لبنان الرسمي ينأى بنفسه عن الحل العسكري.. يمنياً

بالعربي: لم يعد لبنان بمنأى عن أحداث المنطقة، بل صار جزءا لا يتجزأ منها. يسري ذلك على الحدث اليمني، برغم محاولة الحكومة، من خلال وزير الخارجية جبران باسيل النأي بالنفس عن الانقسامات العربية، من زاوية الحرص على عناصر الحد الأدنى من الاستقرار الداخلي.

غير أن ما تريده الحكومة لأجل استمراريتها، خصوصا في ظل الرئاسة المفقودة، لا ينطبق بالضرورة على مواقف السياسيين وهم في صلب مكوناتها، كـ «تيار المستقبل» الذي كان رئيسه سعد الحريري أول المؤيدين للتدخل العسكري السعودي في اليمن عبر فضائية «العربية»، وهذا الموقف سيقابله مساء اليوم موقف مضاد للامين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله الذي سيطل عبر شاشة قناة «المنار» عند الثامنة والنصف مساء، في خطاب سيطغى عليه الحدث اليمني.
وفيما قرر رئيس مجلس النواب نبيه بري عدم التعليق على الأحداث اليمنية، مبديا اطمئنانه على مسار حوار عين التينة، فان رئيس الحكومة تمام سلام تنتظره، غدا، في القمة العربية في شرم الشيخ، مهمة صعبة متمثلة بمحاولة النأي بالنفس عن الانقسامات العربية حماية للداخل اللبناني، وفي الوقت نفسه، عدم الخروج عن الاجماع العربي، من دون مغادرة مربع الثوابت التي شدد عليها وزير الخارجية جبران باسيل، بالتنسيق معه، وأبرزها التأكيد، أولا، على دعم الشرعية الدستورية في أي بلد عربي والتمسك، ثانيا، بالحل السياسي ورفض الخيار العسكري، والتشديد، ثالثا، على مبدأ احترام سيادة الدول ورفض التدخل في شؤونها.
هذه الثوابت الثلاث، ضمنها باسيل الكتاب الذي أودعه الأمانة العامة للجامعة العربية، بعد انتهاء كلمته أمام المجتمعين، وشدد في كتابه، حسب مصادر ديبلوماسية عربية في القاهرة، على أن لبنان ينأى بنفسه عن الخلافات العربية، وأكد أن لبنان هو جزء من أي إجماع عربي وينأى بنفسه عن أي أمر لا يحظى بالإجماع، وهذا الأمر يسري على اليمن وعلى أي أمر عربي آخر.
وأوضحت المصادر لـ «السفير» أن باسيل طالب في الوقت نفسه بتشكيل قوة عربية لصون الأمن القومي العربي، وهو لم يمانع خيار التدخل العسكري شرط أن تعتمد معايير واحدة «تضمن الجميع وتطمئن الجميع وتضم الجميع»، على حد تعبير باسيل.
وقالت المصادر ان وزير الخارجية الأميركي جون كيري كان، خلال اجتماع القاهرة، على تواصل مع عدد من وزراء الخارجية العرب وأبرزهم وزير خارجية السعودية سعود الفيصل، ولم تستبعد أن يصب الخطاب الأميركي في خانة التشجيع على انجاز الحل السياسي في اليمن.
وبرغم التحايلات اللفظية التي تهدف إلى إبعاد كأس الانقسام عن المؤسسات الدستورية، وصف الرئيس سعد الحريري القرار السعودي بالتدخل في اليمن بالقرار السليم والحكيم والشجاع، مؤكدا انه لا يمكن للسعودية أن تترك الشرعية في اليمن وحدها أمام ميليشيا تحاول أن تسيطر على الشعب اليمني، حاملا في الوقت نفسه على إيران.
وفي السياق ذاته، جاء موقف النائب وليد جنبلاط، بإعلانه عن وقوفه إلى جانب السعودية لان أحداث اليمن تشكل تهديدا لأمنها القومي وامن الخليج ومصالح اللبنانيين الذين يعملون في هذه البلاد، وحمل على الحوثيين واتهم إيران بإفشال المبادرة الخليجية، ورأى أن الحل المعقول يكون بالعودة إلى الحوار والى المبادرة الخليجية من اجل استقرار اليمن والمحيط قبل فوات الأوان.
من جهته، استنكر «حزب الله» بشدة «العدوان السعودي - الأميركي ضد شعب اليمن، والمغامرة التي تفتقد الحكمة والمبررات الشرعية والقانونية». وأكد أن «هذه المغامرة التي تقودها السعودية تسير بالمنطقة نحو مزيد من التوترات والمخاطر على حاضر ومستقبل المنطقة»، مدينا مشاركة بعض الدول العربية وغير العربية في هذا العدوان، داعيا السعودية وحلفاءها إلى الوقف الفوري وغير المشروط لهذا الاعتداء الظالم «الذي يؤمن المصالح الأميركية ويقدم خدمة جليلة للعدو الصهيوني وخياراته التي أفرزت مزيدا من التطرف والمعاداة للشعب الفلسطيني وشعوب المنطقة»