ماذا إعترف الصهاينة في عدوانهم الثاني على لبنان ؟

بالعربي: عرضت القناة العاشرة في التلفزيون العبري الحلقة الثانية من الفيلم الوثائقيّ “حرب لبنان الثانية-ثلاث روايات” أكّدت فيه على أنّ التوتر ما زال مستمرًا بين قادة الحرب الثلاثة الذين يتحدثون للمرة الأولى بعد تسع سنوات على انقضائها، وبعد مضيّ عقد من الزمن هناك أسئلة كثيرة مفتوحة. والثلاثي هم: رئيس وزراء الإحتلال آنذاك، إيهود أولمرت، وزير الأمن عمير بيريتس، وقائد الأركان العامّة في جيش الإحتلال، الجنرال دان حالوتس. وكان لافتًا التركيز على معركة بنت جبيل، وكيف كان وضع جيش الإحتلال عشية اجتياحه للبنان مجدّدا، ضمن ثلاث روايات للعدوان الذي أدّى إلى مقتل 119 جنديًّا وضابطًا و45 مدنيًا صهيونيا.

وقال مُعّد التقرير، رفيف دروكر، إنّه خلال الحرب أُطلق حزب الله 4000 صاروخ استطاعت في حينها إحداث شلل في الشمال من خط الحدود وحتى العفولة وحيفا، فيما تلقت العملية البريّة انتقادات قاسية وقتها، خاصة عندما ادّعى المسؤولون بأنّها غير ضرورية وقالوا إنّها ناتجة عن دوافع سياسية داخلية. وشدّدّ الفيلم الوثائقيّ على أنّ حرب لبنان الثانية في صيف العام 2006 شكّلت فشلاً بالنسبة لكيان الإحتلال، وحمّل أولمرت وبيرتس وحالوتس مسؤولية  إخفاقها.
وسأل دروكر: هل قال أولمرت الحقيقة أمام الكنيست؟، وأضاف:”في الـ17 من تموز (يوليو)، وبعد خمسة أيام على بداية الحرب، صعد أولمرت إلى منصّة الكنيست وتحدّث للمرة الأولى علنًا عن أهداف الحرب في لبنان، قائلاً: سنُقاتل من أجل “إعادة الأولاد”(المقصود الأسرى لدى حزب الله) إلى المنازل”، لكن بعد تسع سنوات يكشف أولمرت أنّه عندما أدلى بهذا الكلام، كان يعلم أنّ الصورة مختلفة تمامًا، حيث صرّح خلال المقابلة: سأقول ما كنت أعلمه بالضبط من خلال التقارير التي تلقيتها من قادة الجيش، فقد وصلني أنّ أحد الجنود الأسرى لدى المقاومة قُتل بشكلٍ مؤكدٍ مع فرص جيدة لبقاء الثاني على قيد الحياة.
أمّا بشأن ما حصل في معركة بنت جبيل، فأشار الفيلم إلى أنّ هناك خلافات كبير في الرأي بين القادة الثلاثة، لكنهم يُجمعون على أنّ معركة بنت جبيل كانت إحدى المعارك الحاسمة والقاسية في الحرب. ما يسمى بوزير الأمن بيرتس قال إنّه كان يُفترض بهذه المعركة أنْ تُشكّل نقطة تحوّل في الحرب، وأنْ تخلق صورة انتصار لنا، وأضاف: بسرعةٍ كبيرةٍ بدأنا نُدرك على المستويات العليا، أنّه على الرغم من تقارير كبار قادة الجيش بأن (بنت جبيل بأيدينا)، إلّا أنّ الأمر لم يكن كذلك.
وفيما يتعلّق بشأن ما ادعاه رئيس الأركان الصهيوني بأنّ هذه الاعتبارات لم تكن حاسمة، ردّ بيرتس بأنّها حادثة خطرة جدًا، نحن لسنا جيشًا يهتم بتقارير غير موثوقة، وكان واضحًا ان نصر الله سيرد على ذلك. حزب الله يعرف كيف يتعاطى مع جمهوره وكان واضحًا أنهم سيفعلون كل ما يوسعهم ليثبتوا أنّ بياننا غير دقيق، حسبما ذكر. وتابع الصحافي قائلاً في الفيلم: من هذه النقطة توجّه قائد المنطقة الشمالية إلى رئيس الأركان طالبًا منه الانسحاب من المدينة، فأجابه حالوتس: العكس هو الصحيح، ودعاه إلى تكثيف القتال. وبعد أسبوعين على مواصلتهم العدوان داخل (عاصمة حزب الله)، وفق توصيفهم، تلقى الجيش الصهيوني أكبر ضربة قاسية له خلال كل الحرب. في السياق عينه، ما زال بثّ الحلقة الثانية من تحقيق القناة العبرية العاشرة في برنامج (المصدر) عن حرب لبنان الثانية في مستمرّا في إثارة الأصداء، وفتح نقاش ساخن بين من كان حينذاك رئيسا للأركان، دان حالوتس، وبين عضو الكنيست زهافا غلؤون التي خدم ابنها، يفتاح، كضابط استخبارات في فترة الحرب.
فقد قال حالوتس في مقابلة معه بُثّت أمس إنّ أحد ضباط الجيش من الذين شاركوا في الحرب قد صدر عنه ضدّه انتقادات غير جدّية والتي تهدف إلى تعزيز المصالح السياسية لوالدته عضو الكنيست غلؤون. وقد ردّت غلؤون اليوم في صفحة الفيس بوك الخاصة بها على هذه الأقوال وكتبت: دان حالوتس، أنت شخص حقير ودنيء. وأضافت: عايش ابني يفتاح عن كثب جنبًا إلى جنب مع مئات الجنود الآخرين ليس فقط الثمن المروّع للقتال، وإنما أيضًا الإخفاقات اللوجستية الصعبة التي ميّزت عملية جيش الإحتلال، والتي تسبّبت بأنْ يكون هو وجنوده في أحيان كثيرة على وشك الجفاف، واضطُروا إلى اقتحام محطة بنزين من أجل العثور على الماء، وقد سحبوا أصدقاءهم الجرحى الكثير من الكيلومترات لأنّ القيادة لم تفتح طرق إخلاء.
وأضافت: شاهدت المقابلة ولم أصدّق إلى أي مستوى منخفض يمكن الوصول. دان حالوتس، هل هذا ما أخذته إلى المنزل من الحرب والانتقادات؟ قرّرتَ أنه بسبب أن أحد المقاتلين الذين تجرءوا على طلب تحقيق هو ابن إحدى السياسيات، فتلك إشارة إلى أن انتقاداته وانتقادات أصدقائه في اللواء هي سياسية وغير مقبولة؟ ألا تخجل؟ أليس لديك احترام لهؤلاء الجنود ولِما مرّوا به؟”.
وبحسبها، فقد حاول حالوتس التلميح بأنّ الانتقادات التي صدرت عن ابنها حول أدائه ليست ذات صلة لأنّها يسارية صهيونية ، ولذلك فهي مشبوهة بشكل تلقائي بالخيانة لدولة كيان الإحتلال، ولذلك استاءت. وقد ختمت غلؤون كلامها: بات واضحًا اليوم أنّ حالوتس لم يكن أبدًا يستحقّ قيادة الجنود، وبالتأكيد ألا يدفعهم للمعركة.

نقلا عن رأي اليوم