تداعيات اليمن و"عاصفة الحزم" على أمريكا وروسيا

بالعربي: ترفع إيران وروسيا من الضغط على العربية السعودية لوقف حملة عاصفة الحزم ضد اليمن والقبول بخطة سلام. وتستغل تحفظ العالم من تدخل عسكري قد يطول ويؤدي إلى نتائج عكسية منها حرب طويلة المدى.

وفي بداية عاصفة الحزم، كانت تصريحات الرياض حول اليمن عنيفة وتوجه النقد الشديد لإيران وتتحفظ على موقف روسيا، وتعجب وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل في أكثر من مناسبة من الاهتمام الروسي باليمن، وصرح "متى كانت روسيا تهتم باليمن"؟

وبعد مرور الأسبوعين الأولين، تواجه السعودية رقعة شطرنج مختلفة في عاصفة الحزم، وتستغل إيران وروسيا الوضع.
فقد تصدع تحالف "عاصفة الحزم" بقرار برلمان باكستان عدم إرسال  قوات برية للتدخل في اليمن. ولا ترغب إسلام أباد التخندق في نزاع إقليمي يحمل بصمات طائفية بين السنة والشعية. ولا تريد التخلي عن تطوير العلاقات مع طهران، وهي العلاقات المربحة في جانبها التجاري والأمني.

وتتردد مصر في الانخراط كثيرا في الحملة العسكرية حفاظا على توازن مع روسيا المعارضة للحملة. ويدرك الرئيس عبد الفتاح السيسي أن نظيره الروسي فلادمير بوتين كان الوحيد الذي استقبله بعدما كان الغرب يعتبره مرفوضا بعد تنفيذه الانقلاب على "الرئيس الشرعي " محمد مرسي.

وتتعرض الرياض لضربة غير معلنة من واشنطن. ورغم الدعم السياسي والاستخباراتي،  يرفض الأمريكيون التورط في دعم سعودي كبير في حرب يرون أنه كان بالإمكان احتواؤها لو توفرت الرؤية الثاقبة للقيادة السعودية حول مخططات إيران التوسعية.

ويدور الهمس في واشنطن بتأثير عاصفة الحزم على الحرب الأمريكية-العربية الدائرة ضد داعش في العراق وسوريا.  ويؤكد الهمس في صالونات واشنطن احتمال صحة الانتقادات الأمريكية التي نقلها رئيس الوزراء العراقي عبادي حول عاصفة الحزم.

وتلقت العربية السعودية  وباقي دول الخليج بصدمة كبيرة تصريح الرئيس الأمريكي باراك أوباما بقوله لجريدة نيويورك تايمز منذ أسبوعين أن الخطر الحقيقي الذي يهدد هذه الدول هو الظلم الاجتماعي الداخلي أكثر من إيران. وهو دعوة أوباما للسعودية بالإنكباب على محاربة الحيف الاجتماعي بدل التركيز على الخطر الشيعي الذي لا تراه واشنطن محذقا على ضوء الوضع العام في الخليج. وهو خطاب غير مباشر بالرهان على السلم بدل الحرب.

ولم تكن الرياض تنتظر موقفا متصلبا من روسيا في نزاع اليمن. ولا تنسى موسكو للرياض قرار تخفيض أسعار النفط الذي تسبب في أزمة اقتصادية تعاني منها روسيا اليوم.

ومن جهة أخرى، يقول أمين مجلس الأمن القومي نيكولاي باتروشيف "بمحاذاة السواحل اليمنية هناك الطرق الرئيسية لنقل الإمدادات النفطية، لذا فإن السيطرة على اليمن تسمح بالهيمنة على التجارة والطرق العسكرية في المحيط الهندي"، وهو بهذا لا يخفي مصالح روسيا الحيوية التي ستدافع عنها.

وتدرك إيران محدودية نجاح السعودية في تحريك العالم العربي والإسلامي في عاصفة الحزم. فقد فشلت الرياض في إعطاء التدخل العسكري طابعا دينيا سنيا، فالحوثيون لدى غالية المسلمين ليسوا بالشيعة، ومن الصعب وصف قوات عبد الله صالح بالشيعة. وبدأت تصعد من لهجتها بما يوحي بإهانة القيادة السعودية وتصويرها بمثابة القوة التي تعتدي فقط على دولة فقيرة مثل اليمن.

واتهمت إيران في تصريحات لكبار مسؤوليها ومنهم مرشد الثورة خامنائي السعودية بمحاولة استعمار اليمن والتحول الى أداة في يد الإمبريالية، وقال منذ عشرة أيام "ما تقوم به السعودية مشابه للجرائم الصهيونية في قطاع غزة… الهجوم على الشعب اليمني هو جريمة وابادة جماعية فقتل الاطفال وهدم المنازل والبنى التحتية جريمة كبرى".

وعلى نفس المنوال، قال وزير الدفاع الإيراني حسين دهقان أن العربية السعودية تسعى إلى هزيمة نفسها بنفسها بالتدخل العسكري في اليمن. وأضاف أن السعودية تلقت الضوء الأخضر من الولايات المتحدة وإسرائيل.

والى جانب الاستفزاز، تنصح طهران قادة الرياض بنهج الحل السلمي وتطرح خريطة طريق للخروج من المأزق اليمني.
وتعمد روسيا إلى محاصرة السعودية في الأمم المتحدة، وتلوح بتصعيد أكبر إذا استمر الحصار. وتنهج إيران سياس استفزازية ضد الرياض، وكل هذا للدفع بالرياض لإنهاء التدخل العسكري والقبول بالسلام.