فادي البرغوثي يكتب لوطن.. العلمانيين والمتدينين وجهان لعملة واحدة

المتمعن في سياسية المتدينين والعلمانيين في المجتمع الاسرائيلي يلاحظ انه لا يوجد خلاف جوهري ما بين التيارين بل ان العلمانيين داخل دولة الاحتلال ساهموا بشكل كبير في  بناء الفكر الديني الصهيوني وتزاوجه مع القومية ما خلق نموا كبير في تصاعد  اليمين الفاشي بدولة الاحتلال وخلق نموذج لنظام سياسي متطرف لم تشهده وتعرفه البشرية من قبل

ولعل هذا كان جليا منذ بداية تاسيس دولة الاحتلال حينما قام بن غوريون في رعاية وقيادة حوارا  بين اليهود المتدينين واليهود العلمانيين قبل بناء دولة " اسرائيل " والتي من خلالها  اسفرت عن استمالة المتدينين للدولة والانخراط فيها مقابل تنازل العلمانيين عن جزء من الحياة المدنية لصالح المتدينين كالزواج، وطريقة الذبح، وعدم اكل لحم الخنزير وبناء المدارس الدينية وغيرها من مظاهر التدين علما بان المتدينين  كانوا يروا  في اقامة دولة "اسرائيل " خروج عن الدين اليهودي وان من يقوم في بناء دولة الاحتلال هو " المسيح المخلص"

هنا يمكن لنا ان نستدل انه لا يمكن الفصل ما بين العلمانيين والمتدنين في دولة الاحتلال اذا اخذنا في الاعتبار بان الابتعاد عن الديانة اليهودية في " اسرائيل " سيشكل خلالا كبيرا في دولة الاحتلال الاسرائلي حيث ان البعد القومي داخل الاحتلال تم اختراعة لخدمة التوجهات الاستعمارية للدول الغربية وهو لا يستند الى دعامه حقيقية وثقافية تساهم في بناء دولة جديدة لسكان  جميعهم جاءوا من بلدان واعراق مختلفة من  جميع دول العالم

في هذا الاطار فان العنصرية والتفوق اليهودي على الاعراق الاخرى لم تكون نظرة المتدينين فقط بل نظرة العلمانيين التي روجوا اليها من خلال النصوص الدينية حتى لو كانوا عير مؤمنين فيها الا انهم اعتمدوا عليها في خدمة مشاريعهم الاستيطانية واحتلال ارض فلسطين وممارسة التطهير العرقي والإبادة الجماعية وبانها بالاصل تم اقامتها بتوصية من الرب

هنا يمكن لنا اعتبار ين غفير وسموترتيش المتدينان لا يختلفان كثيرا عن زعيم المعارضة في دولة الاحتلال يائير لبيد بل ان الاخير يمكن ان يكون متطرفا اكبر حتى ان ظهر بغير ذلك فعمليا فان صفقة التبادل التي يدعو اليها يائير لبيد تاتي في اطار المحافظة على المواطن اليهودي والنظرة المتفوقة لليهود وما التصريحات التي صدرت عنه اكثر من مرة باننا يمكن لنا اعادة الحرب بعد اتمام الصفقة انما تنم عن الفكر العنصري التلموذي لهذا الشخص الذي يتظاهر بمظاهر علمانية وهو نفس السياق الذي قام على طرد السكان الأصليين عام ١٩٤٨ م وهو  الذي جعل رابين وشمعون بيرس سابقا يقومان بالتمسك بعدم اطلاق سراح المعتقلين الفلسطينيين في اتفاق أوسلو  " الملطخين بالدماء اليهود " على حسب تعبيرهم وكذلك هو الفكر الذي دفع يهود باراك عام 2000 لتوفير غطاء وحماية لشارون لدخول المسجد الاقصى  وهو نفس العلمانيين الذي دافعوا عن دولة الاحتلال في محكمة العدل الدولية دون النظر الى ما ارتكبه الاحتلال من مجازر في غزة  تعددت 35 الف شخص اذا اخذنا في الاعتبار من هم تحت الانقاض جلهم من النساء والأطفال وهو الذي جعل ما نسبة ٩٠% من أعضاء الكنيست يصوتون ضد اقامة دولة فلسطينية مستقلة

وبناء على ما سبق فاننا يمكن لنا القول بان دولة الاحتلال الاسرائيلي وبغض النظر عن ما يحكم فيها سواء من العلمانيين او المتدينين فانها تحتكم الى نصوص دينية متطرفة بل ان الصهيونية العلمانية هي من استخدمت الدين في بلورته كعنصر تماسك لدولة الاحتلال  الاسرائيلي وان الصهيونية الدينية التي تحكم دولة الاحتلال في هذه الايام هي ربيبة الصهيونية العلمانية التي لا تختلف معها من حيث الفكر والممارسة