التقديرات الأمنيّة الصهيونية: عبّاس يائس من المفاوضات والتنسيق الأمنيّ يشهد تحسّنًا ملحوظًا

بالعربي: بالتزامن مع الأنباء التي نُشرت في الأيّام الأخيرة حول اللواء ماجد فرج، مدير المخابرات العامّة الفلسطينيّة، والتي جاء فيها أنّه الشخص الأكثر ملائمةً لوراثة رئيس السلطة الفلسطينيّة، محمود عبّاس، كونه أحد أقرب المُقرّبين له، اختارت المنظومة الأمنيّة الصهيونية صبّ الزيت على النار، في محاولةٍ بائسةٍ ويائسةٍ لدقّ الأسافين داخل القيادة الفلسطينيّة في رام الله، عبر تسريبات صحافيّة لمُحلل الشؤون العسكريّة في صحيفة (هآرتس) العبرية، عاموس هارئيل، صاحب الباع الطويل في المؤسستين الأمنيّة والعسكريّة في كيان الإحتلال.

فقد نشر المُحلل المذكور في عدد الصحيفة الصادر اليوم الأربعاء تقريرًا تناول فيه وضع السلطة الفلسطينيّة، ونقل عن مصادر أمنيّة-استخباراتيّة، وصفها بأنّها رفيعة المستوى، قولها إنّ قيادة السلطة الفلسطينيّة، وفي مقدّمتها رئيسها عبّاس، لم تعُد تؤمن بأنّ المفاوضات مع كيان الإحتلال بإمكانها تحقيق نتائج، وبناءً على ذلك، غيرّت السلطة إستراتيجيتها وباتت تُعوّل على المؤسسات الدوليّة لتحقيق المكاسب في الصراع القائم مع كيان الإحتلال، حسبما ذكرت المصادر الصهيونية.
وساق المُحلل هارئيل قائلاً، نقلاً عن المصادر عينها، إنّ التقديرات المذكورة التي تبلورت في جميع الأجهزة الأمنيّة بالدولة العبريّة بعد أنْ قام بنيامين نتنياهو بتشكيل حكومته الرابعة، تؤكّد على أنّ السلطة الفلسطينيّة ما زالت تؤمن بالكفاح غير العنيف ضدّ كيان الإحتلال، وبالتالي فإنّ وجهتها هي المؤسسات الدوليّة، حيث سيعمل أقطاب السلطة الفلسطينيّة على النيل من مكانة الكيان بواسطة التوجّه للمؤسسات الدوليّة ذات الصلة، مشيرةً في الوقت عينه إلى أنّ السلطة الفلسطينيّة لا تنوي الاعتماد فقط على الأمم المُتحدّة، إنمّا على جميع المؤسسات الدوليّة، التي تسمح لها بالمسّ بإسرائيل، على حدّ تعبيرها.
أمّا فيما يتعلّق برئيس السلطة، محمود عبّاس، فقد قالت المصادر الصهيونية إنّه بات يائسًا ممًا أسمته بالمسار السياسيّ، وعزت ذلك إلى سببين: الأوّل، لأنّ المفاوضات التي جرت في الماضي بين السلطة الفلسطينيّة وكيان الإحتلال لم تُحقق أيّ نتيجة، أمّا السبب الثاني، فمردّه تصريحات رئيس الوزراء الصهيوني المتناقضة، وتحديدًا فيما يتعلّق بمبدأ دولتين لشعبين، إذْ أنّه صرحّ خلال المعركة الانتخابيّة بعدم تبنّيه لهذا المبدأ، ومن ثمّ، بعد الضغوط الأمريكيّة والأوروبيّة عاد وأكّد أنّه يتبنّى حلّ الدولتين لشعبين. وبحسب المصادر ذاتها، فإنّ نتنياهو لن يفعل أيّ شيء خلال ولايته الرابعة في رئاسة الوزراء، بل سيبذل جلّ جهوده في إضاعة الوقت، دون إحراز أيّ تقدّمٍ فيما يُسّمى بالعملية السياسيّة مع الفلسطينيين. علاوة على ذلك، لفتت التقديرات الأمنيّة الصهيونية إلى أنّ نتائج الانتخابات الرئاسيّة في أمريكا لن تؤثر على أيّ شيء فيما يتعلّق بالفلسطينيين والإسرائيليين، وبرأي المصادر فإنّ الرئيس الأمريكيّ القادم، سيكون أكثر مؤيّدًا لكيان الإحتلال، سواء جاء من صفوف الحزب الجمهوريّ أوْ الديمقراطيّ، على حدّ تعبيرها.
وتناولت التقديرات الأمنية الصهيونية قضية التنسيق الأمنيّ بين الأجهزة الأمنيّة الصهيونية  وبين الأجهزة الأمنيّة التابعة للسلطة الفلسطينيّة، وقالت في هذا السياق إنّه منذ أنْ اتخذت حكومة الإحتلال قرارًا بوقف تجميد الأموال المُستحقّة للفلسطينيين من الضرائب، سجلّ التنسيق الأمنيّ بين الطرفين تحسنًا ملحوظًا، كما أنّ السلطة الفلسطينيّة تعمل بشكلٍ جديٍّ على إحباط عمليات فدائيّة ضدّ أهداف صهيونية تقوم حركات  فلسطينيّة بالضفّة الغربيّة المُحتلّة بالإعداد لها لتنفيذها من طرفي ما يُطلق عليه الخط الأخضر.
ولفتت المصادر أيضًا إلى أنّ ما يؤرق جيش الغحتلال وجهاز الأمن العام (الشاباك) هما قضيتين، القضية الأولى، أنْ يستمرّ الفلسطينيون في تنفيذ العمليات الفدائيّة الفرديّة مثل الدهس والطعن، وتحديدًا في مدينة القدس، والقضية الثانية، هي الخشية الصهيونية من قيام حركة المُقاومة الإسلاميّة (حماس) بتشكيل خلايا عسكريّة سريّة في الضفّة، وبشكلٍ خاصٍ في منطقة الخليل.
والأهّم من كلّ ما ذُكر بالنسبة للصهاينة، أنّ الأجهزة الأمنيّة في كيان الإحتلال تؤكّد عدم وجود خطر حقيقيّ لاندلاع انتفاضة ثالثة خلال الأشهر القريبة القادمة، وذلك نابعٌ فيما هو نابعٌ من أنّ السلطة الفلسطينيّة قررت نقل المُواجهة مع  كيان الإحتلال إلى المسار السياسيّ في الحلبة الدوليّة.
وقالت المصادر الصهيونية أيضًا إنّ الخطر لاندلاع مواجهات واسعة النطاق يكمن في شرارة قد تبدأ في مكان ما ومن ثمّ تنتقل إلى جميع أرجاء الضفة الغربيّة. وحذّرت المصادر نفسها من أنّ الشرارة قد تكون مواجهة بين الفلسطينيين والمُستوطنين على خلفية الصراع المُستمر حول المسجد الأقصى المُبارك، ولفتت المصادر أيضًا إلى أنّه في شهر تشرين الثاني (أكتوبر) من العام الماضي، نفذّ الفلسطينيون عددًا من العمليات الفرديّة ضدّ الصهاينة، وذلك على خلفية قيام شخصيات صهيونية رسميّة بالوصول إلى المسجد الأقصى، وعندما تدّخل رئيس الوزراء الصهيوني نتنياهو ومنع الزيارات عاد الهدوء إلى المكان، على حدّ قول المصادر. جدير بالذكر أنّ تدّخل نتنياهو جاء بعد ضغوطات مارستها الأردن عليه، كما أنّ مصادر صهيونية زعمت أنّ دولاً عربيّة لا تُقيم علاقات دبلوماسيّة مع كيان الإحتلال بذلت جهودًا جبارّة لتهدئة الوضع في المسجد الأقصى.

 

وكالات