خسرنا الهند لـ"إسرائيل": لأوّل مرّةٍ نيودلهي لا تُصوّت لصالح فلسطين بالأمم المُتحدّة

بالعربي: قالت مصادر سياسيّة، وُصفت بأنّها رفيعة المستوى في كيان الإحتلال، إنّه للمرّة الأولى في تاريخ الهند، تقوم الأخيرة بعدم التصويت لصالح الفلسطينيين في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المُتحدّة، والذي يتخّذ من جنيف مقرًا له. وأردفت المصادر عينها قائلةً إنّ الخطوة الهنديّة هي بمثابة تحولٍ تاريخيٍّ في العلاقات بين كيان الإحتلال ودلهي، علمًا أنّ الهند كانت من أبرز الدول التي وقفت إلى جانب القضية الفلسطينيّة في منظمة دول عدم الانحياز وفي العالم قاطبة، ويأتي هذا التصويت على خلفية توثيق العلاقات بين كيان الإحتلال وبين الهند، هذه العلاقات التي توجّتها زيارة ما يسمى وزيرة" الأمن" الصهيوني أخيرًا إلى الهند، ومُشاركته في المعرض الدوليّ للأسلحة في دلهي، علاوة على عقده سلسلة اجتماعات مع صنّاع القرار في نيودلهي.

