلق بالعلاقات بينهما، بدأتا تتجرآن أكثر في إشهار هذه العلاقات، في ظلّ السياسة الأمريكيّة في المنقطة حيال إيران.
وأشار كاتب المقال في بلومبرغ، الذي حضر المؤتمر الذي جمع بين مدير عام وزارة الخارجية الصهيونية، وأمين سر بنيامين نتنياهو، دوري غولد، وبين مسؤول سعودي، اللواء المتقاعد أنور العشقي، أشار إلى أنّ اللقاء، غير العادي، خير دليل على ذلك. وأضاف أنّ البارز في خطاب الممثلين، حيث خطب العشقي بالعربية وغولد بالإنجليزية، هو رؤيتهما المشتركة حول إيران، الاتفاق بينها على أنّ إيران تطمح إلى السيطرة على الشرق الأوسط ويجب التصدي لها.
وتطرق المتحدثان كذلك إلى أهمية السلام بين كيان الإحتلال والدول العربية. وحسب ما قيل للايك من قبل مسؤولين من الطرفين، فإنّ البلدين يخشيان من الخطر الإيراني وامتداداته في المنطقة، وهو ما تبينّ لهما من خلال اللقاءات الثنائية الخمس التي أجريت بين مسؤولين سعوديين ومسؤولين صهاينة منذ عام 2014، في الهند، وإيطاليا، وجمهورية التشيك. وأوضح المسؤول السعودي للكاتب أنّ التعاون الحقيقيّ بين البلدين في هذه المرحلة ليس واردًا، وأنّ الشرط السعودي لتقدم من هذا النوع هو قبول كيان الإحتلال المبادرة السعودية للسلام منذ عام 2002، والتي أصبحت اليوم تُعرف بالمبادرة العربية للسلام، بعدما صادقت عليها الجامعة العربية. ويختم الكاتب مقاله بالقول إنّ الانجاز الدبلوماسي الكبير من سياسة أوباما إزاء إيران، أيْ محاولته التوصل إلى صفقة مع إيران، قد يكون خلق الظروف لتحالف سعوديّ-صهيوني ضدّ إيران. إضافة إلى ذلك، يُلاحَظ أنّ رئيس الحكومة الصهيونية، بنيامين نتنياهو، منذ توليه الحكومة مجددًا، أصبح يتحدث أكثر فأكثر عن المصالح المشتركة مع الدول العربية المعتدلة ضد إيران، وكذلك عن المبادرة العربية للسلام. ومن المعروف أنّ غولد هو أمين سر نتنياهو، منذ عام 2013، وهو بمثابة مستشار سياسي له. ويُعتبر غولد أحد مستشاري نتنياهو المُقربين، في مجال السياسة الخارجية، منذ عقدين.
وقد تمّ تعيينه، من قبل كيان الإحتلال، سفيرًا للكيان في الأمم المُتحدة في فترة ولاية نتنياهو الأولى كرئيس للحكومة، بين عاميّ 1999 – 1997. تم لاحقًا تعيينه رئيسًا لـ “مركز القدس لشؤون المواطنين والدولة”، وهو معهد أبحاث مُختص بالقضايا الإستراتيجية. عمل غولد أيضًا مُستشارًا لرئيس الحكومة أرئيل شارون بين عاميّ 2001 – 2003، وكان على صلة بين كيان الإحتلال والولايات المُتحدة فيما يخص مسألة “خارطة الطريق”. المسؤول السعودي أيضًا، د. العشقي، كان مُستشار وأمين سر الملك فيصل المرحوم، ورافقه في لقاءات قمة عالمية ومؤتمرات كثيرة. أسس عام 1988 مركز الدراسات الاستراتيجية والقانونية في الشرق الأوسط. يُعتبر د. العشقي مُحللاً مُستحبًا ويُمثل السعودية في لقاءات أكاديمية مُختلفة.
وتحدّث غولد، في واحدة من مقالاته، عن تاريخ حالات التعاون بين كيان الإحتلال والمملكة العربية السعودية، حتى إنْ لم يكن ذلك رسميًّا، وحتى بطرق غير مُباشرة وذلك على الرغم من العداء بين الدولتين. ونجح كيان الإحتلال، في التسعينيات، بتحقيق نجاحات سياسية في الخليج العربي، التي تمثلت بفتح ممثلات اقتصادية لها في قطر وفي عُمان، غير أنه لم تكن هناك خطوة مماثلة فيما يخص السعودية. ربما شارك سفير السعودية في الولايات المُتحدة، الأمير بندر بن سلطان، كمراقب في مؤتمر مدريد عام 1991، وأخذ السعوديون دورًا في المفاوضات، مُتعددة الأطراف، التي بدأت في موسكو، إنمّا لم تكُن هناك علاقات مكشوفة بين إسرائيل والسعودية، ولم تتم أبدًا دعوة ممثليات صهيونية لمناسبات دبلوماسية على الأراضي السعودية. وربما اعتمدت السعودية في الماضي نهجًا براغماتيًا، الأمر الذي كان يهدف إلى خدمة مصالحها العامة. وضع ذلك الواقع، في بعض الأحيان، كيان الإحتلال والسعودية على جانب واحد من المتراس، عندما كان على الدولتين مواجهة دول ذات طابع توسعي في الشرق الأوسط.
كتب غولد، على سبيل المثال، في أحد مقالاته على صحيفة “يسرائيل هايوم”: فتحت حرب اليمن عام 1962 المجال لمصالح مُشتركة. دعمت مصر، برئاسة جمال عبد الناصر، الانقلاب العسكري ضد حكم إمام اليمن، عندما قامت القوات الموالية له بشن حرب عصابات ضد الحكم الجديد في اليمن. كان السعوديون يدعمون الإمام ووفروا لقواته ملاذًا آمنًا على أراضيهم. أرسل جمال عبد الناصر قوة حربية، كان تعدادها أكثر من 60 ألف جندي، وهاجم سلاح الجو المصري أهداف في المدن السعودية، بالقرب من الحدود اليمنية. وبعد ذلك، في حزيران 1963، تم إنشاء حركة في الأردن بدعم مصري نادت بإسقاط الملك حسين. أرادت مصر تغيير الأنظمة العربية الملكية بأنظمة جمهورية بقيادة ضباط جيش سابقين. توجهت السعودية إلى إسرائيل من أجل الحصول على مساعدة بهدف مساعدة قوات الإمام في اليمن.
تمت إدارة العملية تحت إشراف رئيس المخابرات السعودي، كمال أدهم، وقامت خلال تلك العملية طائرات نقل صهيونية  بتوصيل الدعم لقوات الإمام بين عامي 1964 – 1966. في عام 1970، أي بعد ثلاث سنوات من هزيمة الجيش المصري في حرب الأيام الستة، انسحبت القوات المصرية من اليمن. في تلك الفترة نمت سياسة الـ “ريال بوليتيك” السعودية على النفور الأيديولوجي المتمثل بوجود كيان الإحتلال، قال غولد.