مركز الأمن القوميّ الصهيوني: السعوديّة قلقةً جدًا من إيران وقد تستخدم القوّة العسكريّة لوقف هيمنتها

بالعربي: يُلاحِظ المتتبع للشأن الصهوني أنّ صنّاع القرار ومراكز الأبحاث والمُستشرقين والخبراء يقومون منذ حوالي الشهرين بتركيز اهتمامهم على السعوديّة، وتحديدًا على مآلات علاقات الرياض مع واشنطن. الباحث مارك هيلر، من مركز أبحاث الأمن القوميّ، التابع لجامعة "تل أبيب"، رأى في دراسةٍ جديدةٍ نشرها على موقع المركز أنّ القلق من إيران يتزايد في الرياض، وأنّه  معه تنمو الشكوك بقدرة أوْ جاهزية إدارة أوباما لكبح مساعي إيران للهيمنة، وفي المقابل يتعزز ميل السعودية للمواجهة المباشرة مع إيران، مع أو بدون تصريح أمريكيّ، حتى وإنْ اضطرت إلى استخدام القوّة العسكريّة في هذه المواجهة، حسبما ذكر.

وتتابع الباحث قائلاً إنّ التعبير الأوضح عن هذا الموقف هو المعركة ا التي تقودها السعودية في اليمن ، فأمريكا، الأكثر تقربًا للسعودية لم تعرف مسبقًا عن هذه العملية، كما اضطر رئيس القيادة المركزية للاعتراف أمام مؤتمر الخدمات المسلحة التابع لمجلس الشيوخ، في الواقع أنّ الأمريكيين سمعوا عن العملية قبل بدئها بثلاث ساعات فقط، بعد أنْ دُعي الملحق العسكري إلى مؤتمر إحاطة. ولفت الباحث إلى أنّ إصرارًا سعوديًا مُستقلاً كهذا تجاه لاعبين إقليميين، يشتبه بأنّهم يتمتعون بالدعم الإيرانيّ أو في مواجهة لاعبين يسهمون بفاعلية لفرض السيطرة الإيرانية في الشرق الأوسط، ليس فريدًا من نوعه إطلاقًا، فعلى سبيل المثال القوات السعودية أرسلت إلى البحرين في آذار (مارس) 2011 في ذروة انتفاضة الأغلبية الشيعية ضد النظام الملكي السني، غير أنّ هذه القوات لم تدخل في معركة مباشرة ولم تتحمل جزءً أساسيًا في القمع الجسدي للثوار، لذلك فإنّ التدخل في اليمن يعتبر تطورًا في التصرفات السعودية، والتي رغم أنها ليست جديدة، فإنّها لا شك دراماتيكية.
وأشارت الدراسة إلى أنّ عددًا من المحللين يرجعون هذا التغيير إلى وفاة الملك عبد الله وقرار وريثه الملك سلمان بدفع المواضيع المجمدة ذات الطابع الأمني، ومن بينها أيضًا تمّ تعيين أبناء الجيل القادم من الأمراء (أحفاد الملك سعود)، والذين حظي اثنان منهم بتعيينه وليًا للعهد ونائبًا لولي العهد، ولكن وقبل أنْ يكون من الممكن إنكار سياسة الوراثة كعامل في قرارات واضعي السياسة، فإنّ التفسير الأكثر منطقية لمضاعفة التدخل السعودي هو اقتناعها العميق والراسخ حول طبيعة المحادثات الدائرة مع إيران حول الموضوع النووي، وأنّ أمريكا مصرة على التوصل إلى اتفاق واسع النطاق مع إيران، والذي على ما يبدو سيشمل تطرقًا لقضايا إقليمية أخرى. وبرأيه، فإنّ خيبة أمل الدول الخليجية والعربية السعودية في الموضوع الأمني، وإصرار الولايات المتحدة على العمل بالشكل الذي يخدم مصالحها فقط، أوصلت هؤلاء إلى الحد الذي باتت عنده تلمح بنيتها منح الدعم الحقيقي للقوى الإسلامية التي تواجه الأسد وإيران في سوريّة، القوى الإسلامية التي أقسمت أمريكا بأنّها “ستضربها وتهزمها”، التخوف الأمريكي تجاه ابتعاد السعودية ودول الخليج جعل الرئيس أوباما يعقد مؤتمر قمة مع قادة دول الخليج بهدف إفشال المعارضة العربية للاتفاق النووي المتبلور مع إيران، وهو التطور الذي يزيد من الانتقادات التي يتلقاها أوباما فقط في الداخل الأمريكيّ.
