من بلاطة إلى اليرموك : مثواكم الجنة

بالعربي - كتب: عطا مناع

تتابع ما يجري في اليرموك وتتقمص الوجع، كاذب أنت الذي ارتضيت لنفسك أن تمتشق سيفك الخشبي وتخوض معاركك في العالم الافتراضي، صولاتك وجولاتك ما عادت تنطلي حتى عليك أنت، كاذب أنت ، شعارك كاذب، منهجك كاذب، إحساسك كاذب، كاذب أنت حتى في معاركك الافتراضية وفي عالمك الافتراضي.

اليرموك كما بلاطة وصبرا وشاتيلا وجباليا والدهيشة عار عليك ، أنت تتمنى أن تنشق الأرض وتبتلع هذا الحمل الزائد الذي يدير ظهره للواقعية الجديدة، وأنت تقرأ الفاتحة حمدا للرب لغياب المخيم عن المشهد.

لماذا العجب واليرموك يختصر مشهدك؟؟ ما الفرق بين أن تموت في اليرموك جوعاً وذبحاً على أيدي العصابات أو تموت في بلاطة وجباليا قهراً، الموت هو الموت ولكن تذكر أن أبشع أشكال الموت أن لا تعرف انك ميت.

دعك من المثاليات، حاول أن تتعمق في المشهد أكثر لعلك تصل النتيجة المرجوة، لا بأس من تحليل المشهد السياسي، فند مواقف منظمة التحرير، اجمع الأوراق المبعثرة وارسم الصورة كما هي، نحن لا نتدخل في المشهد السوري على اعتبار أن المشكلة داخلية، مخيم اليرموك مسئولية سورية، ولا يمكن التدخل لإنقاذه، باختصار نحن لا نتدخل في الشؤون العربية، وباختصار أوضح نحن لا نملك قرار التدخل لإنقاذ مخيم اليرموك حتى لو أبيد عن بكرة أبيه.

دعك من التحليل لأنك ستبدو كانسان سطحي، أنت تعرف الحقيقة، رب نعمتك يمنع عليك مجرد التفكير في اليرموك، دعك من اليرموك وركز على اليمن ففي اليمن ضالتك وكنزك المفقود، ركز على اليمن وتقدم دون وجل فلا جوع بعد اليوم.

ما الفرق بين اليرموك وبلاطة؟؟؟ ما الفرق بين جباليا وشاتيلا؟؟؟ ما الفرق بين الدهيشة والدهيشة، قد يكون هناك فرق وقد لا يكون، اليرموك اليوم وأنت غداً كما كان صبرا وشاتيلا اليوم واليرموك غدا، لذلك تذكر انك تعيش الذبح كما اليرموك والفارق بينكما أن أبناء جلدتك في اليرموك يعيشون الذبح المباشر وأنت تذبح دون أن تدري.

فلسفة تفكير عليك التوقف أمامها، أنت تذبح ولا تدري انك تذبح ، لا بل اذهب بك ابعد من ذلك. كيف لك يا ذبيح الخروج للتضامن مع أبناء جلدتك في اليرموك؟؟؟ عليك أن لا تناطح الحقيقة، عليك أن تعي واقعك، الجغرافيا تختصر ألمذبحة، الجغرافيا احد أشكال ألمذبحة، المذبحة الحقيقية التي تتعرض لها تجاوزت الجغرافيا، تذكر صبرا وشاتيلا، ولا تنسى كفر قاسم، ولا تنسى وأنت على مرى حجر من يوم الأرض المجزرة التي تتعرض لها فلسطين باسم الواقعية والمفاوضات المباشرة وغير المباشرة.

انهض من نومك وانظر إلى نفسك، من أنت؟؟؟ ولتعرف من أنت ارجع للمربع الأول، أنت اللاجئ الذي قض مضاجعهم ووقف سداً أمام المؤامرة، وأنت اللاجئ الذي كان حطباً لشعاراتهم الكاذبة، وأنت اللاجئ المادة الدسمة لفكر الؤاد الذي استحضره دواعش العصر من أنياب المادي، دواعش في اليرموك تجز الرقاب ودواعش في عقر دارك تجز القيم والتاريخ والتضحيات، دواعش تسطو على ماضيك باجتثاثك جسدياً ومعنوياً، ولذلك هم في الحياد.

يا معالي الميت الحي، لن ينتصروا لليرموك، سيخرجوا عليك ليشغلوك في جمع البطاطين والمعلبات لتفرغ عن قهرك، وسيستعينوا بالأبجديات كي يدخلوا إلى وعيك الميت بان الشهداء أحياء عن ربهم يرزقون، وفلسطين بحاجه لمزيد من الشهداء، فجماجم شهداء اليرموك وصبرا وشاتيلا والسابقون وللاحقون يعبرون عن الارتباط غير المقدس بين الاقتصاد والسياسة.

اليرموك فعل اقتصادي، اليرموك تكدس للثروة، اليرموك مجرد دجاجة تبيض الحسابات البنكية القادمة من أمراء النفط، واليرموك رواتب وانتعاش اقتصادي لشريحة قررت أن تكون على الحياد، واليرموك قبور يحفرونها ليطمسوا الحقيقة، واليرموك هو قبرك أنت.

قال لي الولد: سألت جدي عن الجنة والنار، فجاء رد الجد: يا بني لا يوجد جنة ونار، لقد أوهموا الفقراء بها ليصبروا على فقرهم وخنوعهم، الجنة يا بني للأغنياء كما الدنيا، يا بني اذا لم تخلق جنتك على الأرض لن تجدها بعد مماتك.