بعد شهرين من "شارلي إيبدو".. قانون فرنسي جديد يعصف بالحريات

بالعربي - محمود علي: تستعد الحكومة الفرنسية لفرض قانون جديد يعزز الوسائل المتاحة لأجهزة الاستخبارات للتصدي للمخاطر الإرهابية، ما يؤدي إلى فرض قيود شديدة على الحريات الفردية، ليتجاوز الكثير من النقائص التي تميز عمل هذه الأجهزة في السابق، بحكم التشدد الفرنسي التقليدي في مجال حماية الحريات وسرية المراسلات والاتصالات وغيرها.

ويحرم القانون الفرنسي، أجهزة المخابرات المختلفة حالياً، من اللجوء تلقائياً إلى إجراءات وآليات عمل معتمدة من قبل أجهزة الأمن العادية مثل الشرطة الجنائية، التي تلجأ بشكل آلي لمراقبة الاتصالات الهاتفية وزراعة الميكروفونات للتنصت والتجسس ومتابعة الأشخاص عبر أنظمة “جي بي اس”، وغيرها من الطرق التي أثبتت فعاليتها في رصد ومكافحة الجرائم والوقاية منها.

ويقول رجال المخابرات إن القانون الحالي يحظر علينا امتيازات إجرائية كثيرة متاحة لغيرهم، وأولها الحماية القانونية والحصانة من الملاحقات القضائية التي كان سبب في تعرض عدد من المخبرين والجواسيس الفرنسيين إلى مشاكل كثيرة على مستوى المساءلة القانونية والمسؤولية الشخصية في الداخل والخارج، ما شكل عائقاً كبيراً في السنوات الماضية لعمل الأجهزة المتخصصة.

وكشفت صحيفة لوفيجارو الفرنسية أن القانون الجديد، سيتثنى الحصول على إذن قضائي مسبق لمراقبة الأشخاص لاستباق العمليات الإرهابية في الداخل والخارج، بالمتابعة والتجسس والتنصت على المراسلات العادية والالكترونية واستعمال الوسائل الإلكترونية الحديثة من أجهزة تجسس متنقلة وثابتة وأقمار صناعية لتحديد الأشخاص والمواقع والسيارات ورصد التنقلات الشخصية والتحويلات المالية وغيرها.

وأضافت الصحيفة، أن القانون الجديد، لم يعد يطالب الأجهزة بتبرير طلبات المراقبة أو الرصد بشكل مسبق، بل يعتمد في شكله الجديد قائمة بالمجالات التي يمكن للأجهزة التصرف الحر والفوري إذا توفرت شروطها بعيداً عن الرقابة المسبقة، وأهمها التهديدات التي تتعلق خاصة بالدفاع الوطني والمصالح الحيوية والسياسية لفرنسا في الخارج، والمصالح الاقتصادية أو العلمية وذلك إلى جانب الوقاية من الإرهاب وانتشار أسلحة الدمار الشامل والعنف المهدد للأمن والسلم العام في البلاد.

وعلى هذا الأساس وبفضل هذا التحديد لمجالات التحرك والتدخل، ستكتفي مصالح ودوائر وأجهزة الاستخبارات الفرنسية المختلفة، سواء العاملة منها في فرنسا نفسها أو في الخارج، بإذن إداري داخلي، للمباشرة الفورية بعمليات الاختراق والمراقبة والتجسس .

وبعد حادث شارلي إيبدو يناير الماضي، بدأت السلطات الفرنسية بالتلويح بفرض اجراءات مشدده على الفرنسيين، ومنذ يومين بدأت وزارة الداخلية الفرنسية بإغلاق ومنع الوصول إلى مواقع الانترنت التي تقول إنها مؤيده للتطرف في فرنسا، وبهذا الحجب تضع فرنسا قدمها على أول طريق تنفيذ الإجراءات القانونية الجديدة منذ نوفمبر 2014.

وتعهدت رئاسة الوزراء بأنه «لن يكون هناك غموض» بالنسبة لعناصر الاستخبارات ، مشددة على أن «المشروع يوفق بين حرية المواطنين وضمان وضع عناصر الاستخبارات، ويرسي رسميا مبدأ الإخطــار المسـبق»، وعرض مشروع القانون على مجلس الوزراء، وتأمل الحكومة في التصويت عليه هذا الصيف.

وفي خضم ردود الفعل بشأن هذا القانون الجديد قال رئيس رابطة حقوق الإنسان بيار تارتاكوفسكي منتقدا هذه الخطوة “أخشى في حال الصدمة المسيطرة على البلد أن يتم تمرير مثل هذا القانون دون جدل كبير، مضيفًا أنه“سيتم اعتماد نظام يمكن أن يتعدى على الحريات، إننا نضحي بالحريات الفردية بحجة تعزيز الاستخبارات”.

ويشير بعض المحللين إلى أن الحكومة قد تكون أخذت في عين الاعتبار، ما أظهره استطلاع للرأي أجري أواخر يناير الماضي بعد حادث شارالي ايبدو، والذي على اثره لم يعترض الفرنسيين على إجراءات لمكافحة “التطرف” حتى لو كانت تتضمن تعديًا على الحريات الفردية.

نقلًا عن (موقع البديل)