اتفاقية الدفاع المشترك الإثيوبية التركية.. ورقة ضغط على القاهرة

بالعربي: وكالات: أثار تصديق البرلمان الإثيوبي مؤخرا على اتفاقية الدفاع المشترك مع تركيا العديد من التساؤلات تتعلق بمدى تأثيرها على سد النهضة وعلى العلاقات المصرية الإثيوبية، وخاصة أن تركيا تعتبر المستثمر الأجنبي الأول في إثيوبيا، متفوقة بذلك على الصين والهند، حيث يبلغ حجم الاستثمارات التركية بإثيوبيا  3 مليارات دولار، وتتركز في إثيوبيا نصف الاستثمارات التركية بالقارة السمراء، وحاليا يوجد بها 350 شركة تركية، دخلت منها 120 شركة في 2014، ويعمل بها أكثر من 500 ألف إثيوبي.

وتبدي أنقرة في الفترة الأخيرة اهتماما متزايدا بقارة إفريقيا عموما، وبمنطقة القرن الأفريقي بشكل خاص، وتحاول تطوير علاقاتها في كافة المجالات قدر إمكانها، ويبدو هذا ملحوظا بشكل كبير في سلوك السياسة الخارجية التركية، وجولات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الأخيرة، لدول القرن الإفريقي (أثيوبيا والصومال وجيبوتي).

يقول هاني رسلان رئيس وحدة دراسات حوض النيل بمركز الأهرام للاستراتجيات إن اتفاقية الدفاع المشترك بين إثيوبيا وتركيا يستهدف مصر في المقام الأول فبين البلدين مسافة بعيده وكلًا منهما في إقليم مشترك فبالتالي لا يستدعي توقيع هذه الاتفاقية إلا إذا كان لها مدلول آخر، وأضاف رسلان إننا أمام مشروع إثيوبي للتمدد وفرض نفوذ من داخل منطقة القرن الأفريقي لكي يشمل حوض النيل على حساب مصر كما أمامنا أيضًا المشروع التركي المتمثل في العثمانية الجديدة والذي يري في المناطق التي كان يسيطر عليها سابقًا من الدول العربية مناطق نفوذ تاريخية يجب أن يتوسع ويتمدد فيها والعائق الأساسي هو الدولة المصرية وبالتالي هناك رغبة مشتركة بين تركيا وإثيوبيا على إضعاف الدور المصري.

وأكد رسلان على أن هذه الاتفاقية هي حصيلة لزيارات سابقة لرئيس الوزراء التركي داود أوغلو إلى أثيوبيا حينما كان وزيرا للخارجية وصدر البيان الختامي ينص على أن تركيا تتقل خبراتها لإثيوبيا في بناء السدود وتساعدها أيضًا في الدفاع عن السد ضد أي تهديد.

وتأتى الخطوة متزامنة مع إعلان المبادئ الخاص بسد النهضة بين مصر وأثيوبيا والسودان بهدف خلق حلول لأزمة سد النهضة، وبدا من نصوص الاتفاقية أن هدفها الخفي حسب مراقبين يرمى إلى تقوية شوكة إثيوبيا أمام القاهرة عسكريا، حيث يقول رسلان إن هذه الاتفاقية تتسق أيضًا مع الوقائع السياسية على الأرض لأن إعلان المبادئ  ساهم في تغير المدركات المحيطة بالأزمة وجعل البيئة المحيطة بالصراع تعود من حافة الهاوية إلى محاولة جادة للتفاوض من مصر، ولكن الخلاف بين مصر و إثيوبيا حول سد النهضة لم يحل وبالتالي إثيوبيا حريصة على أن تكون في موقف قوة وأن يكون هناك توازن استراتيجي مع مصر، لذا فأثيوبيا تجمع أوراق أضافية تمهيدًا للتفاوض ولكي تحصل على أكثر ما تستطيع وهذا يوجه رسالة إلى مصر أنه لا يجوز الاسترخاء بعد إعلان التفاوض.

من جانبه؛ قال الخبير بالشؤون التركية، نشأت الديهي، إن الجانب التركي يحاول أن يبطل مفعول أي تحرك إيجابي مصري في منطقة القرن الإفريقي، والسعي لهذه الاتفاقية هو جزء من محاولة إفساد المشهد مؤكدًا "أن الجانب التركي يحاول إحياء ما سمي باتفاقية الرمح الثلاثي، التي وقعتها إسرائيل مع إثيوبيا في عام 1956، وكان الهدف منها هو السيطرة على المياه الإقليمية وفرض نفوذ في منطقة الشرق والقرن الإفريقي من جهة، وإفساد أي توجه مصر لإفريقيا من جهة أخرى، وهو ما نفس ما تحاول أن تفعله تركيا".

وأضاف أن التوجه التركي لأفريقيا يفسر زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى الصومال أكثر من مرة خلال 3 سنوات فقط فهو صاحب أهداف توسعية في إفريقيا، مؤكدًا : "أعتقد أن هذه المحاولات لن تفلح لأن الجانب المصري والإثيوبي والسوداني، حسموا المسألة بكلمة واحدة وهي حسن النوايا والثقة المتبادلة".