الإمارات تتمسك بترحيل 70 لبنانياً.. ودفعة ثانية غداً!

بالعربي: تفاعلت قضية ترحيل 70 لبنانياً من دولة الإمارات ممن ستصل الدفعة الأولى منهم الى بيروت غداً، فيما تلقت دوائر ديبلوماسية لبنانية معلومات عن لائحة ترحيل جديدة، غير مكتملة العناصر، قد يعلن عنها غداً، وكان لافتاً للانتباه أن من راجعوا السفارة اللبنانية في أبو ظبي لم يتجاوز عددهم العشرين شخصاً من المتضررين السبعين، علماً بأن السلطات الإماراتية رفضت حتى ساعة متأخرة من ليل أمس تسليم الحكومة اللبنانية لوائح المنوي ترحيلهم.

ونصحت أوساط ديبلوماسية لبنانية بالانتظار 24 ساعة لمعرفة خلفيات القرار الإماراتي، «خصوصاً أنه يأتي من خارج السياق السياسي»، كما نصحت بمقاربة المسألة «بحكمة وروية حفاظاً على الودّ الذي يربط لبنان بالإمارات» التي تبقي كعادتها هذا النوع من الملفات طي الكتمان.

في هذا الوقت، نشطت المساعي الديبلوماسية اللبنانية لإيجاد حلّ لهذا التدبير الذي يكرّر سيناريوهات الترحيل الإماراتية الغامضة للبنانيين، والتي توالت في الأعوام 2009 و2010 و2011 و2012، بذرائع أمنية أو قانونية مختلفة، وشملت في محطتها الأولى ترحيل سلطات أبو ظبي 86 لبنانياً، قبل أن تجمد قرارها بناءً لوعد أُعطي للرئيس نبيه بري بعد زيارته الإمارات ولقائه رئيس الدولة الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، في خريف العام 2009.

والملاحظ أن قرار الترحيل الجديد لم يتبلّغه لبنان رسمياً حتى الآن، وهو أثار حالة من البلبلة في أوساط الجالية اللبنانية في الإمارات، الأمر الذي استوجب استنفاراً رسمياً لبنانياً، سعياً لاستدراك القرار، سواء بالعودة عنه أو تجميده. وأشار ديبلوماسي لبناني معني الى وجود مساع للحل، لكنه رفض الكشف لـ «السفير» عن طبيعتها «نظراً لحساسية القضية واحتمال انعكاس التداول بها سلباً على المساعي الديبلوماسية القائمة».

وأوضح رئيس الحكومة تمام سلام، خلال توجهه الى شرم الشيخ للمشاركة في المؤتمر الاقتصادي دعماً لمصر، أن اللبنانيين غير مستهدفين في الإمارات، مشيراً الى أن ما حصل ياتي في سياق إجراءات أمنية إماراتية. وأشار الى عزمه على متابعة الأمر، خصوصاً مع وليّ عهد أبو ظبي الشيخ محمّد بن زايد آل نهيان ووزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان.

وكان سلام قد تبلغ وباقي أعضاء مجلس الوزراء من وزير الخارجيّة جبران باسيل، أمس الأوّل، قضية ترحيل 70 لبنانياً، في ظل توقعات رسمية بإمكان وجود دفعات أخرى سيتمّ ترحيلها.

وأصدرت الخارجية اللبنانية، أمس، بياناً أشارت فيه الى أن باسيل يجري اتصالات بالمعنيين «للاستفسار عن هذا الأمر ومعالجته»، شملت خاصة نظيره الإماراتي الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان.

واعتبرت أن اللبنانيين في الإمارات «يندمجون في شكل كامل ضمن المجتمع الإماراتي، ويلتزمون القوانين الإماراتية، وهم عامل خير وازدهار لهذا البلد العزيز، من دون أن يكون هناك تأثير أو تبعات لأي أمر إفرادي خارج هذا الإطار، أو جماعي محدود، على أوضاع الجالية اللبنانية في دولة الامارات».

وروت أوساط ديبلوماسية في وزارة الخارجيّة اللبنانية أن أحد الديبلوماسيين أبلغ باسيل ومسؤولين لبنانيين آخرين، ليل الأربعاء الماضي، عن قرار إماراتي بترحيل 70 مواطناً لبنانياً غالبيتهم من لون مذهبي معين، وأن القرار يشمل عدداً قليلا من طوائف أخرى «كي لا يقال إنّ ثمّة طائفة مستهدفة بعينها»، كما أورد ناقل الخبر.

