اتصالات أمريكية روسية لتقسيم سورية إلى دويلات

بالعربي-وكالات: لم تُخفِ الحركة الصهيونيّة يومًا مخططها بتفتيت وتمزيق الدولة السوريّة، وتحويلها إلى دويلات إثنية وطائفيّة وعرقيّة، وفي هذا السياق قال موقع (Israel Defense) العبري، المُتخصص بالشؤون الأمنيّة والعسكريّة، إنّ اتصالات تجري بين الولايات المتحدة الأمريكيّة وروسيا، لفرض وقف لإطلاق النار في سوريّة، وتقسيمها إلى دويلات بحسب مناطق سيطرة الجهات المتقاتلة عليها، على حدّ تعبيره.

وقال المُحلل عمير راببورت، رئيس تحرير الموقع، المعروف بصلاته الوطيدة مع المنظومة الأمنيّة" الإسرائيليّة"، إنّ الاتصالات الجارية بين واشنطن وموسكو، تؤكّد على أنّ المعارك الدائرة في الساحة السورية، وتحديدًا المعارك الأخيرة وعمليات الكر والفر في أكثر من منطقة بين الجيش العربيّ السوريّ وفصائل المعارضة المسلحة على اختلافها، هي لعبة قوى عالمية بين الأمريكيين والروس.

وتابع المُحلل قائلاً، عن محافل وصفها بأنّها رفيعة المستوى في تل أبيب، إنّ ما يجري الآن يتعلق بعملية منسقة بين الجانبين، أيْ الأمريكيّ والروسّ، والتي من شأنها أنْ تؤدّي إلى تقسيم سوريّة إلى عدة مناطق، مع وقف للعمليات القتالية، حسبما ذكرت المصادر العبرية.

ولفت المُحلل "الإسرائيليّ" أيضًا إلى أنّ الأمريكيين والروس توصلوا إلى إقرار بأنّ القتال الجاري في سورية قد وصل إلى طريقٍ مسدودٍ. إلا أنّه، أضاف اعتمادًا على مصادر مطلعة في واشنطن، بأنّ موسكو معنية باستمرار سيطرتها في سوريّة عبر نظام الرئيس السوري بشار الأسد، ما يعني أنّها ستعمل على استمرار سلطته على اغلب مناطق دمشق، والمناطق الجبلية المؤدية إلى ميناء طرطوس حيث القاعدة البحرية الوحيدة لموسكو في الشرق الأوسط، إضافة إلى المرتفعات الجبلية المؤدية إلى الجولان السوريّ، أمّا بقية المناطق فستسقط بأيدي المجموعات المتمردة، على حدّ تعبير المصادر الأمريكيّة.

علاوة على ذلك، وضع الموقع المعارك الدائرة في الفترة الأخيرة في سوريّة، في سياق المخطط الأمريكيّ-الروسيّ، إذ أنّ الجهات المتقاتلة اشتمت رائحة وقف إطلاق النار، وكل طرف يريد السيطرة على مزيد من المناطق قبل أنْ تنتهي الحرب، هذا على فرض انتهائها بالفعل كما أكّدت المصادر "الإسرائيليّة" والأمريكيّة للموقع.

ولفت أيضًا في سياق تقريره إلى أنّ المسار الأمريكيّ-الروسيّ قد يؤدّي فعلاً إلى إنهاء الحرب الأهلية في سوريّة، مُشدّدًا على أنّ الرئيس السوريّ بات مرتبطًا أكثر من أيّ وقتٍ مضى بالروس لجهة استمراره في القتال، أمّا لجهة موقف إيران وحزب الله، تابع الموقع "الإسرائيليّ"، فيُمكن التقدير أنهما أيضًا معنيان بوقف القتال، بما أنهما سيضمنان بقاء سيطرة الأسد، حتى وإنْ تقلص ذلك في مساحة جغرافية محدودة، حسب المصادر عينها.

