هادي في الرياض .. والحرب مستمرة

بالعربي: يبدو أنّ الهدف المعلن للحرب التي تقودها السعودية في اليمن، هو الحصول على «استسلام» جماعة «أنصار الله»، والتركيز من خلال ذلك على فكرة ضرب النفوذ الإيراني كما تجلى بوضوح في أجواء القمة العربية التي عُقدت في شرم الشيخ. وفي حين أن استمرار القصف يعني تدميراً منهجياً لليمن، ومزيداً من الضحايا المدنيين، فإن التسريبات باتت تتحدث عن إمكانية استمرار الغارات العربية على «اليمن السعيد» لشهور، بكل ما يمكن أن يعنيه ذلك من تداعيات ومخاطر.

على المستوى السياسي، أبدت موسكو استعدادها للعب دور الوسيط في الأزمة اليمنية، وقال نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف لـ«السفير»: «نحن مستعدون إذا كان هناك طلب من اليمن أو سواها لأن نلعب دور الوسيط».
وعلمت «السفير» أن رئيس مجلس النواب نبيه بري خاطب المشاركين في المؤتمر الـ13 لحركة «امل»، أمس، بتأكيده على أهمية الحل السياسي للأزمة اليمنية والابتعاد عن الخيارات العسكرية التي من شأنها أن تدمر اليمن وتؤدي إلى تعقيد الموقف. وناشد بري سطنة عُمان التي نأت بنفسها عن الخيار العسكري، أن تطلق مبادرة من أجل جمع أطراف الأزمة اليمنية على أرضها وإطلاق حوار يفضي إلى نزع أسباب الأزمة ووضع هذا البلد على سكة التسوية السياسية التي تحفظ شعبه وجيشه ومقدراته.

وبعد دعوة عبد ربه منصور هادي، في كلمته أمام القمة العربية، إلى استمرار «عاصفة الحزم» حتى يعلن الحوثيون «استسلامهم»، خلص وزير خارجيته رياض ياسين إلى القول: «لا حوار قبل استسلام الحوثيين»، مشترطاً – أولاً - استعادة «الحكومة الشرعية السيطرة على كامل الأراضي اليمنية».

وبعد إشادته بالغارات الجوية التي تقودها السعودية، باعتبار أنّها «منعت استمرار الخط الجوي الذي كان يأتي من طهران بمعدات عسكرية»، شدّد، ياسين خلال مؤتمر صحافي من شرم الشيخ، على أنّ الحملة العسكرية «مسألة موقتة وليست دائمة، ولكن تتبعها، في ما بعد، إعادة إعمار اليمن»، على أن يبدأ الحوار السياسي بعد أن تهدأ الأمور، بحسب ياسين.

وفي هذه المرحلة الصعبة التي تعيشها البلاد، قرّر الرئيس المتراجع عن استقالته البقاء في الرياض بعدما غادر القمة العربية في شرم الشيخ برفقة الملك السعودي سلمان، وذلك ريثما تنتهي العملية العسكرية، في وقت أقرّ فيه ديبلوماسي خليجي أنّ هادي ليس «رجلا قوياً، لكنّه مقبول من الجميع»، معتبراً أنّ «الحوثيين لا يمكنهم السيطرة على كلّ اليمن، لكن يمكن أن تكون لديهم قدرة تعطيلية كما هي حالة حزب الله في لبنان، ولا يمكننا أن نقبل بأن ينجح انقلابهم».

وفي ما يبدو أنه إعلان عن إطالة أمد الحرب، صرّح مصدر ديبلوماسي خليجي آخر بأنّ «التحالف» كان يخطّط في بداية الأمر لقيادة حملة تستمر شهراً، لكنّ العملية قد تستغرق ما بين خمسة أو ستة أشهر.

وبرزت عودة لافتة للرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح إلى الواجهة، خصوصاً بعد الدعوة التي وجّهها، يوم الجمعة الماضي، لاستئناف الحوار وإنهاء الحملة العسكرية، إذ عاد وناشد زعماء الدول العربية، أمس الأول، وقف «العدوان والعودة إلى طاولة المفاوضات»، مشيراً إلى أنّ هادي فشل في إدارة دفة الحكم.

