"الشباب الصومالية".. عمليات إرهابية لأجل التقرب من "داعش"

بالعربي: عادت حركة الشباب الصومالية مرة أخرى لتتصدر المشهد الإعلامي في الصحف الإفريقية والعالمية ووكالات الأنباء، بعد حادث مروع استهدف حافلة تابعة للأمم المتحدة في مدينة جاروي، شمال شرق الصومال، أسفر عن مقتل 9 عاملين أمميين، لتعلن حركة الشباب مسؤوليتها عن الهجوم، حيث قال الشيخ عبد العزيز أبو مصعب المتحدث باسم العمليات العسكرية في الحركة "نعلن مسؤوليتنا عن الهجوم"، وبذلك تضاف هذه العملية إلى سلسلة الهجمات التي قامت بها الجماعة الإرهابية بشكل منتظم ضد أجهزة حكومية ودولية في الصومال.

وسبق هذه العملية قبل أيام إقتحام مروع لمبان حكومية صومالية في العاصمة مقديشو أودي بحياة العشرات، سبقه هجوم مفاجىء وعنيف على جامعة جاريسا في شمال شرق كينيا أسفر عن مقتل المئات، وتعطي هذه العمليات عودة دراماتيكية لجماعة قديمة يبدو أنها تحاول سرقة الأضواء مرة أخرى من "داعش" و"بوكو حرام" المجموعتين اللتين تمثلان جيلا جديدا من الإرهاب، فهل تنجح في ذلك؟ وهل يؤثر ذلك على الإستراتيجية التي تنتهجها حركة الشباب لتحقيق أهدافها؟

تأسست "الشباب الصومالية" فعليًا في عام 2004، ولم يتم تداول اسمها في الإعلام قبل عام 2007، وبقيت "الشباب" محسوبة على "المحاكم الإسلامية" التي سيطرت على مناطق واسعة في جنوب الصومال خلال النصف الثاني من عام 2006،  لكن بعد هزيمة "المحاكم الإسلامية" أمام الحكومة الصومالية المؤقتة المدعومة من طرف الجيش الإثيوبي وانسحاب قيادتها خارج الصومال، وتحالفها مع المعارضة الصومالية في مؤتمر مدينة أسمرة المنعقد في سبتمبر 2007، انشقت "حركة الشباب الصومالية" التي كان يقودها آنذاك عبد الله سودي أرال عن المحاكم متهمة إياها بـ "التحالف مع العلمانيين والتخلي عن الجهاد في سبيل الله"، وكان بين أهدافها المعلنة محاربة ما أسمته "الاحتلال الإثيوبي".

ويرى المحللون أنه بمتابعة العمليات التي تنفذها حركة الشباب الصومالية في الفترة الأخيرة يبدو أنها ورغم انتمائها وولائها لتنظيم القاعدة إلا أنها تتوق للانضمام للتنظيم المتعطش للدماء "داعش"، ويبدو هذا جليا فى الأسلوب الدموي الذي انتهجته فى هجماتها الأخيرة وخاصة هجوم كينيا، فقد وصف هذا الهجوم بالأعنف الذي يقع على الأراضي الكينية منذ الهجوم على مركز ويست جيت التجاري في عام 2013، وهذا الهجوم يشكل الحلقة الأخيرة لتحوّل حركة الشباب إلى منظمة إرهابية دولية بكل ما للكلمة من معنى، فإعدام طلاب الجامعة كان له أهمية خاصة بالنظر إلى تاريخ حركة الشباب، حيث شكّل التفجير الذي افتعلته الجماعة في حفل تخرج الأطباء الجدد في مقديشو عام 2009 أحد الأخطاء السياسية الأكثر إحراجا لها، ومنذ ذلك الحين امتنعت الحركة عن تنفيذ الهجمات بشكل مباشر على الطلاب، غير أن تبني الحركة للحادث الأخير يدل على تحول واضح في إستراتيجيتها ونهجها المستقبلي.

حركة الشباب الصومالية التي جذبت دائما الأجانب منذ عدة سنوات تلتزم بإستراتيجية محددة للتوسع الإقليمي، فبالنسبة لهم، الحدود غير موجودة أو غير شرعية، إذ يعتبرون أن جميع مناطق المسلمين في شرق إفريقيا ساحة معركة، وبدا ذلك جليا من الرسالة التي احتوت عليها مجزرة جاريسا: "هذه أراضي المسلمين، لا حق فيها لا للمسيحيين ولا للحكومة الكينية"، وهو الأمر الذي رأته صحيفة “الجارديان” البريطانية يمثل تخوفا من إشعال نيران الصراعات الطائفية في كينيا التي تعتبر من أكثر الدول استقرارا وتقدما في إفريقيا.

وبحسب محللين، فإن حركة الشباب تمثل جناح القاعدة في الصومال رغم ضعفها العسكري والمعنوي في المرحلة الراهنة إلا أنها لن تختفِ في المستقبل القريب عن عدسات الإعلام والمشهد السياسي، ولعل الهجمات الأخيرة التي شنها التنظيم تعد دليلا دامغا على زيادة الخطر الناجم عن وجود هذا التنظيم، والذي تطور ليصبح تهديدا دوليا لعدة أسباب أولها: الحرب الأهلية والمجاعة التي دمرت البلاد، حيث أصبحت الصومال واحدة من أفقر البلدان على وجه الأرض، بالإضافة إلى الفوضى التي ترتبت على غياب الحكومة المركزية، وهو الأمر الذي خلق فراغا أدى لنشأة العديد من الجماعات المتطرفة، والسبب الثاني يتمثل في تطوع عدد كبير من المهاجرين الصوماليين للقتال جنبا إلى جنب مع التنظيم المتطرف خلال السنوات الأخيرة، أما السبب الثالث فهو تمكن التنظيم المتطرف من تنظيم حملات لجمع التبرعات بمبالغ كبيرة في الداخل الصومالي حيث اعتمدت على القرصنة والابتزاز، كما أنها أسست العديد من الجمعيات الخيرية التي تصب تبرعاتها في مصلحة التنظيم.