تساؤلات حول جدية التحالف الدولي ضد "داعش" مقارنة بعاصفة الحزم

بالعربي: أثار الفرق الكبير بين عدد الطلعات والغارات الجوية، التي نفذتها عاصفة الحزم ضد قوات ومواقع الحوثيين في اليمن، وعدد الغارات التي نفذها التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة الاسلامية “داعش”، تساؤلات عديدة حول جدية تعاطي كل طرف مع الأزمة قياسا مع المدة الزمنية.

ومع إعلان دول التحالف المشاركة في عملية عاصفة الحزم، مساء الثلاثاء، إنهاءها العملية بعد 27 يوما من انطلاقها، وبدء عملية جديدة أسمتها “إعادة الأمل”، استجابة لطلب الحكومة الشرعية التي يمثلها الرئيس اليمني “عبدربه منصور هادي”، كُشف عن عدد الطلعات الجوية التي نفذتها تلك القوات.

حيث نفذت قوات عاصفة الحزم 2415 طلعة جوية خلال 27 يوما، شاركت فيها طائرات من السعودية (100مقاتلة)، والإمارات (30 مقاتلة)، والكويت (15 مقاتلة)، والبحرين (15 مقاتلة)، وقطر (10 مقاتلات)، والأردن (6 مقاتلات)، والمغرب (6 مقاتلات)، والسودان (3 طائرات مقاتلة).

وبالتوازي مع هذا الإعلان، كشفت السفارة الأمريكية في بغداد أمس أيضا، أن التحالف الدولي المناهض لتنظيم “داعش” الإرهابي؛ شن 3200 غارة جوية ضد الأخير في غضون 8 أشهر، دمر خلالها 5780 هدفا للتنظيم، وفق بيان نشر على الموقع الرسمي في الفيسبوك، وفيه بين أن أكثر من 3200 ضربة جوية أمريكية - من قبل قوات التحالف في كل من العراق وسوريا – أدت إلى إلحاق أضرار شملت 75 دبابة و285 عربة كانت تحت سيطرة التنظيم، و1166 موقعا قتالياً، و151 هدفاً متعلقاً بالبنية التحتية للنفط والتي كان يديرها التنظيم.

وأضاف البيان أن الغارات الجوية أسفرت عن فقدان التنظيم سيطرته على حوالي 25 إلى 30% من الأراضي المأهولة بالسكان، التي كان قد استولى عليها في العراق.

الباحث في الشأن السوري أحمد أبا زيد، بيّن أنه “لم يظهر التحالف الدولي ضد داعش نية للقضاء عليه سريعا أو استئصاله، بقدر ما بدا الضرب المتراخي أشبه بتحديد مناطق للنفوذ، وتقييد حركة التنظيم وتحجيم قدراته القيادية”.

وأوضح أبا زيد بأنه “يغلب على الظن بأن القضاء السريع على التنظيم ليس ضمن سياسة التحالف، الذي يحتاج إلى إعادة ترتيب الأوراق والتوازنات في المنطقة، بحيث لا يحقق الفراغ الذي ستخلفه داعش تغيرا في ميزان القوى لغير صالحها، على العكس فإن بقاء التنظيم وضمان ديمومة الصراع؛ يحقق مصالح قد لا يضمنها زواله، خاصة في سوريا حيث لا يبدو أن السياسة الأمريكية وثقت بأي حليف فيما عدا الأحزاب الكردية”.

وأكد أن السياسة الأميركية “تفضل بقاء التنظيم كضغط مضاعف على قوى الثورة السورية، يحركها من الامتداد الجغرافي والبشري، والموارد الاقتصادية التي يمكن أن تغير ميزان الصراع من الداخل، دون قدرة على الضبط، والتحكم الخارجي به”.

