الأردن والحاجة الملحة لثورة بيروقراطية

بالعربي-كتب عامر السبايلة: كثيرة هي المعطيات التي تفرض على الاردن الدخول في معادلة تغيير نمط و تقليدية حراكه السياسي. كافة المعطيات الامنية و السياسية و التحولات الحاصلة في المنطقة تجعل الاردن مضطراً لمراجعة سياساته الخارجية و التفكير بطريقة خارجة عن  الاعتبارات التقليدية و الصورة المألوفة.

الاردن اليوم بحاجة الى سياسة مرنة لكن ضمن اهداف واضحة و خطوات مدروسة تضع نهاية لمنطق الاعتبارات الزائفة. الاردن اليوم بأمس الحاجة لخلق حالة تعبيرية جديدة  تأخذ بعين الاعتبار المصالح الاردنية و حجم التحديات المحيطة بعيداً عن العواطف و  ردود الافعال التي ليس لها مكان في السياسة.

ابرز هذه التحديات اليوم تواجه الجهاز البيروقراطي الاردني برمته، و هو المعني تماماً بانجاز ثورة بيروقراطية حقيقية تعمل على افراز رموز بيروقراطية مقنعة قادرة على استيعاب منطق التحولات السياسية الدولية و الاقليمية، و قادرة ايضاً على التعامل مع ملفات العلاقات الدولية من باب اهمية الواقع الجيوسياسي الاردني، و بالتالي يكون التعامل من زاوية الندية لا التبعية. التعبيرات البيروقراطية الجديدة لا بد ان تعمل على شحن حالة من الوطنية الحقيقية بعيداً عن مظاهر التزلف و النفاق الفارغ التي سادت مؤخراً. اخطاء كثيرة ادت الى تصدع صورة البيروقراط الاردني و عدم قدرته على التعبير عن نفسه بصورة حقيقية. لابد من مراجعة و تجاوز كافة هذه الاخطاء، و لابد ان تخلق هذه التغييرات رموز قادرة على الحفاظ على هيبة الدولة و الاضطلاع بادوار اقليمية مهمة.

التحديات الاردنية الداخلية و الاقليمية تفرض ايقاعاً جديداً، و التحديات الجديدة تضع الاردن امام مفصل مهم، يحتاج فيه الاردن لتكاثف الجهود و البحث عن حلول لكثير من المسائل العالقة، من حجم المديونية الى الحالة الاستهلاكية المتجذرة و من خطر انتشار ثقافة التطرف الى ضرورة انجاز ثورة ثقافية تنويرية. اما المسائل الاقليمية، فالاردن معني تماماً اليوم بانتهاج تفكير متنوع في الطرح و الخيارات. اما في خصوص الحديث عن فتح علاقات ثنائية مع ايران، فالجميع يعلم ان التفكير الاستراتيجي غير المرتهن لرؤية بعض الاطراف يعني باختصار ان العلاقات الثنائية مع ايران هي امر طبيعي جداً، عداك عن ان  الجميع اليوم يمضي قدماً في تطوير علاقاته مع ايران من دول الخليج الى الولايات المتحدة مروراً بالدول الاوروبية، اذاً لماذا يكون محرماً على الاردن ما هو مباح للجميع؟ نحن نتفهم حجم الارث العدائي الذي تم تجذيره اردنياً ابان الحرب العراقية – الايرانية و بعد سقوط نظام صدام حسين، لكن من يريد ان يبقى محكوماً اليوم بارث الامس فليكن على يقين من صعوبة الغد. و ان امتلكت دولة اليوم ترف خيار فتح علاقات من عدمه، فهذا لا يعني استمرار هذا الترف، ربما تنقلب المعطيات لتصبح العلاقة فرضاً لا خياراً.

الدولة الاردنية بحاجة ان تعبر عن نفسها بطرق جديدة وازنة و بتعبيرات أوضح و ادق، و من المعيب ان ينتظر البعض كاتباً صحفياً ليكتب و يطالب  دول المحور الخليجي ان تنحاز للاردن. الاردن قادر ان يفرض اجندته و ان يتعامل مع الامور بطريقة تجعله في غنىً عن اي وساطات او تلميحات. الموقع و الواقع الاردني  قادر ان يغير كثير من المعادلات و الاردن اليوم قادر ان يتحول الى مطبخ حقيقي لحل الازمة السورية او تريتيب البيت العراقي او التعامل مع معطيات المشهد الفلسطيني مما يعني ان يكون الاردن على تماس مباشر من اهم قضايا المنطقة التي باتت تشغل العالم اجمع. المطلوب باختصاراليوم تعبيرات اردنية جديدة قادرة على استثمار الواقع الجيوسياسي الاردني و قطف ثمار معادلة التغييرات الدولية و الاقليمية.