بعد التهديد والوعيد: "تل أبيب" تعمل على تخفيف حدّة التوتّر مع حزب الله

بالعربي: تناول مُحلل الشؤون العسكريّة في صحيفة (هآرتس) العبرية، عاموس هارئيل، مسألة قيام "تل أبيب" بتسريب معلومات للصحافة الأمريكيّة حول تعاظم ترسانة حزب الله اللبنانيّ، كمًا ونوعًا، وشدّدّ على مسألة توقيت هذا النشر وما هو الهدف الذي يقف من خلفه.

ونقل عن مصادر في جيش الإحتلال إنّ تصريحات الضابط الرفيع المستوى لصحيفة (نيويورك تايمز) والمعلومات التي قُدّمت إلى الصحيفة هدفها تشديد الرسائل الصهيونية الدوريّة الموجهة إلى حزب الله وإلى المجتمع الدوليّ، والتي تتضمن باختصار الثوابت التالية: إنّ حزب الله يُواصل خرق قرار مجلس الأمن رقم 1701، وتهريب مزيد من السلاح إلى لبنان، ونشر قواته جنوبي الليطاني، مُشدّدًا على أنّ المنظومة العسكريّة للحزب مكشوفة أمام الاستخبارات الصهيونية ، وجيش الإحتلال قادرٌ على مهاجمتها بشدة عند الضرورة، ونظرًا لأنّ الحزب اختار الاختباء وسط المدنيين، فإنّ مهاجمة أهدافه العسكرية ستؤدي إلى قتل أبرياء بصورة غير مقصودة، على حدّ تعبيره. وبرأيه، قد يكون الكشف عن هذه المعلومات لصحيفة أمريكيّة مرّده ما يُريد رئيس الأركان الجديد غادي إيزنكوت أنْ يمليه على قادة الجيش، وهو أنّ مهمة الجيش بقيادته تتمثل في إبعاد الحرب، وذلك من خلال إعداد الجيش للمواجهة المقبلة مقرونًا بمسعى، على الصعيدين الإعلاميّ والسياسيّ، لمنع نشوب مثل هذه الحرب.
وعلى هذه الخلفية يأتي تسليط الأضواء المستمر على التدريبات كأولوية بالنسبة إلى جيش الإحتلال، بعد فترة طويلة من التساهل. وفي هذه العُجالة قال أمس الجمعة قائد الأركان السابق، الجنرال غابي أشكنازي للقناة العاشرة بالتلفزيون العبري إنّه لا يعتقد أنّ الحرب ضدّ حزب الله ستنشب في الصيف القادم، ومع ذلك أكّد على أنّ الجولة القادمة بين كيان الإحتلال وحزب الله هي حتميّة، ولكن حتى اليوم لا نعرف متى ستبدأ، حسبما ذكر. المُحلل هارئيل أضاف قائلاً إنّ الأسابيع الأخيرة شهدت سلسلة من التدريبات نفذتها قوات البر، وستتواصل خلال الشهرين المقبلين. وفي الواقع، فإنّ الإدارة الصحيحة للمخاطر اليوميّة التي يواجهها كيان الإحتلال، والنابعة في أغلبيتها من عدم الاستقرار في المنطقة كلها، ستُمكّن من تقليص مخاطر الحرب المقبلة. وفي الوقت عينه، فإن إظهار جيش الإحتلال درجة عالية من القدرة والتأهب يُمكنه المُساهمة في ردع حزب الله، الذي يُعتبر اليوم العدو الأخطر والأكثر تدريبًا الذي يواجه كيان الإحتلال. وأشار هارئيل إلى أنّ وزير الأمن ألمح هذا الأسبوع حين حذّر من أنّ إسرائيل قادرة على توحيد جميع القوى في المنطقة ضدّها إذا لم تتصرف بصورة صحيحة. ووصف يوجه كيان الإحتلال بأنّه عبارة عن عملية جراحيّة تعتمد على خطين أحمرين، على كل من يتجاوزهما أنْ يعلم أنّ كيان الإحتلال ستتحرك: خرق السيادة في هضبة الجولان، ونقل سلاح من طراز معين إلى حزب الله. وبرأي هارئيل، فإنّ ما يقُضّ مضاجع صنّاع القرار في "تل أبيب" بشكلٍ خاصٍّ هو مساعي حزب الله الحثيثة لتحسين مستوى دقة الصواريخ التي يملكها، حسبما قالت المصادر الأمنيّة الصهيونية . بالإضافة إلى ذلك، تطرّق المُحلل العبري إلى مصير الرئيس السوريّ، د. بشّار الأسد، وقال في هذا السياق إنّ تقديرات شعبة الاستخبارات العسكريّة (أمان) ترى أنّ مصير المعركة في سورية لم يُحسم بعد، لكن في حال سقط الرئيس الاسد، فمن المتوقّع أنْ يُسّرع حزب الله مساعيه لتهريب ما تبقى من منظومات السلاح المتطور التي بقيت في سوريّة، مُشدّدًا على أنّ تحقق هذا السيناريو سيزيد من خطر المواجهة مع جيش الإحتلال
وخلُص هارئيل إلى القول إنّه في كلّ الأحوال، وحتى إذا لم تُحسم الحرب في سورية، فمن الواضح أنّ مواجهة ضخمة تدور هناك توظف فيها جميع الأطرف جهدًا كبيرًا، وبات صراع الكتل في العالم العربيّ بشأن سورية ولبنان واليمن يُهمّش قضايا أُخرى مثل المواجهة الصهيونية - الفلسطينية، التي لم تَعُد مركزية كما كانت في الماضي، كما قال. في سياقٍ ذي صلةٍ، أبدى المحلل الصهيوني المتخصص في شؤون الشرق الأوسط، يهودا بلنغه، خشيته من محاولة المعارضة السورية المتواجدة في منطقة الجولان جرّ جيش الإحتلال لمواجهة مع الرئيس السوري وحلفائه، نظرًا للضائقة التي تمر بها تنظيمات المعارضة في مواجهاتها المستمرة مع الأسد وحزب الله.
وقدّم بلنغه في مقاله لصحيفة (إسرائيل اليوم)العبرية قراءة دقيقة للمشهد على الحدود السوريّة الصهيونية، والمخاطر المحدقة التي يُمكن أنْ يواجهها كيان الإحتلال مستقبلاً، مع استمرار سيطرة أي من قوى المعارضة، أو الرئيس السوري الاسد وحلفائه. وأكد أنّه منذ اندلاع الاضطرابات في سوريّة قبل أكثر من أربع سنوات تحولّت الحدود مع كيان الإحتلال إلى منطقة أكثر تفجرًا، مع إمكانية جرّ عدّة جهات إلى داخل مرجل عنيف.
وأضاف أنّ دخول الدولة الإسلاميّة إلى المعركة ونشاطات جبهة النصرة في البداية برعاية داعش  غيرّت تمامًا حاجة الرئيس السوري وحلفائه لإعطاء ردٍ على التهديد الإسلامي المتزايد. وقال إنه في هذه النقطة دخل الإيرانيون وحزب الله إلى الصورة. وبالمجمل، فإنّ حزب الله بدأ في إشغال الفراغ العسكريّ الذي تركه الرئيس السوريّ، بحسب بلنغه.