بقاء ليبرمان وزيرا للخارجية صفعة للدبلوماسية "الإسرائيلية"

بالعربي: استغل أفيجدور ليبرمان، وزير خارجية حكومة تسيير الأعمال في كيان الاحتلال، ورئيس حزب “إسرائيل بيتنا” اليمني المتطرف، موقف الضعف والتنازلات التي قدمها بنيامين نتنياهو للأحزاب الحريدية، ودخل على خط المساومات السياسية محاولا تحقيق أكبر قدر من المكاسب.

وهدد ليبرمان بعدم التوقيع على الاتفاق الائتلافي مع حزب “الليكود” على خلفية ما وصفه بالتعامل المهين من قبل رئيس الحكومة المكلف، فضلا عن خضوعه لمطالب قائمة “يهدوت هاتوراه” التي لم تحقق سوى 6 مقاعد بالكنيست، مانحا إياها جميع المطالب التي وضعتها شرطا للانضمام للائتلاف، بما في ذلك المطالب التي كانت توصف بأنها “خطوط حمراء”.

وأفاد تقرير نشره الموقع الإلكتروني للقناة العبرية الثانية صباح اليوم السبت، أن ليبرمان هدد بأنه لن ينضم لحكومة نتنياهو، وبخاصة وأنه وجد تجاهلا من رئيس الحكومة المكلف بشأن حزبه، الذي حقق هو الآخر 6 مقاعد بالكنيست، وأن الاتفاق مع الأحزاب الحريدية على إلغاء العقوبات الجنائية عن المتهربين من الخدمة العسكرية يشكل كسرا لجميع القواعد.

وفي بداية المفاوضات التي أعقبت تكليف نتنياهو بتشكيل الحكومة، طالب ليبرمان بحقيبة الدفاع، وأعلن تمسكه بها أو الانضمام لجناح المعارضة، بيد أن التطورات أثبتت أنه كان يضغط في هذا الاتجاه بهدف البقاء في منصبه الحالي وزيرا للخارجية، ولكنه أراد امتلاك المزيد من الصلاحيات.

ويرى مراقبون أن شخصية ليبرمان الإشكالية ساهمت في تراجع صورة الدبلوماسية الإسرائيلية أمام العالم، وأن إعلان نتنياهو أنه سيكلفه بمنصب وزير الخارجية في حكومته الرابعة، هو أحد التنازلات الكبرى في حد ذاته.

ومنذ توليه منصب وزير الخارجية، اتبعت وزارة الخارجية خطا يتجاوز بكثير العمل الدبلوماسي، وتوجهت أنظار ليبرمان إلى دول ومناطق لم تكن على علاقات قوية بكيان الاحتلال، على حساب ملفات أخرى، ولكن مراقبون يرون أنه لم يستكمل أيا من الملفات التي بدأ العمل عليها، وكان غالبا ما يتركها في منتصف الطريق.

ويطالب ليبرمان بزيادة مخصصات وزارة الخارجية، معللا ذلك بأن كيان الاحتلال يخصص قرابة 50 مليار شيكل سنويا لصالح المؤسسة العسكرية، في حين أنها لا تخصص سوى 1.6 مليار شيكل لتحسين صورتها الخارجية.

وفي حين تبلغ قيمة المخصصات المالية للقطاع الحريدي التي وافق عليها نتنياهو أكثر من 4.5 مليارات شيكل، فإنه سيضع اعتبار زيادة المخصصات المالية لوزارة الخارجية على رأس أولوياته القادمة.

وواجهت الدبلوماسية "الإسرائيلية" في عهد ليبرمان أزمة أخرى أيديولوجية، تمثلت في التناقض الكبير بين انتمائه الشخصي، وبين مواقف السفراء والدبلوماسيين "الإسرائيليين" في الخارج، والذين وجدوا صعوبة في التنسيق معه في العديد من القضايا.

وحاول ليبرمان دون جدوى بناء صورة للدبلوماسية "الإسرائيلية" طبقا لتوجهات الأحزاب اليمينية، أو ما تُسمى “دبلوماسية المعسكر القومي”، ولكنه اصطدم بحقيقة أن غالبية الشخصيات التي تتولى مناصب حساسة وتنتمي لهذا المعسكر، تعمل في الجيش أو الشاباك أو الموساد أو المؤسسة القضائية والأكاديمية، في حين أنه من الصعب العثور على شخصيات دبلوماسية ذات توجهات قومية، ما تسبب في أزمة مصداقية خطيرة تحملها ليبرمان.

في حال أراد ليبرمان ونتنياهو تحسين العلاقات مع أعضاء السلك الدبلوماسي، عليهما الإذعان لآراء تلك الشخصيات ولاسيما تلك التي عملت في دول أوروبا، خاصة وأن نتنياهو وليبرمان فشلا بشكل ذريع وتسببا في تدهور صورة كيان الاحتلال في أوروبا، وبات كيان الاحتلال في عهد ليبرمان عرضة للمقاطعة وتضارب المصالح، ما تجلى في مواقف هذه الدول من مسألة الاعتراف بالدولة الفلسطينية”.

ويرى دبلوماسيون إسرائيليون أن ليبرمان يتحمل جزءا كبيرا مما يصفونه “استشراء معاداة السامية في أوروبا”، وأن شخصية وزير خارجية كيان الاحتلال في حد ذاتها تشكل أزمة مع القارة التي تستوعب ثلث صادرات كيان الاحتلال في المجمل، كما أن الديمقراطيات الغربية تجد صعوبة في استيعاب وجود ليبرمان في هذا المنصب.