فرنسا: 100 مليون يورو لمكافحة العنصرية والإسلاموفوبيا

بالعربي: قدم رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس مع ستة من وزرائه، اليوم الجمعة، خطة للفرنسيين تتضمن 40 إجراء، لمكافحة انتشار العنصرية والإسلاموفوبيا في المجتمع الفرنسي.

لكن معظم المنظمات المعادية للعنصرية؛ مثل "إس أو إس عنصرية" ورابطة حقوق الإنسان، والعديد من رجال القانون المتخصصين في قانون الصحافة يعارضون مشروع الحكومة الذي يهدد بمضاعفة المحاكمات السريعة والفورية، لملفات تكون أحيانا معقدة.

وأكد رئيس الوزراء أن "على الفرنسيين اليهود ألا يخافوا من كونهم يهودا" و"على الفرنسيين ألا يخجلوا أيضا من كونهم مسلمين".

واختار فالس أن يعلن خطته في مدينة كريتاي الواقعة في الضاحية الشرقية لباريس، حيث تعرض زوجان يهوديان لاعتداء في منزلهما في الأول من ديسمبر/كانون الأول الماضي.

وتتضمن الخطة الحكومية التي وعد بها الرئيس الاشتراكي فرنسوا أولاند بعد اعتداءات باريس، أربعين تدبيرا تتمحور حول القضاء والمدرسة والانترنت.

وتتضمن أبرز التدابير قمع التصريحات العنصرية التي لن تبقى "من اختصاص قانون الصحافة بل باتت من اختصاص القانون الجزائي" الأكثر تشددا. وبالتالي سيدرج الطابع المتنامي للعنصرية ومعاداة السامية "ضمن قانون العقوبات".

وتنص الخطة أيضا على تشكيل "وحدة لمكافحة الكراهية على الانترنت" وإلزام مؤسسات تأمين خدمة الانترنت "أن يكون لها تمثيل قانوني في فرنسا".

وستخصص الحكومة مئة مليون يورو لهذه الخطة خلال ثلاث سنوات، خصوصا لتمويل حملة تواصل كبيرة وخطوات على المستوى المحلي، كما أوضح مكتب رئيس الوزراء.

وفي المدرسة، سيخصص للمعلمين مزيد من دورات التأهيل، وسيدعى رؤساء المؤسسات التعليمية إلى الابلاغ عن الحوادث، وستنظم زيارات إلى "معالم رمزية" طوال سنوات الدراسة.

وشدد مانويل فالس الذي زار ثانوية ليون بلوم في كريتاي حيث يدرس تلامذة من مختلف الجنسيات على القول إنه "عبر التعليم والتربية وتفهم الآخر نستطيع التصدي للأفكار المبتذلة والصور السلبية".

ولا يبدو أن هذه الخطة ستحظى بموافقة الجميع، خصوصا أن أصواتا ترى فيها "قضية عادلة مهيأة لأغراض سياسية"، أي أن الحكومة الفرنسية، كما يقول المحلل السياسي، هرفي جوفين، "تحت غطاء النوايا الطيبة تجعل من المستحيل على الفرنسيين التعبير عن آرائهم، في ما يخص موضوع الهجرة".

ولا يخفي محامي صحيفة "شارلي إيبدو"، ريشارد مالْكا، أنه إذا تمت الموافقة على القانون فإن صحيفته ستكون مهددَّةً بالمثول الفوري أمام القضاء، بسبب الرسوم الكاريكاتورية للنبي محمد، مثل محتال أو لصّ".

وكان الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند على حق، حين اعترف في خطابه الشهير في معهد العالَم العربي بباريس، أن الجالية الإسلامية في فرنسا هي الضحية الأولى للاعتداءات الإرهابية في يناير/كانون الثاني 2015.

وجاءت الأرقام لتؤكد صحة الرؤية، فقد أكّد مرصد مكافحة الإسلاموفوبيا في فرنسا، في تقريره الأحدث، 16 أبريل/نيسان 2015، إحصاء 222 اعتداء على مسلمين في فرنسا في الشهور الثلاثة الأولى من 2015، بزيادة ستة أضعاف مقارنة مع نفس الفترة من السنة الماضية (37 اعتداء).

اقرأ أيضاً: مسلمو فرنسا يناقشون وجودهم وعلاقتهم بالغرب

ويعترف رئيس المرصد عبد الله زكري، أنه ومنذ تأسيس مرصد مكافحة الإسلاموفوبيا في 2011، لم تشهد فرنسا مثل هذا الحجم من الاعتداءات والتهديدات، وخاصة على شبكات التواصل الاجتماعي.

ويضيف: "لا يمكن أن نجد في اعتداءات يناير/كانون الثاني التي طالت شارلي إيبدو، ولا المتجر اليهودي تبريرا لبلوغ الاعتداءات التي تستهدف المسلمين، الذين ليسوا مسؤولين عن أعمال إرهابية، هذه الذروة من الكراهية والانتقام".

وكشف أن الأعمال المعادية للمسلمين اتخذت صورة اعتداءات عنيفة ضد رجال ونساء، بعضهن حوامل، "ولأول مرة رأينا إلقاء قنابل يدوية واستخدام أسلحة نارية. عدا الكتابات العنصرية والنازية التي تلطخ أسوار المساجد". مطالبا السلطات الفرنسية بالتدخل.
"الخطابات العنصرية سيتم قمعها مثل أي جنحة من جنح القانون". هذا ما قرره الرئيس هولاند، بعد الأحداث المأساوية التي عاشتها فرنسا، مشددا أنه سيجعل من محاربة العنصرية ومعاداة السامية قضية وطنية كبرى.

ويظل المهاجرون، دائما، الحلقة الأضعف في كل نقاش سياسي. وكذلك الجالية الإسلامية، التي تظل الغائب الأكبر في كل نقاش فرنسي للموضوع، وكأن هذه الجالية لا تزال غريبة عن المشهد، رغم كل محاولات الاندماج ورغم كل المبادرات الحسنة.

يأتي ذلك رغم اعتراف الرئيس هولاند نفسه بتفشي "الإسلاموفوبيا" في فرنسا، مستخدما لأول مرة، تعبير الإسلاموفوبيا صراحة، والذي قررت اللجنة الوطنية الاستشارية لحقوق الإنسان في فرنسا، قبل فترة قصيرة جدا، اعتماده أيضا، محل توصيف "الاعتداءات المعادية للمسلمين".