هل بإمكان "داعش" استمالة الجيل الأول من "القاعدة"؟

بالعربي: اعتبر خبراء أن تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام" – "داعش" يسعى من خلال تبني أول اعتداءاته الكبيرة في اليمن إلى فرض سيطرته في هذا البلد، على حساب تنظيم "القاعدة"، مستفيداً من حالة الفوضى، ومن مشاعر مناهضة للحوثيين قد تؤجج صراعاً طائفياً.

وخلف الاعتداء الأشد دموية في صنعاء على مسجدين يؤمهما خصوصاً أنصار الحوثيين الذين يسيطرون على العاصمة اليمنية منذ نهاية كانون الثاني الماضي، 142 قتيلاً و351 جريحاً، وهو اعتداء تبناه "داعش"، الأشد مهدداً بالمزيد من الهجمات على الحوثيين.
من جهته، نأى تنظيم "قاعدة الجهاد في جزيرة العرب" بنفسه عن هذه الهجمات، مصدراً بياناً عبر موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" أعلن فيه أنه "يتجنب استهداف المساجد والأسواق والأماكن المختلطة حفاظاً على أرواح المسلمين الأبرياء".
وجاءت مجزرة صنعاء بعد 48 ساعة من الاعتداء على متحف باردو في العاصمة صنعاء، أسفر عن مقتل 21 شخصاً، والذي تبناه أيضاً التنظيم، ما يعطي الانطباع بنيته تنفيذ حملة منسقة، بحسب محللين.
وأضحى اليمن على حافة الحرب الأهلية، حيث يسيطر الحوثيون ، على شماله، في حين تسيطر القوات الموالية للرئيس المتراجع عن استقالته عبد ربه منصور هادي المقرب من السعودية على الجنوب.
ولجهة مناطق نفوذ التنظيمات الإسلامية المتطرفة، كان اليمن حتى أشهر قليلة المعقل الخاص بتنظيم "القاعدة" المتمركز جيداً في مناطقه الجنوبية.
ولفت هذا التنظيم مجدداً الأنظار اثر تبنيه اعتداء باريس في كانون الثاني الماضي ، لكن محللين يرون أن نفوذه في انحسار في اليمن.
ولم يكن لـ"داعش"، الذي حل محل "القاعدة" في سوريا والعراق، حضور باد في اليمن.
ورغم المواجهات بين التنظيمين المتطرفين في سوريا، دعا تنظيم "القاعدة" في تشرين الأول الماضي، إلى دعم "داعش" في مواجهة "الصليبيين"، وهو ما اعتبر دليلاً على وجود انشقاقات في "القاعدة".
ورصد لاحقاً تنامياً في هذه الانشقاقات، ففي شهر شباط الماضي، بايع مسلحو "القاعدة" في محافظتي ذمار وصنعاء "خليفة" الدولة الإسلامية في العراق والشام، أبو بكر البغدادي، مؤكدين رغبتهم في التصدي للحوثيين.
وفي هذا الصدد، قال أستاذ العلوم الإسلامية في جامعة تولوز جنوب فرنسا، ماتيو غيدار، أنه "منذ أن سيطرت المليشيات الحوثية على العاصمة، وسيطرت على قسم مهم من البلاد، فقد القاعدة مصداقيته حيث بدا غير قادر على الدفاع حتى على المحافظات السنية".
وأضاف غيدار أننا نشهد عملية "امتصاص" لقوات "القاعدة" من قبل تنظيم "داعش"، مضيفاً أن "اليمن يتجه إلى وضع شبيه بسوريا والعراق مع حرب أهلية ذات طابع طائفي بين السنة والشيعة".
وأشار الخبير الفرنسي أن الإسلاميين المتشددين "يقدمون أنفسهم على أنهم يدافعون عن السنة ضد العدوان الشيعي والأجنبي في سوريا والعراق، والآن في اليمن"، مضيفاً أنه "أنه علاوة على ذلك، فإن داعش لم يخف أبداً رغبته في توسيع أراضي خلافته إلى السعودية، واليمن يمثل هدفاً مميزاً لأنها تعتبر مهد العرب".
وأوضح الخبير الفرنسي أن "التنظيم يواصل إستراتيجيته لمحاصرة السعودية، وبعد المواقع التي سيطر عليها شمال الجزيرة العربية (في العراق)، بدا داعش يدنو من السعودية عبر الجنوب انطلاقاً من اليمن".
ويمضي فيليو أبعد من ذلك، قائلاً أنه "مع الاعتداءات الأخيرة، يظهر تنظيم داعش خلال أسابيع قليلة قدرته على تنسيق عملية توسع كبيرة، أولاً في ليبيا ثم تونس، وأخيراً اليمن، دون نسيان مبايعة بوكو حرام في نيجيريا"، مشيراً إلى أن حدسه يقول أن "هذا التحرك الذي شهد تسارعاً واضحاً، ينبئ بحملة إرهابية في القارة الأوروبية".
من جانبه، اعتبر الأستاذ في مدرسة باريس للشؤون الدولية جان بيار فيليو، أن "داعش أراد من خلال تنفيذ مجزرة صنعاء، أن يظهر للقاعدة الجهادي قدرته على ضرب العدو الذي يتهمه بالهرطقة بعنف يفوق عنف القاعدة".
وأضاف "لدينا الآن مجموعات كاملة من القاعدة تتجه نحو داعش، ويسعى أنصار البغدادي للفوز بأي ثمن بمبايعة القاعدة في اليمن بغرض ضم الجيل الجهادي الأول