سوريا تفضح جاسوسا "إسرائيليا" بواسطة أجهزة سوفيتية

بالعربي: في الثامن عشر من مايو/أيار من عام 1965 نُفذ حكم الإعدام بحق علي كوهين الجاسوس "الإسرائيلي" الذي مارس نشاطه داخل دوائر السلطة السياسية السورية, وتم فضحه بواسطة أجهزة سوفيتية.

البداية

ولد علي كوهين في السادس من ديسمبر/كانون الأول 1924 في مدينة الإسكندرية المصرية. تلقى علومه في المدرسة التابعة للجالية اليهودية المحلية وفي جامعة الإسكندرية. كان مخلصا لوطنه مصر، بحسب أخيه، ولكنه كان في الوقت نفسه مخلصا للشعب اليهودي والصهيونية، وخاصة فكرة إقامة الدولة العبرية في فلسطين.

وعندما تم إعلان قيام "إسرائيل" في عام 1949 غادرت عائلة كوهين مصر إلى "إسرائيل". ولم يغادر علي كوهين مصر وقتذاك. وبعد وفاة علي كوهين، كشف إسحاق رابين، رئيس وزراء الاحتلال، أن علي بقي في مصر للمساهمة في جهود تهجير اليهود إلى "إسرائيل". وعلمت عائلة كوهين في عام 1954 أن السلطات المصرية اعتقلت علي بتهمة الانتماء إلى خلية إرهابية. وتم الإفراج عنه لعدم توفر ما يثبت مشاركته في أعمال الخلية. ثم تم ترحيله ضمن آلاف اليهود الآخرين إلى "إسرائيل".

عميل المخابرات

وصل علي كوهين إلى "إسرائيل" في الثامن من فبراير/شباط 1957. وبعد خمسة أيام تم استدعاؤه إلى جهاز المخابرات، حيث كشف تفاصيل حياته في مصر وأعلن إلمامه باللغات العربية والفرنسية والإنجليزية والإيطالية والعبرية، وأبدى استعداده للتوجه إلى أي بلد عربي في مهمة تجسس.

وبعد تكوين الجمهورية العربية المتحدة من مصر وسوريا في عام 1958 شعرت "إسرائيل" أن أمنها في خطر. وبحثت مخابراتها عن جاسوس يستطيع أن يكشف خطة الاعتداء على "إسرائيل" إن وجدت.

وتم في بداية عام 1961 إرسال علي كوهين إلى الأرجنتين ليصبح هناك رجل أعمال سورياً ناجحاً.

الى سوريا

قبل توجهه إلى سوريا – يقول أخوه ألبرت – عاد علي كوهين إلى "إسرائيل" بسبب وفاة أبيه. وقضى علي كوهين ثلاثة أسابيع في "إسرائيل"، وغادرها إلى الإسكندرية ليستقل هناك السفينة التي نقلته الى بيروت.

وتوجه علي كوهين لدى وصوله إلى لبنان إلى حدود سوريا ليعبرها ويصل إلى العاصمة السورية دمشق في عام 1962

وتمكن علي كوهين من الاندماج في النخبة السياسية السورية مستغلا ما لديه من علاقات بممثلي سوريا في الأرجنتين

ويذكر ألبرت أن أخاه كشف لقاضي التحقيق بعد اعتقاله أنه تمكن من الدخول في اتصال مع مسؤولي وزارات الدفاع والاقتصاد والإعلام ووزارات وهيئات حكومية أخرى والبنك المركزي.
واحتوى ما كان علي كوهين يرسله من بلاغات إلى "إسرائيل" على معلومات هامة عن أوضاع سوريا السياسية والاقتصادية والعسكرية وعن التعاون العسكري بين سوريا والعراق واتفاق توريد الأسلحة السوفيتية إلى سوريا، وعن مواقع الجيش السوري

ووفق ليفي اشكول، رئيس وزراء الاحتلال الأسبق، فإن المعلومات التي حصلت "إسرائيل" عليها من علي كوهين أنقذت حياة الكثيرين من جنود جيش الاحتلال وساعدت "إسرائيل" على كسب حرب الأيام الستة.

