بروفيسور زيسر: تدّخل حزب الله على الحدود المحتلة السوريّة مؤشرات لجولة قتال أخرى

بالعربي: رأى المُستشرق الصهيوني، البروفيسور إيال زيسر، المُتخصص بالشأن السوريّ، أنّ التدّخل المتعاظم من حزب الله فيما يجري على طول الحدود الصهيونية السوريّة، وكذلك التجريء المتصاعد له إمام كيان الإحتلال، من شأنه أنْ تشير إلى العد العكسي باتجاه جولة قتال أخرى قد أصبح في ذروته، على حدّ تعبيره.

وتابع زيسر قائلاً في مقالٍ نشره بصحيفة (يسرائيل هايوم) العبرية إنّه في نهاية حرب لبنان الثانية قدّم زعيم حزب الله اعتذاره أمام أبناء طائفته الشيعية في لبنان، لأنّه جرَّهم لحرب مع كيان الإحتلال، عندما قال: لو كنت اعلم أنّه ردًا على خطف وقتل جنودها سيقوم كيان الإحتلال بشنّ، حربٍ لما أمرت بتنفيذ عملية الاختطاف. مُشيرًا إلى أنّه منذ ذلك الوقت التزم باعتذاره وحافظ بصرامةٍ على الهدوء على طول الحدود الشماليّة، حسبما ذكر.
وأردف قائلاً: ليس هذا فحسب، فخلال السنة الأخيرة حدث تغيّر استراتيجيّ في جهوده على طول الحدود المحتلة اللبنانيّة السوريّة، وهذا التغير لا يعود بالضرورة إلى القرار الذي اتخذّه نصر الله بشنّ حربٍ على كيان الإحتلال، بل بالعكس، يبدو أنّه حتى الآن غير معني بهذه الحرب، ويُفضّل الامتناع عنها إذا أمكنه ذلك. ولفت زيسر إلى أنّ جوهر التغيير أنّه خلافًا للسنوات التسع فإنّ نصر الله لم يعد يخاف من إمكانية اندلاع حرب، وبات مستعدًا لتحمل المخاطرة بالقيام بخطوات يمكن أنْ تجرّه وتجرّ إسرائيل إلى اشتعال مجدد للحرب، وهكذا، وبإعادة تفسير أقواله عقب حرب لبنان الثانية، فإنّ رسالة نصر الله اليوم هي: أيضًا حتى لو عرفت أنّ خطواتي ستقود إلى حرب، فإننّي مستعد للمخاطرة ودهورة المنطقة إلى حرب، حسب زيسر.
وبرأيه، يبدو إذًا أنّ السنين التي مرّت جعلت ذاكرة نصر الله غير حادّة وأنسته أضرار الحرب السابقة، وربمّا أعادت له ثقته بنفسه التي فقدها. ومن الممكن أنّه وبالضبط بسبب ضعفه، في الداخل إزّاء خصومه السياسيين في لبنان وخارجه، وأمام المتمردين في سوريّة، حيث غرق في التدّخل في حربٍ أهليّةٍ دمويّةٍ غير محسومة، يشعر أنّ عليه أنْ يتجرأ ويمتنع عن ضبط النفس، خوفًا من أنْ يفسّر الكيان ضبط النفس هذا كضعف.
بالمناسبة، أضاف المُستشرق الصهيوني، إنّ غرق حزب الله في الوحل السوريّ لم يمس بمستوى تصميمه على مواجهة كيان الإحتلال، بل على العكس، فقد راكم التنظيم تجربة عملية ثمينة، وأصبح مقاتلوه وقادته واثقين من أنفسهم. وبحسبه، فإنّ بوادر على تغيير في موقف حزب الله ظهرت قبل 3 سنوات، في الوقت الذي أمر فيه بتنفيذ عملية الاختطاف ضدّ السائحين الصهاينة في بورغاس ببلغاريا.
ولكن خلال السنة الأخيرة اتضحت أكثر فأكثر نواياه، شدّدّ زيسر، وذلك بواسطة سلسلة من العمليات التي نفذّها حزب الله ضدّ قوات الجيش الإسرائيليّ على طول الحدود، ابتداءً بالعبوات التي زرعها وانتهاءً بإطلاق النار من مدى قصير في شهر كانون الثاني (يناير) من هذا العام، تجاه دورية لجيش الإحتلال على جدار الحدود. ولفت إلى أنّ نصر الله أعلن بصوته المسؤولية الكاملة عن كلّ هذه العمليات، حسبما ذكر. ورأى أيضًا أنّ أحداث الأسابيع الأخيرة على طول الحدود الشمالية تُشير إلى ارتفاع  التوتّر إلى درجةٍ جديدةٍ.
وتابع: على ما يبدو، يجري الحديث عن سلسلة متواصلة من الإحداث، والتي ليس بالضرورة مرتبطة بعضها ببعض، ومع ذلك من الثابت أنّه في معظم الحالات فإنّ الخيوط تقود إلى تنظيم حزب الله، سواءً أكان الحديث عن إرساليات سلاح مخصص للتنظيم والتي تمّت مُهاجمتها من قبل كيان الإحتلال على الأراضي السوريّة، أو أنّ الحديث يتعلق بـ”مخربين” سوريين من القرى الدرزية الواقعة على طول الحدود والذين تمّت تصفيتهم عندما حاولوا التسلل إلى المنطقة الصهيونية ، بوحي وربمّا بتشجيع من حزب الله، على حدّ قوله. إضافة لذلك، تابع زيسر، امتنع حزب الله طوال سنين عن الردّ على العمليات الصهيونية  في سوريّة، من خلال مقاربة تقول إنّ عليه تثبيت وتركيز جهوده في لبنان، والسماح للحكومة السورية بالرد، إنْ أراد، على إعمال كيان الإحتلال.
ويمكن الافتراض، شدّدّ المُستشرق الصهيوني، على أنّ حزب الله علم بأنّه سيجد صعوبة في أنْ يشرح للجمهور اللبنانيّ لماذا يقوم بجرّه إلى مواجهة مع إسرائيل لصالح بشّار الأسد. ولكن ليس هذا فحسب، أردف زيسر، بلْ أنّ التدّخل المتعاظم للتنظيم فيما يجري داخل سوريّة حولّه حتى من وجهة نظره إلى ملتزم تجاه مقاتليه الموجودين في سوريّة، وتجاه وسائله القتالية التي في طريقها من سوريّة إلى لبنان، وربما في المستقبل ستحوله إلى ملزمٍ بالدفاع عن بشار الأسد من إسرائيل.
وخلُص إلى القول إنّ هذا الالتزام تفسيره الممكن هو رد على كل خطوة يقوم بها كيان الإحتلال في المجال السوريّ، الأمر الذي امتنع عنه التنظيم حتى الآن، وسيجرّ ذلك ردًّا إسرائيليًا قاسيًا، حيث أنّ إسرائيل لا تستطيع السماح للتنظيم الحد من حرية حركتها في المجال السوري، وعليه، فإنّ التدّخل المتعاظم من حزب الله فيما يجري على طول الحدود المحتلة السورية، وكذلك التجريء المتصاعد له أمام كيان الإحتلال، من شأنه أنْ تُشير إلى العدّ العكسيّ باتجاه جولة قتال أخرى قد أصبح في ذروته، بحسب تعبير زيسر.

نقلا عن رأي اليوم