ماذا بقيَ من إرث (مانديلاَ)

بالعربي_كتب علي الهيل :  الزعيم الراحل (نيلسون مانديلاّ) سُجن سبعاً و عشرين سنةً من أجل قضية الإنسان الجنوب إفريقي المظلوم، التواق للحرية و العدالة و الكرامة.  لم يساوم الرجل (الأبارتيد الأفريكان و الأنجلو فون) البيض العنصريين.  لم يكن (مانديلاَّ) ضد كل البيض فقد كان عدد منهم في (المؤتمر الوطني الإفريقي A.N.C) يناصرون الأغلبية السوداء المظلومة أهل البلاد الأصليين، على يد الأقليتين (الأفريكان و الأنغلوفون.)  الأقلية الأولى من أصول أوروبية هولندية (Dutch) و ألمانية و فرنسية و بلجيكية و إسكندنافية و الأقلية الأخرى من أصول إنجليزية و آيرلندية و أسكتلندية و هم من بقايا الإستعمار القديم و من بقايا الشركة الهولندية لشرقيّ الهند منذ مجيء الهولنديين 1652بقيادة (Jan Van Riebeeck.)

لم يكفَّ سكان البلاد الشرعيون عن النضال من أجل تحرير بلادهم و تحرير أنفسهم من العبودية.  كان تشكيل (المؤتمر الوطني الإفريقي) في الثامن من كانون الأول (يناير)عام 1912علامة فارقة في تاريخ الشعب الأصلي لجنوب إفريقيا.  كانت مهمته الأساسية زيادة حقوق أهل البلاد الأصليين.
خلال السنتين الأخيرتين لوجود (مانديلاّ) في السجن حوالي 1989كان رئيس جمهورية جنوب إفريقيا رجلاً أبيض من الأفريكان و هو F.W.De Klerk .  بّيْدَ أنه كان متفهماً لنضال (مانديلاّ) و كان صديقاً له و لم يكن مقتنعاً باستئثار الأقلية البيضاء بالحكم في البلاد مما أدى إلى الإفراج عن الزعيم الإفريقي المناضل (نيلسون مانديلاّ) 1990 و أصبح فيما بعد الرئيس (مانديلاّ) أول رئيس أسود للبلاد و صار رمزاً للنضال ضد العنصرية و ايقونة عالمية و كان أحد حكماء العالم.
بدأ الرئيس (مانديلاّ) في العمل على حماية الوحدة الوطنية بين كل أبناء الشعب الأقلية البضاء و الأغلبية السوداء.  طبعاً بقيّ عدد كبير من البيض حانقين عليه و على سلفه الأبيض F.W.Klerk لأنه إستجاب للضغوط العالمية الأمريكية و الأوروبية عليه للإفراج عن (مانديلاّ) و إنصاف سكان البلاد الأصليين بعد قرون من الإستعمار و الإحتلال و الإستئصال و الإستعباد و الفصل العنصري.
في ضوء ذلك كله، كان مستهجناً من السود أنفسهم أن يتعرض الأجانب مؤخراً و هم أفارقة من (موزمبيق) و غيرها للإعتداء على يد حفنة من السود العنصريين الذين كانوا هم أنفسهم و أسلافهم ضحايا للعنصرية و الفصل العنصري.  ليس من الوفاء لعهد (مانديلاَ) و مبادئه الإنسانية العظيمة أن يحدث ما حدث من عنصرية بغيضة على يد أفارقة سود ضد أفارقة سود مثلهم.
هبت البلاد عن بكرة أبيها و على كل المستويات على رأسهم رئيس الجمهورية (Jacob Zuma) لتتظاهر ضد ما حدث و أتثبت للعالم أن تعاليم (مانديلاَ) عن الإنسانية و الحرية و العدالة و الحرية و العيش الكريم لم تمُت قطُّ و أن أولئك أفراد لا يمثلون السود جميعاً في جنوب إفريقيا و إنما يمثلون أنفسهم.