ولا تزال الإشاعات تزعم أن علي كوهين تمكن أن يصبح نائبا لوزير الدفاع السوري ومرشحا لمركز رئيس الجمهورية

غير أن الخبير السوري في الشؤون "الإسرائيلية"، تحسين الحلبي، أكد لـ”سبوتنيك” بطلان هذه الشائعات، مشيرا إلى أن تلك المعلومات اختلقتها مخابرات الاحتلال لتعظيم شأنها.

الاعدام

ألقى رجال الأمن السوري القبض على الجاسوس "الإسرائيلي" في منزله في يناير/كانون الثاني 1965.

وأحيل علي كوهين في فبراير/شباط إلى المحكمة التي حكمت عليه بالإعدام شنقا. ونُفذ الحكم يوم 18 مايو/أيار 1965. وتم شنقه في إحدى ساحات العاصمة السورية، دمشق
و أظهر التحقيق الذي أجرته أجهزة مخابرات الاحتلال أن بعض أعمال علي كوهين افتقرت إلى الحرفية والمهنية وفقا لما قاله ياكوف كدمي، مدير سابق لجهاز “ناتيف” أحد أجهزة المخابرات "الإسرائيلية".

وكان للاتحاد السوفيتي – كما أشار إلى ذلك مسؤول مخابرات الاحتلال الأسبق – إسهام في فضح الجاسوس "الإسرائيلي". فقد تم التقاط رسالاته اللاسلكية بواسطة أجهزة سوفيتية.

ثلاث روايات عن فضح علي كوهين، بحسب أخيه ألبرت

– شكوى من الهند

التحقيق الذي أدى إلى فضح الجاسوس الإسرائيلي بدأ بعدما كشفت سفارة الهند في شكوى قدمتها إلى الرئيس السوري أمين الحافظ أن رسائلها إلى نيودلهي تتعرض إلى إعاقة تشويشية.

– صور سرية:

علي كوهين ظهر في صور التقطها ممثلو رئاسة أركان الجيشين السوري والمصري في مرتفعات الجولان.

– تهريب صواريخ

التحقيق بشأن رجلين اشتبهت المخابرات السورية بأنهما يعملان لصالح المخابرات الأمريكية وينويان تهريب صواريخ حصلت سوريا عليها من الاتحاد السوفيتي إلى قبرص، أظهر أن المشتبه في أمرهما يترددان على منزل “كامل أمين تبت” – وهو علي كوهين.

وبعد اعتقالهما وضعت المخابرات السورية كامل أمين تحت مراقبتها في نهاية عام 1964

وداهم رجال الأمن منزله في صباح الثامن عشر من يناير/كانون الثاني 1965 وضبطوا بحوزته جهاز الاتصال اللاسلكي وأشياء مشبوهة أخرى.

ونفذ حكم الإعدام بحق عميلي المخابرات الأمريكية اللذين كانا يترددان على منزل كامل أمين، في فبراير/شباط 1965. وبعد ثلاثة أشهر نفذ حكم الإعدام بحق كوهين.

واتهِم علي كوهين أيضا بالتجسس لصالح الولايات المتحدة الأمريكية. واستندت هذه التهمة – يقول أخوه ألبرت – إلى شهادة تضمنها محضر المحاكمة تقول إن علي أخبر أحد ضباط القوات البحرية السورية بأن الأمريكيين أبدوا استعدادا لشراء معلومات عن الأسطول السوري بـ50 ألف دولار ولم تتسلم إسرائيل جثة علي كوهين حتى الآن.

يقول ياكوف كدمي إن إسرائيل حاولت مرارا أن تكشف مكان وجود جثته وأجرت محادثات مع المسؤولين السوريين ولكن لا أحد يعرف مكان وجود رفاته.

الخاتمة

لا يزال الإسرائيليون ينظرون إلى علي كوهين على أنه واحد من عملاء المخابرات الإسرائيلية الأكثر توفيقا، ويعتبرونه بطلا.

ويشير الخبير السوري تحسين الحلبي إلى أن علي كوهين عمل لتحقيق المهمة التي أسندتها وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية إلى إسرائيل لتدمير الدولة السورية.

ويعبر الخبير عن شكوكه في إمكانية أن يكشف شخص غريب (أي شخص) أسرار الحكومة والجيش السوري، مشيرا إلى أن سوريا تعرف كيف تحافظ على أسرارها.

اللمصدر: سبوتنيك