السعودية وطريق النهاية

بالعربي_كتب رأفت حرب :  إذا ما ذكرنا أنّ النظام السعودي بات يقترب من نهايته، فإنّ كثيرين سيعتبرون أنّ بالأمر مبالغة. ربما هناك عدة أسباب تشعر الجمهور العربي بأنّ آل سعود ما زالوا يملكون نظاما متماسكا قادرا على حماية نفسه، لكنّ عوامل عدة وإشارات تتكثف في السنوات الماضية لتدلّنا على نتيجة واحدة: نهاية النظام السعودي مشروع قيد التنفيذ.

نذكر منذ حوالي السنة أنّ النظام السعودي سرّب لوسائل الإعلام، حين كان الخلاف السعودي – القطري في أوجه، تسجيلات ووثائق تبرز أنّ الأمير حمد المتنحي عن الحكم في قطر، كان يقود مشروعا يهدف إلى إزالة المملكة السعودية ككيان متماسك ومستقل وتقسيمها في فترة لا تتعدى العشر سنوات.

قيل أيضا أنّ الهدف من تلك التسريبات كان دفع الشعب لاحتضان نظامه، بما أنّ أعداء خارجيين يتربصون شرّا بالوطن. لكن هل يصدّق عاقل أنّ مثل ذاك المشروع يمكن أن تقوده قطر بمفردها دون شركاء دوليين بدأوا يشاركونها القناعة نفسها بوجوب تقسيم السعودية وإزاحة أمراء آل سعود من على عروشهم؟

مرّ الأمر عرضيا وقتها، في لحظة كان الدور القطري في سوريا يتراجع، والأمير يعدّ العدة لتسليم الحكم لإبنه، فيما بدأ الرأي العام المصري يشعر أنّ النظام القطري هو نظام عدو يدعم الأخوان المسلمين ويحثهم على الفوضى وسفك الدماء. وإذا ما عدنا في ذاكرتنا قليلا للوراء أيضا في الإطار نفسه، نتذكر السخط الكبير للسفير الأمريكي السابق في بيروت وممثل بلاده في الأمم المتحدة السيد جفري فلتمان. حينها نقلت وسائل الإعلام نعت فلتمان للنظام السعودي بأسوأ النعوت، مسترسلا في التعبير عن غضبه وضيق صدره بسلوك آل سعود.

لم يستطع حينها أي متابع للعلاقة بين السعودية والولايات المتحدة إلا أن يشعر أنّ نبرة جديدة بدأت تظهر في التخاطب بين الطرفين، وأنّ هذا الأسلوب لا بد أنّه يخفي خلفه شيئا ما وإن كان على المدى البعيد. حين تراجع الأمريكي عن ضرب دمشق، تم إعفاء الأمير بندر من مهماته. حين علم الجميع أنّ الأمريكي ذاهب لإيجاد حل مع الجمهورية الإسلامية في ملفها النووي، بدأت الأقلام السعودية المعروفة تنقل مفردات تغير العلاقة مع الإدارة الأمريكية.

أدرك السعودي أنّ اعتراف الولايات المتحدة بحق إيران بالطاقة النووية، يعني قبولا بتفوق إيران على كل دول المنطقة، هي التي تحقق أرقاما قياسية في التقدم العلمي، وتمتلك من السلاح والمناعة والتقدم ما لا تملكه أية دولة خليجية. وبين ليلة وضحاها، وجدنا السعودية تقود عدوانا على اليمن. أنذر المتحدثون الإيرانيون السعوديين بأنّ مصير صدام حسين بانتظارهم. طبعا عجرفة أمراء آل سعود لا تسمح لهم بالإصغاء لهذا الكلام. منذ أيام يخرج متحدث عسكري أمريكي ليشير إلى أنّ الولايات المتحدة تزود الجيش السعودي عبر أقمارها الإصطناعية بكل التحركات التي تحصل على حدود المملكة، لكنها لا تزودها بأية معلومات حول أهداف داخل اليمن.

مشهد يذكرنا بالسلوك الأمريكي حين كان صدام حسين يعد العدة للدخول إلى الكويت، يوم أخذت أمريكا دور المتفرج، وتركت صدام يتورط، حتى تنضج الحجة التي تبرر سحقه. اليوم يتوعد تنظيم داعش بشنّ هجوم كبير في الولايات المتحدة. فهل يكون الأمر الحجة الأبرز والأنسب لرفع الغطاء الأمريكي عن النظام السعودي؟ هل يكون مثل هذا الهجوم مبررا للقول لأمراء آل سعود لقد انتهى زمانكم وعليكم الرحيل أو القبول بتقسيم ملككم؟ لا شك أنّ ما يحصل في اليمن سيترك تأثيرا هائلا على مستقبل المنطقة. فالأمر يشكل بالنسبة لأمريكا بابا مناسبا لدفع المملكة السعودية نحو هلاكها. هلاكا استطاعت باكستان أن تشم رائحته فأبقت نفسها بعيدة عنه، كذلك فعلت تركيا التي لا تضع في صلب اهتماماتها في هذه الظروف إلا هدف تحقيق أطماعها في حلب.