أمّا فيما يتعلّق بـ |إسرائيل"، فلفت التقرير إلى أنّ تل أبيب في موقع متلقّي النتائج لا أكثر، ويُمكن التقدير بأنّ وزير الحرب موشيه يعلون، سيُواجه ولاية جديدة في نفس المنصب وهي مليئة بالتحديات، وتشكل الساحة الشمالية التحدّي الأمني الأبرز فيها، والأكثر إمكانية للاشتعال.

وبحسب التقرير فإنّ مؤشرات اشتعال الجبهة الشمالية برزت من خلال سلسلة الأحداث الأخيرة على جانبي الحدود في الجولان، في ظل توتر كبير وصل لوسائل الإعلام رذاذ من المعلومات حوله، وحول كل ما يجري في الشمال، على حدّ تعبير راببورت.

جدير بالذكر أنّ التقدير الإستراتيجيّ "الإسرائيلي" للعام الجاري تستند الاستخبارات فيه إلى أنّ الخبراء السوريين والإيرانيين أدركوا أن الجيش السوري عاجز عن الحسم، لذلك يحاولون التوصل إلى حل وسط بين الأسد ومعارضيه لتقسيم السلطة في سورية، وهذا لا يمنع الروس من مواصلة العمل كل أسبوع، على إحضار سفينة إلى ميناء طرطوس محملة بالأسلحة لدعم الجيش السوري، بدءً من رصاص الكلاشينكوف وصولًا إلى القذائف الثقيلة.

وأضاف التقرير إنّ سورية الكبرى لم تعد قائمة، والمصطلح المتعارف عليه اليوم هو سورية الصغرى أي 20 إلى30 بالمائة من مساحة سورية، أما بقية الأراضي فهي كانتونات مستقلة يحارب بعضها بعضًا. ومكان "إسرائيل" في هضبة الجولان، ويتمثّل ثمن المساعدات الإنسانية التي تقدمها "إسرائيل" لمتمردي الجيش السوريّ الحر في انتشار جماعات سنّية معتدلة على طول الجزء الأكبر من هضبة الجولان، لكنها تُدير وجهها نحو الأراضي السورية.

هذه الجماعات تشكل حاجزًا يمنع دخول عناصر جبهة النصرة وتنظيم الدولة الإسلاميّة إلى الجزء المُحتّل من هضبة الجولان.

وساق التقدير الإستراتيجيّ "الإسرائيليّ "قائلاً إنّه إلى الشمال من القنيطرة، تقوم قرى درزية تشكل مركزًا للعمل المعادي لـ "اسرائيل "في هضبة الجولان، ويتّم تحريك الوحدات الناشطة هناك من جانب حزب الله والجيش السوريّ، وتابع التقرير قائلاً إن ملف الكيماوي السوري يبقى مفتوحًا أيضًا في العام 2015، لأنّ المنظمة الأممية التي تعمل على تفكيك السلاح الكيماوي لم تغلقه بعد. ويسود الاحتمال الكبير بأنّ نظام الأسد يواصل إخفاء مواد كيماوية، على حدّ تعبير مُعدّي التقرير الإستراتيجيّ.

ولكن من الأهميّة بمكانٍ الإشارة في هذه العُجالة، إلى أنّ التقرير الذي نُشر في العام 2013 توقّع أنْ يشهد العام عينه، سقوط نظام الرئيس السوريّ د. بشّار الأسد، وتقسيم الدولة العربيّة إلى عدّة دويلات على أسس طائفيّة، واليوم بعد مرور سنتين، تبينّ أنّ التوقعات كانت مُضللة، ومن غير المُستبعد بتاتًا أنّها تدخل في إطار الحرب النفسيّة التي تخوضها دولة الاحتلال بشراسةٍ ضدّ محور المًقاومة المؤلّف من سوريّة، إيران، حزب الله والفصائل الفلسطينيّة بشكل عامٍ، وعلى وجه التحديد حركة المُقاومة الإسلاميّة (حماس).

نقلاً عن "رأي اليوم"