ورأت المصادر السياسيّة عينها أنّ التقارب بين كيان الإحتلال والهند في الفترة الأخيرة، قد يدفع الهند أيضًا إلى معارضة مشروع القرار الفلسطينيّ الذي تمّ تقديمه إلى مجلس الأمن الدوليّ والقاضي بإنهاء الاحتلال "الإسرائيليّ" خلال سنتين. ولفتت المصادر، بحسب صحيفة (هآرتس) العبريّة، إلى أنّ الهند كانت وبشكلٍ أوتوماتيكيّ تقوم بالتصويت في الأمم المتحدّة إلى جانب الفلسطينيين.
وتابعت إنّه في حال أخرجت الهند قرارها إلى حيّز التنفيذ، أيْ كيفية تصويتها في الأمم المتحدّة، فإنّ ذلك سيُعتبر هزّة أرضية دبلوماسيّة، ذلك لأنّ الهند تنتمي إلى مجموعة دول عدم الانحياز، وهي دولة بارزة جدًا في هذه المجموعة، والتي كانت تُصوّت بشكل تقليديّ إلى جانب الفلسطينيين وضدّ الكيان، على حدّ قولها. وكان مركز أبحاث الأمن القوميّ الصهيوني قد نشر دراسةً جديدةً تناولت العلاقات الأمنيّة بين البلدين والتحدّيات التي تواجههما، حيث أكّدت على أنّ العلاقات بين الدولتين كانت مجمدّة طوال أربعين عامًا بعد رفض الهند إقامة علاقات دبلوماسية مع كيان الإحتلال، في مقابل الحفاظ على علاقاتها مع الدول العربية.
لكنّ هذا الوضع، زادت الدراسة، شهد تغيرًا جذريًا في العام 1991، بعد أنْ توصّلت الهند إلى نتيجة مفادها أنّه هناك ضرورة للانفتاح على العالم في ظل سياسية التحرر الاقتصاديّ، وفى كانون الثاني (يناير) من العام 1992 دشنت البلدين علاقاتهما الدبلوماسية، والتي استمرت في التطور حتى شهدت تغيرًا مفصليًا في العام 1999 بعد تعاون أمنيّ وثيق بين البلدين، وتزويد كيان الإحتلال الجيش الهندي بأحدث الأسلحة القتالية. ومنذ ذلك الحين، شدّدّت الدراسة، بات الكيان أكبر مورد أسلحة للجيش الهندي، واحتلت مكان روسيا وفرنسا كأكبر موردين للسلاح والعتاد العسكريّ للهند. علاوة على ذلك، أكّدت الدراسة على أنّ مبيعات الأسلحة الصهيونية للهند خلال العامين الماضيين تجاوزت قيمتها ملياري دولار تقريبًا.
كما شهدت السنوات الأخيرة تعاونًا وثيقًا بينهما في قضية محاربة “الإرهاب” والتعاون المخابراتي. واستعرضت الدراسة أهّم صفقات الأسلحة بين الدولتين خلال العامين الماضين، والتي تعكس التطور السريع في العلاقات العسكرية بين البلدين: صفقة طائرات التجسس من طراز فالكون، كما قامت الهند مؤخرًا بشراء أربعة رادارات من طراز EL-M2083 من شركة الإسرائيليّة وتم نصبها على الحدود مع باكستان.
وكشفت الدراسة أيضًا النقاب عن شراء الهند لأنظمة دفاع جويّة من كيان الإحتلال خلال العامين الماضيين تقدر بأكثر من مليار دولار.  وقالت الدراسة أيضًا إنّ أحدث صفقات التعاون الأمنيّ والعسكريّ بين كيان الإحتلال ونيودلهي هي تزويد الكيان الجيش الهنديّ بالطائرات بدون طيّار الهجوميّة من طراز هاربون. وعلى الرغم من تعاظم التعاون الأمنيّ والعسكريّ بين كيان الإحتلال والهند، لم تخف الدراسة خشية صنّاع القرار في كيان الإحتلال من أنّ هذه العلاقات قد تذهب أدراج الرياح وقد تعصف بها أيّ أزمة قد تنشب بين البلدين على غرار العلاقات التركيّة-الصهيونية.  ومن بين هذه العوامل، أضافت الدراسة، أنّه كما قامت العلاقات الإسرائيلية الهندية على حساب العلاقات العربيّة الهنديّة، لكن ليس بالسهولة أنْ تتخلى الهند عن علاقاتها التاريخيّة مع الدول العربيّة ودعم القضية الفلسطينيّة باعتبارها قادة دول عدم الانحياز وقائدة مسيرة التحرر في العالم من الاستعمار.
وشدّدّت على أنه بالرغم من التحالف الاستراتيجيّ مع كيان الإحتلال، فإنّ واشنطن تخشى من انتقال التكنولوجيا العسكريّة التي يقدمها الكيان للهند، لافتةً إلى أنّ العديد من الصفقات بين الهند وكيان الإحتلال قد أُلغيت بسبب مُعارضة أمريكا. علاوة على ذلك، أشارت الدراسة إلى العلاقة المتينة بين الهند وإيران، خاصةً وأنّ الهند تُولي أهمية عليا للعلاقات التجاريّة والاقتصاديّة مع طهران، وتحديدًا لارتباط دلهي بطهران ارتباطًا شديدًا من ناحية التزود بالنفط.
بالإضافة إلى ذلك، قالت الدراسة إنّه على الرغم من التطوّر السريع للعلاقات العسكريّة بين الهند والكيان، واعتبار الهند الزبون الأكبر لشراء الأسلحة والأجهزة العسكريّة من إسرائيل، فإنّه لا يُمكن بأيّ حالٍ من الأحوال، وصف هذه العلاقات بأنّها علاقات إستراتيجيّة من الدرجة الأولى، وخصوصًا لأنّ الهند تتطلع للاستقلال في مجال التصنيع العسكريّ، وتحقيق قدرت عسكريّة ذاتيّة.
علاوة على ذلك، أكّدت الدراسة على أنّ التعاطف الهنديّ مع العرب، وتحديدًا مع الفلسطينيين قد يضع نهاية مبكرة وفى أيّ وقت للعلاقات بين البلدين. وخلُصت الدراسة إلى القول إنّه منذ انتخاب نيرندرا مودي، رئيسًا لوزراء الهند في العام 2004، وهو هنديّ مُحافظ جدًا، شهدت العلاقات تحولاً إيجابيًا للغاية، وذلك بسبب مواقف مودي الهنديّة القوميّة المُتشدّدّة، ومناهضته العلنيّة للإسلام، على حدّ قولها.

نقلا عن رأي اليوم