ودعا صالح إلى الذهاب إلى «الحوار وصناديق الاقتراع، ونعدكم أنا وأيّ أحد من أقربائي بعدم الترشح للرئاسة». ولكن يبدو أنّ كلام صالح لم يلقَ اهتماماً يُذكَر - ظاهرياً على الأقل - لدى السعودية أو المسؤولين اليمنيين.

وجاء ردّ هادي على دعوات الرئيس السابق سريعاً، إذ أصدر قراراً بإقالة نجله أحمد صالح الذي كان يشغل منصب سفير اليمن لدى الإمارات.

ولليوم الرابع على التوالي، استمر القصف العشوائي على اليمن مستهدفاً أمانة العاصمة، ومحافظات صنعاء، والحديدة، وحجه، وصعده، حيث ركّزت مقاتلات «التحالف» ضرباتها على المواقع العسكرية والبنى التحتية في هذه المحافظات، ما أدى إلى مقتل 35 شخصاً وإصابة 88، وفقاً لأرقام وزارة الصحة في صنعاء.

واستهدفت الغارات، للمرة الأولى، مدرج مطار صنعاء، متسببة بتعطيله. كما قصفت المقاتلات الجوية مقراً للحرس الجمهوري اليمني في صباحة غرب العاصمة، ما أدى إلى مقتل 15 جندياً.

وفي الحديدة غرب اليمن، حيث يسيطر عليها الحوثيون، قصفت قاعدة جوية، كما طال القصف قاعدة للواء المدفعية في صعدة الشمالية.

وشن الطيران، أمس، غارات استهدفت طريق إمداد للجماعة في منطقة واقعة بين محافظتي شبوة والبيضاء في اليمن، وفقاً لمصدر قبلي، أفاد بأنّ «مقاتلات عاصفة التحالف شنّت غارات على منطقة عقبة القندع الواقعة بين محافظتي شبوة والبيضاء التي تعد منطقة إمداد لمسلحي الحوثي بالسلاح إلى مناطق المواجهات المجاورة في مديريتَي عسيلان وبيحان»، بحسب تعبيره.

وارتفعت حصيلة قتلى «اللجان الشعبية» التابعة للحوثيين جراء المواجهات التي يخوضونها مع مسلحي القبائل في منطقة عسيلان النفطية في شبوة إلى 50 قتيلاً.

وفي عدن، أوقعت معارك ليلية بين «أنصار الله» والميليشيات المناوئة 20 قتيلاً على الأقل، ما يرفع حصيلة أعمال العنف في هذه المدينة، منذ الخميس الماضي، إلى حوالي مئة قتيل.

وأعلنت ميليشيات «اللجان الشعبية» الموالية لهادي، أمس، سيطرتها بالكامل على مطار عدن بعد معارك استمرت طيلة ليل أمس الأول.

من جهته، قال المتحدث باسم «التحالف» أحمد عسيري إنه تم تدمير معظم الصواريخ التي في حوزة الحوثيين، مضيفاً أنّه قبل دخول الجماعة إلى صنعاء في أيلول الماضي، كان لدى الجيش اليمني الكثير من الصواريخ «البالستية» التي يمكنها إصابة أهداف على بعد 500 كيلومتر.

وبرر عسيري التدخل العسكري في اليمن، قائلاً إن صوراً للأقمار الاصطناعية أظهرت في كانون الثاني الماضي، نشر الحوثيين صواريخ «سكود» بعيدة المدى في الشمال موجهة صوب الأراضي السعودية.

وفي هذه الأثناء، قال السفير السعودي في الولايات المتحدة عادل الجبير لشبكة «إن بي سي»، أمس، إنّ بلاده تركّز على استخدام الضربات الجوية لمحاربة الحوثيين ولم تفكر في إرسال قوات برية إلى البلاد.