وفاة الصحفي اللبناني طلال سلمان

بالعربي: توفي ظهر اليوم في العاصمة بيروت، الصحفي اللبناني ناشر وصاحب صحيفة السفير اللبنانية طلال سلمان.

يعد طلال سلمان أحد أبرز الصحافيين العرب، ومؤسس صحيفة السفير التي تُعد إحدى ألمع التجارب الصحافية التي عرفها العالم العربي في تاريخه المعاصر.

يعد طلال سلمان من بين الصحافيين العرب القلائل الذين انحازوا منذ بداياتهم المهنية،للقضايا الوطنية والقومية والاجتماعية. وحين تمكّن من تحويل حلمه بتأسيس صحيفة مستقلة إلى حقيقة بعد 18 سنة من عمله الصحفي، عمد إلى جعل صحيفته منبرًا حقيقيًا لقضايا العرب ولقضية فلسطين.

لقد كانت فلسطين الهم الأكبر، وربما الوحيد لطلال سلمان، وكان يؤمن بتحريرهاا وقد جعل "السفير" الصحيفة الأولى لهذه القضية، من خلال احتضان نخبة من كتّابها ومثقفيها كانت موهبتهم أكبر وأعمق من صحافة الثورة الفلسطينية وفصائلها المتعددة.

وطلال سلمان صحافي لبناني أصدر في 26 آذار/مارس 1974 جريدة "السفير" في بيروت، وهي يومية سياسية مستقلة – حملت شعار "جريدة لبنان في الوطن العربي وجريدة الوطن العربي في لبنان"، وشعاراً مواكباً برسم الكثرة الغالبة "صوت الذين لا صوت لهم"، فشكّل منذ عقود مرجعية إعلامية في الشؤون العربية واللبنانية تحظى بالتقدير، وبالتأثير في الرأي العام.

ولد طلال سلمان في بلدة شمسطار (غربي مدينة بعلبك في البقاع اللبناني) عام 1938. والده إبراهيم أسعد سلمان. ووالدته فهدة الأتات. تزوّج عام 1967 من عفاف محمود الأسعد، من بلدة الزرارية في جنوب لبنان، ولهما: هنادي، ربيعة، أحمد، وعلي.

في أحدث مؤلفاته كتابة على جدار الصحافة (دار الفارابي، 2012) وهو أقرب إلى الجزء الأول من سيرة حياة (Semi-autobiography)، يصف طلال سلمان خطواته على الطريق إلى الصحافة بمقدار ما يصف حال الصحافة اللبنانية وتطوّر مسيرتها لتصير “صحافة العرب الحديثة.

أما مسيرته فمسيرة شاقة، بدأت في نهاية الخمسينيات من القرن الماضي لـ"واحد من متخرجي بيروت عاصمة العروبة”، كما يصف نفسه في سيرته، استهلها مُصحّحاً في جريدة "النضال"، فمخبراً صحافياً في جريدة "الشرق"، ثم محرراً فسكرتيراً للتحرير في مجلة "الحوادث"، فمديراً للتحرير في مجلة "الأحد".

وفي خريف العام 1962 ذهب إلى الكويت ليصدر مجلة "دنيا العروبة" عن "دار الرأي العام" لصاحبها عبد العزيز المساعيد. لكن الرحلة لم تطل لأكثر من ستة أشهر عاد بعدها إلى بيروت ليعمل مديراً لتحرير مجلة "الصياد" ومحرراً في مجلة "الحرية" حتى تفرّغ لإصدار “السفير” في 26 آذار/مارس 1974، وكان عضواً في مجلس نقابة الصحافة اللبنانية منذ العام 1976 حتى العام 2015. اشتهر أيضاً بحواراته مع غالبية الرؤساء والقادة والمسؤولين العرب.

ظلّ القارئ يترقب افتتاحيات طلال سلمان بعنوان "على الطريق"، والتي تميّزت بالوضوح السياسي وصلابة الموقف. كما يترقبّه بحماسة مماثلة في "نسمة"، الشخصية التي ابتدعها في “هوامش” يوم الجمعة (الملحق الثقافي لـ”السفير”)، وهي شخصية ذات دفء وجداني حميم ترسم “بورتريهات” للمسرح السياسي والثقافي والأدبي، وتصوّر صدق المشاعر الإنسانية وشغفها بالحياة وحماستها لها ولأخلاقيات الذوق الرفيع. ربطته صداقات بطيف واسع من المثقفين والفنانين العرب.

تتميّز شخصيته كإعلامي بمزيج من رهافة الوجدان السياسي والصلابة في الموقف، ما عرّضه إلى ضغوط متزايدة بلغت أوجها في نجاته في 14 تموز/يوليو 1984 من محاولة اغتيال أمام منزله في رأس بيروت فجراً تركت ندوباً في وجهه وصدره.. وكانت سبقتها محاولات لتفجير منزله، وكذلك عملية تفجير لمطابع “السفير” في الأول من تشرين الثاني/نوفمبر 1980.

حاز جائزة الدبلوماسي والمستشرق الروسي فيكتور بوسوفاليوك الدولية المخصصة لأفضل نقل صحافي روسي وأجنبي للأحداث في الشرق الأوسط. وتسلم الجائزة في 7/11/2000. وفي سنة 2004 وفي الذكرى الثلاثين لإصدار “السفير” كرّمته المؤسسات الثقافية والنوادي في أنحاء لبنان كله.

اختاره منتدى دبي الإعلامي “شخصية العام الإعلامية” لسنة 2009.

وفي 7 أيار/مايو 2010 منحته كلية الإعلام في الجامعة اللبنانية درجة الدكتوراه الفخرية تقديراً لدوره المتفرّد في الصحافة والإعلام والأدب الصحافي.

في الرابع من كانون الثاني/يناير 2017، إختار طلال سلمان بملء إرادته إطفاء شمعة “السفير”، وأراد أن تكون إفتتاحية العدد العشرون قبل 43 سنة، هي إفتتاحية العدد الأخير “لعلّها تكون أطيب تحية وداع”، وجاء فيها “يحق لنا أن نلتقط أنفاسنا لنقول ببساطة وباختصار وبصدق: شكراً”.

منذ كانون الثاني/يناير 2017، حتى العام 2022، ظلّ طلال سلمان مواظباً على كتابة “على الطريق” في الموقع الذي حمل وما يزال إسمه: طلال سلمان (https://talalsalman.com). هذا الموقع كان أيضاً منبراً أطل من خلاله عدد كبير من أصدقاء “السفير” وطلال سلمان، من لبنان والعالم العربي.

مؤلفات طلال سلمان:

• مع فتح والفدائيين (دار العودة 1969).
• ثرثرة فوق بحيرة ليمان (1984).
• إلى أميرة اسمها بيروت (1985).
• حجر يثقب ليل الهزيمة (1992).
• الهزيمة ليست قدراً (1995).
• على الطريق.. عن الديمقراطية والعروبة والإسلام (2000).
• هوامش في الثقافة والأدب (2001).
• سقوط النظام العربي من فلسطين إلى العراق (2004).
• هوامش في الثقافة والأدب والحب (2009).
• لبنان العرب والعروبة (2009).
• كتابة على جدار الصحافة (2012).
• مع الشروق (2012).
• هوامش في الثقافة والأدب والحب (2014).
• مع الشروق (2014).