وكيان الإحتلال مثل العربية السعودية ودول الخليج ترى في إيران العدو الأخطر لها، كما أنّ لديها شكوك كبيرة بما يخص السؤال فيما إذا كانت أمريكا تحت حكم أوباما ما زالت تعتبر سندًا وثيقًا، وبتسلحهم بمثل هذه الرؤية فإنّ أطرافًا معينة في الكيان يميلون للاعتقاد أنّ تنسيقًا استراتيجيًا وتقوية العلاقات مع السعودية ومع دول أخرى مقربة منها أصبح هدفًا سياسيًا مهمًا، وإلى ذلك ففي الظروف القائمة فإن أملًا كهذا يتجاهل حقيقة أنّه رغم أنّ أغلبية الدول العربية السنية تخشى من إيران ولا يستسيغونها إلا أنهم لا يستسيغون كيان الإحتلال أيضًا، حتى وإنْ كانوا يخشونها أقل، ذلك بسبب التضامن العربي مع الفلسطينيين، لذا حتى العلاقات الدبلوماسية الاعتيادية التي ما زالت غالبية الدول العربية تقيمها مع إيران فهي أمر لن تفعله عندما يكون الحديث عن إسرائيل، فما زال الصهاينة الذين يعتبرون أنفسهم واقعيين، وسيما دوائر اليمين السياسي يفضلون التخفي من الفيل الفلسطيني الجاثم في غرفة العلاقات الإسرائيلية العربية لكونهم في الحقيقة آخر من يستعد لدراسة التغيير الجوهري في موقف إسرائيل الحالي من القضية الفلسطينية، قالت الدراسة.
ورأت أيضًا أنّ تقديرات التهديد المتشابهة تساعد فعلًا في خلق اتصالات سرية من نوع ما بين المستويات الأمنية الصهيونية  وبين بعض الدول العربية القلقة من الظل الإيراني الثقيل، وأنْ تخلق إمكانية توسيع العلاقات بينها وبين كيان الإحتلال، ولكن المبدأ الذي يضيفه الكيان بشأن العلاقات القوية و/ أو الأكثر علانية مع دول الخليج غير مقبول على هؤلاء، وهناك أساس منطقي للاعتقاد أنّ الامتيازات الكامنة فيها يتكون أصغر من أنْ تبرر محاسبة الذات والتوترات السياسية الداخلية التي قد يوقظها النهج الإقليمي على الساحة العبرية الداخلية. مُضافًا إلى ذلك، أوضح الباحث، مهما كانت احتمالية النهج الإقليمي فإنّ مزاياها لا يُمكن أنْ تتحقق دون التقدم الواضح في المسألة الفلسطينية، أوْ وإن لم يكن هذا ممكنًا، والأمر ليس متعلقًا بإسرائيل وحدها، ومن دون رؤية مقنعة بأن العائق الأساسي ليس في الجانب الصهيوني، على سبيل المثال الإعلان المتكرر عن التزام الكيان بحل الدولتين، تبني مبدأ المبادرة العربية والحد من البناء في المستوطنات، بيد أنّ تقديم رؤى من هذا القبيل ستكون بحاجة إلى تغيير السياسات، والتي تظهر حكومة الإحتلال نوايا لا تكاد تذكر في تبنيها، أولئك الذين يفتخرون بموقفهم الواقعي من حقهم فعلًا الزعم أنّ (الثمن الفلسطينيّ) لا يُساوي (الفائدة الإقليمية)، لكن ينبغي ألّا نستغرق في الأوهام، خلُصت الدراسة، التي تقول إنّ تدخل كيان الإحتلال في الرد الإقليميّ على التهديدات التي تطرق أبواب كيان الإحتلال أيضًا، وهي التحدّي الإيرانيّ والإسلام المتطرف والضعف الأمريكيّ وأيّ تهديد إقليمي آخر، يُمكن أنْ يكون بديلًا عن التقدم في القضية الفلسطينية وليس ناتجًا عنها، على حدّ تعبير الدراسة الصهيونية .