من ناحيته قال الدكتور “مراد ملا” - القيادي في الكتلة الوطنية التركمانية السورية - ردا على سؤال حول عدم إظهار الغرب جدية في التعامل مع داعش، مع الفرق بين الغارات الجوية والطلعات بين الحالتين، فأشار إلى أن “الغرب ليس جاداً بالقضاء على داعش تماماً، فمن ناحية يجب أن تبقى الأخيرة بنفوذ معين في المنطقة، ومن ناحية أخرى يجب القضاء وبشكل مبرمج وتدريجي على الجهاديين المحاربين ضمن بنية داعش، حسب ما تقتضيه الظروف”.

وفي تصريحات للأناضول، قال ملا: إن “الأزمة السورية دخلت عامها الخامس بعدد كبير من الضحايا والجرحى والمشردين والمعتقلين، قلّ مثيلها في التاريخ القديم والحديث، ولم يتدخل الغرب بشكل جاد، ولكنه يتدخل بشكل جدي وسريع ليحد من امتداد الحوثيين في اليمن، وبسرعة خارقة في صدور القرار الأممي، مُثبتاً مرة أخرى نفاقه، وكيله بمكيالين وفق ما تقتضيه مصلحته”.

وذهب إلى أن “هناك إشارات استفهام عن صنع داعش وقياداتها، إذا إنها شكلت ذريعة جديدة للتدخل في شؤون سوريا والعراق، وجعل داعش محرقة للشباب المسلم العقائدي المهاجر من شتى أنحاء العالم ليصل إلى العراق و سوريا، ومن ثم ضرب الفصائل الاسلامية المجاهدة ضد نظام الاسد في سوريا”.

وخلص إلى أن “الغرب يستخدم داعش في مشروع تقسيم سوريا، في حال أوشك الاسد على السقوط، في حين أن السعودية تملك النفط والمال، وهي ثقل لا يستهان به في المنطقة، وتهديد الحوثيين لحدود وأمن السعودية أمر لا يُسكت عنه، وجريمة عظيمة بنظر أصحاب القرار”، على حد تعبيره.

أما الناشط الإعلامي السوري، ياسين أبو رائد، فقال إن “عدد الغارات الجوية التي شنتها عاصفة الحزم خلال فترة قصيرة، يدل على إرادة جادّة لدى قيادة العملية بإنهاء القوة العسكرية للحوثين من كافة النواحي، والأهم أن العملية أغلقت الجو والبحر أمام إيران لعدم دعم الحركة، وتقليصها، والضغط عليها”.

وأضاف أبو رائد للأناضول، أن “التحالف الدولي ضد داعش شن غارات جوية تقارب تلك التي شنتها عاصفة الحزم خلال أشهر، وهو يدل على عدم جدية وإرادة الدول المشاركة بالتحالف في القضاء على تنظيم داعش، وأحد أهم أسباب تنامي هذا التنظيم؛ هو وجود “بشار الأسد” في السلطة، واستمراره في ظلم الشعب السوري”.

واشار إلى أن “وجود النظام ولّد التطرف، وأدى إلى توسع التنظيم، وهذا ينعكس بشكل مباشر على عدم إرادة أمريكا ومن معها لإضعاف تنظيم داعش، والقضاء عليه، فهم المستفيد الأول من وجوده”، على حد تعبيره.

وأعلنت دول التحالف المشاركة في عملية “عاصفة الحزم”، مساء الثلاثاء، إنهاء العملية، بعد 27 يوما من انطلاقها ضد مواقع تابعة للحوثيين والرئيس السابق علي عبد الله صالح، وبدء عملية جديدة أسمتها “إعادة الأمل”، استجابة لطلب “الحكومة الشرعية”، التي يمثلها الرئيس اليمني “عبد ربه منصور هادي”.

ومنذ منتصف مارس/ آذار (2011)، تطالب المعارضة السورية بإنهاء أكثر من (44) عامًا من حكم عائلة الأسد، وإقامة دولة ديمقراطية يتم فيها تداول السلطة، غير أن الحكومة السورية اعتمد الخيار العسكري لوقف الاحتجاجات، ودفع سوريا إلى دوامة من العنف، جسّدتها معارك دموية بين القوات السورية والمعارضة، لا تزال مستمرة حتى اليوم.