سيناريوهات حكم محكمة العدل الدولية اليوم بخصوص قضية جنوب أفريقيا ضد إسرائيل بارتكاب الإبادة الجماعية

كتب إحسان عادل – منظمة القانون من أجل فلسطين: هناك سيناريوهات عديدة لحكم العدل الدولية اليوم، وهذه أهمها:

1. أن تقرر أن جنوب أفريقيا لم تقدم حجة معقولة بأن إسرائيل ترتكب الإبادة الجماعية، وبالتالي رفض الأمر بأي إجراءات مؤقتة، واعتبار القضية مغلقة.
2. أن تقرر أن جنوب أفريقيا فشلت في إثبات وجود نزاع بينها وبين إسرائيل على النحو المحدد في اتفاقية الإبادة الجماعية، وأن ترفض القضية لأسباب شكلية.
أي من هذين السيناريوهين سوف يشكل هزيمة واضحة لجنوب أفريقيا والفلسطينيين، ولمفهوم العدالة الدولية. وهذان السيناريوهان هما الأقل ترجيحًا.

3. أن تأمر المحكمة بالفعل باتخاذ تدابير مؤقتة، وهنا هي ليست ملزمة بتلك التي طلبتها جنوب أفريقيا، ويمكنها أن تعتمدها كلها، أو بعضها، أو تختلف تماما عن تلك التي اقترحتها جنوب أفريقيا، والسيناريوهات هنا متعددة، ومن أكبرها بالطبع، وهو ما نأمله كلنا، هو أن تأمر بتعليق "فوري" للعمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة.
لكن، المهم، هو أنه إذا وافقت المحكمة على طلب جنوب أفريقيا وأصدرت تدابير مؤقتة، أيا تكن تلك التدابير (حتى لو لم تتضمن وقفا للعملية العسكرية، وإن كنا نتأمل ذلك كثيرا)، إذا فعلت أي شيء آخر غير رفض طلب جنوب أفريقيا، فسيكون هذا ذا أهمية كبيرة جدا، لأنه يعني أن أعلى محكمة في العالم قد قضت بأن جنوب أفريقيا قدمت حجة معقولة مفادها أن إسرائيل تنتهك اتفاقية الإبادة الجماعية وأن ادعاءات جنوب أفريقيا تستحق المضي قدما في القضية.
* محكمة العدل الدولية هي أعلى جهة قضائية على مستوى العالم ولها هيبتها واحترامها من قبل كل الدول. قرارها ملزم لإسرائيل ولأمريكا ولكل دول العالم. وإن قرارها، في حال تضمن إجراءات وقتية، أيا تكن، هو انتصار هام وعلامة بارزة في سعي الشعب الفلسطيني إلى تحقيق العدالة، وهزيمة لإسرائيل التي طالبت المحكمة بإلغاء القضية.
* إذا أصدرت المحكمة قرارا بوقف إطلاق النار، فلا يمكن لإسرائيل الاستمرار بعمليتها العسكرية، وإذا استمرت، فلا يمكن لأي دولة بعد ذلك الاستمرار في دعم هذه العملية العسكرية الإسرائيلية.
* أما لو لم تأمر المحكمة بوقف كامل لإطلاق النار، فيمكن، وغالبا، سوف تصدر قرارا يتعين على إسرائيل بموجبه الامتناع عن القيام بأي شيء من شأنه أن يشكل إبادة جماعية. يتضمن هذا عدم القيام بقصف المباني، أو إعاقة المساعدات الإنسانية، أو عرقلة سيارات الإسعاف أو عمل المستشفيات. كما لا يستبعد أن يتضمن حكم المحكمة مسائل تتعلق ب"الرهائن" بالنسبة للفصائل الفلسطينية.
* ومن المهم التنويه إلى أن الاتفاقية لا تتعلق فقط بالمعاقبة على جريمة الإبادة الجماعية، بل تتعلق أيضًا بمنع بجريمة الإبادة الجماعية. وبمجرد أن تصدر المحكمة تدابير وقتية، بما يعني أن هناك "احتمال معقول للإبادة الجماعية"، فإن ذلك يؤدي إلى التزام على كل الدول الأطراف في اتفاقية الإبادة الجماعية بمنعها. وهذا يعني أن عليهم تعديل سياساتهم، بما في ذلك فيما يخص توريد الأسلحة ووقف الحماية الدبلوماسية لإسرائيل. كما ينبغي عليهم، في حال رفضت إسرائيل الامتثال، أن يلجؤوا إلى فرض عقوبات اقتصادية ودبلوماسية وسياسية.
* تحرك المحكمة بسرعة لإصدار طلب باتخاذ "تدابير مؤقتة" بعد أسبوعين فقط من جلسات الاستماع الشفهية، يشير إلى اعتراف المحكمة بإلحاح الوضع الإنساني على الأرض، حيث يقتل الاحتلال الاسرائيلي مئات المدنيين، بمن فيهم النساء والأطفال كل يوم.
* هذه لحظة مهمة ضمن أكثر من 75 عامًا من النكبة التي ألحقها الاحتلال الاسرائيلي بالشعب الفلسطيني. وهي لحظة حاسمة للمساءلة. وهنا نذكر أيضا بأن المحكمة الجنائية الدولية، التي تحقق في الممارسات الإسرائيلية، ملزمة أيضًا بالإحاطة علمًا بحكم محكمة العدل الدولية اليوم والتصرف وفقه (أي، إذا كان قرار محكمة العدل الدولية اليوم أخذ إجراءات وقتية، فعلى الجنائية الدولية أن تبدأ بالتحقيق جنائيا في الإبادة الجماعية).
- النقاط أعلاه هي لست مني وحدي وإنما نتاج حوارات ومقالات كثيرة نشرت خلال الأيام الماضية، ومنها بشكل خاص لكل من: معين رباني، فرانشيسكا البانيز، جون غويغلي، أرضي أمسيس، معتز قفيشة، وكريس جونيس.