وعلمت «السفير» أن وزير الداخلية نهاد المشنوق، بعدما تبلغ بالقرار الاماراتي أثناء وجوده في المغرب (بعد انتهاء مؤتمر وزراء الداخلية العرب في الجزائر)، سأل أحد نظرائه الخليجيين عما إذا كان القرار صادراً عن مجلس التعاون الخليجي فجاءه الجواب بالنفي وأنه قرار إماراتي بحت، وهذا ما أكدته أيضاً مصادر إماراتية .

وقالت المصادر من دبي أنْ لا تأكيد رسميّاً من دولة الإمارات في شأن ترحيل 70 لبنانياً، لكنّ طلب مغادرة الإمارات حصل فعليّاً، ويبدو أنّ المرحَّلين تلقوا اتصالات هاتفية من جهات أمنية رسمية تنذرهم بضرورة الرحيل خلال فترة زمنية معينة.

وأشارت المصادر الى أنّ الإمارات ترى أنّ من حقها إبعاد وافدين تعتبرهم خطراً على أمنها، وأوضحت أن حلّ هذا الموضوع يكون على المستوى الرّسمي على غرار ما قام به الرئيس برّي حين زار الإمارات قبل سنوات للبحث في قضية 120 لبنانياً تمّ ابعادهم، ونال وعداً من الشيخ خليفة بن زايد بإعادة النظر بالوضع الفردي لكلّ لبناني والعفو عمن لم يقترف أي إخلال قانوني أو أمني.

واللافت للانتباه أن دولة الإمارات كانت أصدرت في تشرين الثاني الماضي لائحة ضمّت 83 منظّمة اُعتبرت «إرهابية» وشملت «فتح الإسلام» و»عصبة الأنصار» ولم تأت على ذكر «حزب الله» اللبناني (شمل القرار كتائب «حزب الله» الخليجية في السعوديّة والبحرين). وهذا ما يدحض (شكلياً) تهمة تعاون المرحَّلين مع «حزب الله» اللبناني، لكنّ الأوساط الإماراتية أشارت الى أرجحيّة أن يكون المبعدون على صلة بـ «حزب الله» اللبناني، وقد سبق ورُحّل عدد من اللبنانيين لهذا السبب في الماضي.

في هذا الإطار، قال مصدر إماراتي إنّ السلطات الإماراتية لم تصدر أيّ بيان رسمي بعد، وأوضح أن الإمارات «تأخذ وقتها قبل الكشف عن أية معلومات، وهي ليست معنيّة بإعطاء تفاصيل، حتّى لو كان الجمهور اللبناني يطلب ذلك بسرعة قصوى».

أضاف أن الظروف الاستثنائية في المنطقة «تحتّم يقظة استثنائية في دول الخليج، ولولا هذه اليقظة لما كانت الإمارات مستقرّة لغاية اليوم».

وأشار إلى أن القرار إماراتي وليس خليجياً، لكن قد يصدر مثيله من دول خليجية أخرى مثل السعودية أو قطر أو البحرين، «لأنّ الأمن الخليجي أولوية ليس بعدها أولويّة»، مرجحاً ألا تتراجع بلاده عن قرارها.

من جهته، قال أستاذ العلوم السياسية في جامعة الإمارات د.عبد الخالق عبد الله لـ «السفير» إن اللبنانيين المرحَّلين يشكّلون عدداً صغيراً جدّاً من الجالية اللبنانية التي تعيش في الإمارات والتي يبلغ تعدادها 120 ألف لبناني، ولا بدّ أن تكون لدى الإمارات أسباب وجيهة أمنيّة أو سياسيّة أو قانونيّة وظيفيّة دفعتها لاتخاذ هذا الإجراء، وأضاف أنه ليس لدى الإمارات ما تخفيه، «وسيصدر توضيح للقرار في الوقت المناسب».

وعن سبب استهداف لبنانيين ينتمون إلى لون سياسي وطائفي معين، قال عبد الله إنّ القرار «إماراتي سيادي ولا يمكن لأيّ طرف منازعة الإمارات عليه. قد تكون هناك مخالفات أمنية أو قانونية وستتضّح الأمور في أوقاتها».